ما هي تداعيات انهيار البنوك الأمريكية على العرب والخليج؟
التصدعات التي لحقت ببعض البنوك الأمريكية، أثرت على أداء مؤشر القطاع المصرفي الخليجي سلباً، وسط توقعات بأن تتأثر المنطقة العربية والخليجية بالأزمة المصرفية الحالية التي امتدت من أمريكا إلى أوروبا، خاصة الدول التي تعاني من شح الدولار ومن مشاكل اقتصادية.
Table of Contents (Show / Hide)
ومنذ الإعلان عن انهيار 3 بنوك في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، فيما يعتبر أكبر إفلاس بنكي يحدث منذ الأزمة الاقتصادية عام 2008، والمخاوف تتزايد من تأثير انتشار هذه الظاهرة على البنوك والأفراد حول العالم.
والمصارف التي أعلنت الانهيار هي "سيلكون فالي" و"سيغنتشر" و"سيلفر غيت"، وهذه البنوك تغطي احتياجات الشركات، وتعمل مع قطاع صناعة التكنولوجيا، والذي كان يعاني بسبب الانخفاضات الحادة في أسواق العملات المشفّرة وما تبعه من توتر بين المستثمرين.
ووفق تقديرات رسمية، امتد صدى أزمة إفلاس المصارف الأمريكية إلى بورصات عدد من الدول الخليجية بخسائر بلغت أكثر من 50 مليار دولار.
دول مفتونة"
يرى الخبير الاقتصادي ناصر قلاوون، أن رأس المال العربي والدول الصاعدة اقتصادياً في المنطقة العربية "مفتونة" بالنظام الأمريكي الرأس مالي، الذي "يقع ثم يُصلح نفسه" لارتباطه بالدولار والقوة الصناعية على مدى قرون بالاقتصاد الأمريكي.
إلا أنه وبحكم أن الاستثمارات في بنك سيليكون فالي ضخمة والمنطقة العربية مرتبطة بكل ما يحصل في أمريكا بالشركات الكبرى كـ "مايكروسوفت" و"جوجل" وغيرها، فإن صناديق سيادية عربية وأثرياء عرب يشترون أسهما في هذه الشركات؛ ما يجعل المصلحة مشتركة، بحسب قوله.
ويعتقد قلاوون أن المنطقة العربية تتأثر بالقطاع المصرفي الأمريكي، وخصوصاً دول المنطقة الخليجية؛ بسبب الاستثمارات العالمية المباشرة وغير المباشرة، وارتباط عملاتها بالدولار، والارتباط الأمني والاستراتيجي مع واشنطن.
ويتفق معه الخبير الاقتصادي منير سيف الدين، حين توقع أن تتأثر الشركات والبنوك الخليجية التي لديها استثمارات في شركات التكنولوجيا الأمريكية بشكل عام، والبنوك والقطاعات المصرفية بشكل خاص، لكنه شدد على أن التأثير "لن يكون كبيراً بالوقت الحالي فقط".
ويحذر من أن عدم تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة والمسارعة لوقف تدحرجها سيزيد الطين بلة، وستتوسع الخسائر، ومن ثم ستزيد الخسائر الخليجية والعربية عموماً.
ويري أن وصول الأزمة إلى الشرق الأوسط سيعني "انهيارات سريعة ومتدحرجة؛ لكونها أقل استقراراً وتحظى بمخاطر عالية".
تأثر عربي واستقرار خليجي
كما يتوقع أستاذ الاقتصاد في كلية أوكلاند الأمريكية مصطفى شاهين، أن تتأثر بعض الدول العربية بالأزمة المصرفية في الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة مصر والسودان وتونس ولبنان، حيث ستعاني هذه الدول من ارتفاع أسعار الدولار والذهب، وارتفاع الأسعار عموما في مقابل انخفاض قيمة العملة الوطنية.
أما الدول الخليجية، فيصفها شاهين بأنها من أفضل الاقتصادات في العالم من ناحية القوة المالية والمؤشرات، ففي قطر والكويت والسعودية وغيرها، هناك احتياطيات مالية ضخمة جدا بالدولار تستطيع أن تنقذ أي بنك يتعرض لأزمة.
ويقول إن البنوك المركزية في الخليج قوية جدا، ولديها احتياطيات ضخمة جدا من النقد الأجنبي، لكن المشكلة بالعالم العربي؛ في ضرورة الخروج من إطار نمط الفوائد البنكية التقليدية للنظم الإسلامية؛ مثل نظامي المشاركة والمرابحة، وهذا بدوره يتطلب توفير معايير أخرى.
وهو ما ذكرته وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، حين لفتت إلى أن التأثير سيكون محدوداً على مصارف الخليج، لتمتعها بمرونة كبيرة تجاه هذه الأزمة؛ بسبب الدعم الحكومي للمصارف.
أما المحلل الاقتصادي أحمد عقل، فيقول إن هناك أكثر من نوع من التأثر، مثل المباشر، وهو ما يتعلق ببعض البنوك والجهات الموجودة في بعض دول الخليج التي أعلنت أن لديها بعض التعاملات والانكشافات مع هذا البنك.
تلك العلاقة سيكون لها تأثير مباشر على أعمال هذه المؤسسات الخليجية، وفق عقل، الذي يضيف قائلاً: "لكن التأثير لن يكون بأرقام ضخمة لا تتحملها هذه المؤسسات المالية، بل العكس فالأرقام تؤكد أنها غير مؤثرة بشكل كبير".
ويشير إلى أن بعض الشركات التي تعمل مع البنوك الأمريكية الخاسرة ستتأثر، مستدركاً: "لكن يوجد عدد قليل من هذه الشركات التي تعمل في الخليج".
ويتطرق عقل إلى التأثيرات غير المباشرة، موضحاً: "رأينا مع سقوط بنك سيليكون فالي كيف كان هناك ضغط غير طبيعي على النظام المصرفي الأمريكي، ورأينا بنوكاً في أوروبا وآسيا تنخفض بشكل واضح حتى في الأسواق الخليجية".
المصدر: الخليج الجديد