وذكر هندرسون، في تحليل نشره بموقع المعهدوترجمه "الخليج الجديد"، أن وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، قال للصحفيين في الرياض إن "التأجيل، أو بالأحرى تمديد بعض المشروعات، سيخدم الاقتصاد"، مؤكدا أن مراجعة جميع الخطط تجري على أساس "العوائد الاقتصادية والاجتماعية والتوظيف ونوعية الحياة من بين عوامل أخرى".
ورغم أن الجدعان لم يذكر أسعار النفط كسبب لتأجيل بعض المشروعات، إلا أن تلك الأسعار هي الحاسمة بالنسبة لكل القضايا الاقتصادية التي ناقشها مع الصحفيين، حسبما يرى هندرسون، مشيرا إلى أن السعودية كانت بحاجة إلى سعر نفط لا يقل عن 80 دولارًا للبرميل من أجل تمويل رؤية 2030، ويمكن القول إنها تحتاج إلى سعر أعلى الآن بعد أن خفضت الإنتاج في محاولة للحفاظ على ارتفاع الأسعار.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قدر صندوق النقد الدولي أن الرياض ستحتاج إلى سعر 86 دولارًا للبرميل لتحقيق التعادل في ميزانيتها.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول، أغلق السعر الفوري لخام برنت المتداول على نطاق واسع تحت 75 دولارًا للبرميل، في حين كان تداول خام غرب تكساس الوسيط المنتج في الولايات المتحدة أقل من 70 دولارًا.
وتعزز الندرة النسبية للاستثمار الأجنبي المباشر أهمية أسعار النفط للسعودية، "إذ يبدو أن العديد من الشركاء الاقتصاديين المحتملين ينتظرون تحسين البنية التحتية لرؤية 2030 قبل تخصيص الأموال لمشروعات جديدة في المملكة"، بحسب هندرسون.
وأشار إلى أن رؤية 2030 أعلنها ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، في عام 2016، واعتبرت أهدافها مفرطة في الطموح منذ البداية، حيث توقع عديد المراقبين أن الرياض ستحتاج إلى حتى عام 2035 أو 2040 قبل أن تتمكن حقًا من تنويع مواردها الاقتصادية بعيدا عن النفط.
ولم يعلق بن سلمان علنًا بعد على إعادة جدولة مشروعات رؤية 2030، على الرغم من أن الجدعان صرح بأن ولي العهد يرأس اللجنة المسؤولة عن مراجعة الجداول الزمنية للمشروعات.
وكجزء من تركيزه العام على حفظ أسعار النفط المرتفعة، يرى هندرسون أن بن سلمان جعل هذه القضية على رأس جدول الأعمال خلال اجتماعه في 6 كانون الأول/ديسمبر مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الرياض، واصفا ذلك بأنه "ليس مفاجئاً بالنظر إلى أن روسيا والمملكة العربية السعودية هما أكبر منتجين في تكتل أوبك +".
ورغم تأجيل بعض المشروعات، يشير هندرسون إلى أن الرياض لاتزال متمسكة بمطلبها الخاص بنقل الشركات الأجنبية مقرها الإقليمي إلى السعودية بحلول الأول من يناير/كانون الثاني القادم إذا أرادت التقدم للعطاءات على العقود الحكومية.
وينوه مدير برنامج برنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن إلأى أن العديد من الشركات الأجنبية العاملة في السعودية من دولة الإمارات العربية المتحدة مقرا إقليميا منذ فترة طويلة، حيث أصبحت دبي وجهة مفضلة للمديرين التنفيذيين المغتربين الذين يتنقلون من وإلى الوجهات السعودية أسبوعياً.
كما لفت هندرسون إلى مؤشر آخر على التفكير الاقتصادي للرياض، هو الميزانية التي أعلنتها في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتي توقعت عجزًا متواضعًا نسبيًا قدره 21 مليار دولار.
وأشار إلى أن الرقم المتوقع للإيرادات الحكومية أظهر انخفاضًا بعد تخفيضات إنتاج النفط التي لم تسفر عن ارتفاع الأسعار، ما يشير إلى أن "الثقة البيروقراطية السعودية تتعرض للتحدي بالفعل"، حسب تعبيره.