الكويت.. أزمات السياسية تعيق سعيها للحاق بركب النمو لدى جيرانها
الكويت تعدّ أكثر دول الخليج انفتاحا من ناحية النظام السياسي، إلا أنّها تشهد أزمات سياسية متكرّرة تعيق رغبتها في الإصلاح وتزيد الفجوة بينها وبين الدول النفطية المجاورة.
Table of Contents (Show / Hide)
ويشكو سكان الكويت البالغ عددهم نحو 4.5 ملايين نسمة، من تدهور البنية التحتية والخدمات العامة في البلاد التي تمتلك حوالى 7% من احتياطي النفط العالمي. ويعتبر صندوق الثروة السيادي التابع لها من أكبر هذه الصناديق في العالم.
ويقول رجل الأعمال الكويتي أحمد الصراف: "لست مطمئنا وأشعر بقلق كبير على أسرتي وعلى مستقبل أحفادي وعلى تعليمهم وعلى صحتي لأن المستشفيات لا توفر العلاج الكافي رغم أني مقتدر ماليا".
وتتناقض هذه الشكاوى مع الأوضاع في الدول المجاورة مثل الإمارات أو قطر حيث تحسّن مستوى جودة الحياة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بفضل تدفّق الاستثمار الأجنبي.
ويتذكّر الصراف بحسرة "هوية الدولة كانت ليبيرالية حين كانت الكويت مبدعة ومنفتحة في الثمانينات"، مضيفا "فيما انطفأنا، نمت الدول من حولنا".
وفي مؤشر على انحسار جاذبيتها، احتلت الكويت المرتبة الأخيرة بين 52 وجهة شعبية للوافدين الأجانب في الاستطلاع السنوي لمنظمة "انترناسيون" في العام 2022، بينما احتلت جارتها الإمارات المرتبة السادسة.
على النقيض من الدول الخليجية الأخرى، تتمتّع الكويت بحياة سياسية نشطة وبرلمان قوي، رغم أنّ مفاتيح السلطة تبقى بشكل أساسي في أيدي عائلة الصباح الحاكمة.
وغالبًا ما يتم تعيين وزراء من العائلة المالكة، لكن سرعان ما يواجه بعضهم استجوابات في البرلمان وسط اتهامات بسوء الإدارة وحتى بالفساد.
وهذه التوترات المتواصلة بين السلطة التنفيذية والبرلمانيين، والتي أدت إلى تغيير حكومات كثيرة وحل البرلمان مرّات عدّة، أعاقت أي محاولة للإصلاح وقلّّصت من شهية المستثمرين.
وترى الباحثة في معهد دول الخليج العربية كريستين ديوان، أن مشاكل الحكم في الكويت تنعكس في "فشل التخطيط وتزايد الصعوبات الاجتماعية".
ويشير الخبير الاقتصادي في شؤون الخليج جاستن ألكسندر إلى أنّ البلاد لديها "ديون قليلة جدًا، وأكبر صندوق للثروة السيادية في العالم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وأكبر احتياطي نفطي في العالم مقارنة بالسكان".
غير أنّ "الاختلالات السياسية في السنوات الأخيرة منعتها من اتّخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على ارتفاع الإنفاق وتوليد الإيرادات غير النفطية وتنويع اقتصادها"، بحسب الخبير.
وقد انتعشت البلاد التي عانت من عجز كبير في موازنتها خلال فترة وباء كوفيد، مع ارتفاع أسعار النفط الذي يشكّل 90% من إيراداتها، في السنة الأخيرة.
وفي وقت تكافح الكويت بقيادة ولي العهد الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح البالغ من العمر 82 عامًا، لتنفيذ خطة إصلاحية أقرت في العام 2018، تضاعف الأنظمة المجاورة التي يقودها جيل جديد من المسؤولين، المشاريع لتنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على الذهب الأسود.
وقد وعدت الحكومة الأخيرة بمعالجة قضايا مهمة مثل مشاريع التنمية ومكافحة الفساد، لكنّها استقالت في 23 كانون الثاني/يناير بعد ثلاثة أشهر فقط من تشكيلها، ثم تمّ هذا الشهر حلّ البرلمان الذي كانت المعارضة تحتلّ غالبية مقاعده بسبب "أخطاء" في قرار حلّ البرلمان الذي سبقه.
وكان البرلمان يستعد لتمرير مشروع قانون مثير للجدل يطالب الدولة بتغطية القروض الاستهلاكية والقروض الشخصية التي تعاقد عليها الكويتيون، ما أثار استياء الحكومة التي اعتبرت الإجراء مكلفًا للغاية.
وتقول ديوان "كما هي الحال في العديد من الديموقراطيات الغربية، يعاني النظام شبه البرلماني في الكويت من الانقسامات الاجتماعية والمطالب الشعبوية".
وكتب المحلّل الكويتي بدر السيف على "تويتر": "الشارع الكويتي منهك"، مستنكرًا "الجمود الدائم".
وأضاف: "السياسة في الكويت بحاجة الى إعادة ضبط"، داعيا الى "حوار وطني ودستور جديد".
المصدر: فرانس برس