وفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، فإن فشل رؤية 2030 أجبر المملكة على إعادة تقييم أولوياتها. فمنذ انطلاقها، اعتمدت السعودية على إنفاق مليارات الدولارات من خلال صندوقها السيادي الذي بلغ حجمه 925 مليار دولار، ولكن مع تزايد الالتزامات الداخلية، بدأت المملكة في تطبيق سياسات تقشفية، وأصبح من الواضح أن حقبة الإنفاق غير المنضبط قد انتهت.
وقد أكد مصرفيون أن الشركات لم تعد تتهافت على أبواب الرياض بالوتيرة السابقة، مما يدل على تراجع جاذبية المملكة كمصدر سهل للتمويل والاستثمار.
مشروع نيوم: حلم ضخم أم واقع محدود؟
من بين المشاريع التي طالتها موجة التقشف هو مشروع مدينة نيوم العملاق. كان من المخطط أن يمتد مشروع "الخط" داخل نيوم على مسافة 170 كيلومتر، ليكون موطناً لـ 1.5 مليون نسمة، إلا أن الحقائق الجديدة تشير إلى أن المشروع لن يمتد أكثر من 2.5 كيلومتر، وسيستوعب فقط 300 ألف نسمة، مما يعكس تقليصاً كبيراً في حجم الطموحات.
الأسباب الكامنة خلف الفشل
إن الأسباب التي تقف وراء فشل رؤية 2030 متعددة، ومنها ما يتعلق بطبيعة الرؤية ذاتها. فهي خطة طموحة لكنها معيبة من جوانب عدة:
مبالغة في الطموحات: حيث تعكس رؤية 2030 مخططاً ضخماً يبدو بعيد المنال في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة.
إهمال العوامل السياسية والاجتماعية: تعتمد الرؤية بشكل مفرط على الجانب الاقتصادي، دون معالجة القضايا السياسية والتحديات الاجتماعية مثل النزعة القبلية والدين، وهما عنصران يلعبان دوراً محورياً في المجتمع السعودي.
الاعتماد على النفط: لم تعالج الرؤية بشكل كافٍ مسألة الاعتماد السعودي على النفط، الذي لا يزال يمثل أكثر من 90% من الميزانية السنوية.
إهدار الوقت والفرص:
بدا واضحاً أن المملكة قد أهدرت وقتاً ثميناً في الماضي، حيث أنفقت تريليونات الدولارات بين عامي 1970 و2014 على تسع خطط خمسية للتنمية، ولكن هذه الخطط لم تحقق الاستقلال الاقتصادي المطلوب، بل استمر الاعتماد على عائدات النفط. ومع مرور السنوات، بات من الواضح أن رؤية 2030 لم تستطع الابتعاد عن هذا المسار الخاطئ، ما يجعل احتمالية فشلها حتمية.
وعود كاذبة وتراجع في الاستثمارات
رغم الترويج المكثف لرؤية 2030، فإن ولي العهد محمد بن سلمان فشل في تحقيق وعوده المتعلقة بجذب الاستثمارات الخارجية، على الرغم من بعض التسهيلات التي أطلقت لجذب الشركات العالمية، إلا أن هذه الجهود لم تؤتِ ثمارها، التقارير الاقتصادية أكدت صحة التحذيرات التي أطلقتها المعارضة والخبراء الاقتصاديون، بأن المملكة ستعاني من عجز في تحقيق أهدافها الطموحة.
ختاماً: رؤية مشوهة ومستقبل غير مؤكد
لقد تم ترويج رؤية 2030 على أنها الأمل الجديد للمملكة لتحقيق التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة. ولكن مع فشلها في معالجة المشكلات الأساسية للاقتصاد السعودي، والتقشف الذي بدأ يؤثر بشكل مباشر على مشاريعها الكبرى، بات من الواضح أن الوعود الكبيرة التي أطلقها ولي العهد كانت مبالغ فيها. المملكة تواجه اليوم تحدياً كبيراً في إعادة صياغة أولوياتها الاقتصادية إذا أرادت الخروج من هذا المأزق وتحقيق تقدم حقيقي على أرض الواقع.
المصدر: سعودي ليكس