وكانت هذه المعاهدة هي المعاهدة الأولى بين العرب وإسرائيل. كما كان أنور السادات أول رئيس لدولة عربية يصنع السلام مع إسرائيل ويعترف بهذا النظام.
في مثل هذه الظروف، سمى آية الله الخميني الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يوما للقدس، ومع تأثيره في الحفاظ على مركزية القضية الفلسطينية في العالم الإسلامي، إلا أنه خلق نقطة تحول جديدة في القضية الفلسطينية، وهي "المقاومة". ضد إسرائيل وتوفيرها أرضية لتشكيل حركات مقاومة ضد إسرائيل وتحرير القدس.
ورغم أن توقيع اتفاقية كامب ديفيد لقي معارضة عربية في البداية وأدى إلى طرد مصر من الجامعة العربية، إلا أنه كان لها تأثير مهم على العالم العربي، بما في ذلك فتح الطريق أمام بعض الأنظمة العربية للاعتراف بوجود إسرائيل. .لمعرفة
وفي مواجهة هذا الاتجاه الناشئ كان لا بد من تشكيل اتجاه آخر، وكانت مبادرة آية الله الخميني هي تشكيل هذا الاتجاه، أي مقاومة التسوية العربية ومعارضة الاعتراف بإسرائيل ودوس الحقوق الفلسطينية.
ولم يكن تشكيل حركة المقاومة إلا أحد أهداف آية الله الخميني في تسمية يوم القدس. الهدف الثاني المهم جداً لآية الله الخميني كان إحياء القضية الفلسطينية. وقيام إسرائيل ومصالحة العرب مع هذا النظام كان يعني تسوية القضية الفلسطينية. لقد سعى آية الله الخميني إلى إبقاء القضية الفلسطينية والقضية الفلسطينية حية.
إن أحد أهم أهداف آية الله الخميني في تسمية يوم القدس، والذي يكمن في قلب هذه التسمية، هو مواجهة الحكم الأمريكي على الشرق الأوسط وتنفيذ خطته الأهم، خطة الشرق الأوسط الجديد، التي تقوم فيها المنطقة يجب أن تتغير بطريقة توفر مصالح إسرائيل والولايات المتحدة. إن تسوية القضية الفلسطينية كانت حجر الزاوية في الشرق الأوسط الأميركي الجديد، ويوم القدس يعني المقاومة ضد المخططات الأميركية والإسرائيلية.
كما أن تسمية آية الله الخميني بيوم القدس غيرت طبيعة القضية الفلسطينية من قضية عرقية عربية إلى قضية إسلامية عالمية. وهذا يعني أن ما يحدث في فلسطين يتعلق بجميع المسلمين وجميع الأحرار في العالم. وهذا يعني أن مواجهة إسرائيل لم تكن واجباً على الفلسطينيين أو العرب فقط، بل واجب إسلامي في الدرجة الأولى وواجب إنساني في الدرجة الثانية. والحقيقة أن آية الله الخميني حاول استخدام كل الإمكانيات لمواجهة إسرائيل.
لقد سعى آية الله الخميني إلى خلق ثقافة سياسية جديدة تقوم على الولاء للأمة الإسلامية والولاء للإنسانية بدلا من الولاء للقبيلة والأمة في قضية فلسطين. ورأى أن فلسطين أولوية مهمة على مستوى الأمة الإسلامية وحتى العالم، ولهذا يجب تقديم كافة التسهيلات لتحريرها، الأمر الذي يتعارض مع السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
ولو نسيت القضية الفلسطينية مع عملية التسوية والتطبيع التي قامت بها بعض الأنظمة العربية، لكان الشرق الأوسط اليوم تحت حكم وسيطرة أمريكا والصهيونية العالمية. إن تصرف آية الله الخميني ومبادرته الفريدة بتسمية يوم القدس لم تكن سببا في الوقوف ضد سياسات الاستكبار العالمي والصهيونية الدولية في المنطقة فحسب، بل شكلت أيضا الأساس لتشكيل مقاومة إقليمية ضد هذه التيارات.
وأخيرا، ونظرا لدعم الغرب ومحور التسوية الإقليمية ضد جرائم إسرائيل، فإن يوما مهما مثل يوم القدس سيكشف أسباب جرائم هذا النظام أمام الرأي العام العالمي. ورغم صمت القوى العالمية أمام هذه الجرائم بل ودعمها، فإن الرأي العام العالمي ومؤسسات حقوق الإنسان يشير إلى إسرائيل على أنها نظام إجرامي قاتل للأطفال.