جنة العصابات في دبي: كيف تُغسل أموال المخدرات البريطانية؟
خلال السنة الماضية، كشف مراسلون من صحيفة التايمز وصحيفة صنداي تايمز ونيز كورب أستراليا عن أسرار صناعة الكوكايين العالمية في إطار العمل على بودكاست جديد بعنوان “كوكايين إنك”. وهذه هي القصة الخفية لأخصائيي التجميل البريطانيين الذين تم تجنيدهم كحاملين للنقود من قبل عقل مدبر إجرامي.
Table of Contents (Show / Hide)
كان اثنان من تجار المخدرات البريطانيين يتجولان في متاهة الأزقة في سوق الذهب في دبي. كان الهواء رطبا والشوارع مكتظة بالسيارات والدراجات النارية التي تطلق التزميرات على بعضها البعض للتحرك، بينما يقوم حراس الأمن الخاص بدوريات في المنطقة. تعرِض واجهات المتاجر قلائد ذهبية على شكل أوراق الزيتون، وأساور ذهبية مكتوبة عليها أسماء بالخط العربي، وأساور من الذهب عيار 24 قيراط مرصعة بالياقوت والزمرد، وسبائك من الذهب الخالص تباع بالنصف كيلو أو الكيلوغرام.
هذا السوق موجود في منطقة ديرة بدبي منذ أوائل القرن العشرين، لكنه ازدهر بشكل كبير في الأربعينات عندما فتح التجار من إيران والهند متاجر فيه. وتحتوي السوق في أي وقت على حوالي عشرة أطنان من الذهب بقيمة 600 مليون جنيه إسترليني، وذلك وفقًا للمرشدين السياحيين المحليين.
كان تاجرا المخدرات يرتديان قمصانًا أنيقة ونظارات شمسية فاخرة، ودخلا أحد المتاجر المكيفة، حيث يجتمع مجموعة من الرجال لإبرام صفقات أمام شاشة تلفزيون تعرِض أسعار الذهب اليوم. وكانت صورة كبيرة للشيخ محمد آل مكتوم، حاكم دبي، معلقة على الحائط. وبدا أحد تجار الذهب، في أوائل الثلاثينات من عمره، ذو شعر أسود كثيف وابتسامة رقيقة، أكثر لطفا من البقية. وحفاظا على سلامته قمنا بتغيير اسمه إلى راشد.
قال راشد “حسنا يا رئيس، كيف حالك؟”. وتوجّه إلى الخزنة وأخرج سبيكة ذهبية تزن 0.5 كيلوغرام، وهي أصغر من الهاتف المحمول وثقيلة بشكل مخادع تبلغ قيمتها حوالي 30 ألف جنيه إسترليني. وحرصا على إتمام عملية البيع، كان يقوم بتسليم بطاقة عمله. وبعد بضعة أيام، أعاد البريطانيون الاتصال عبر الهاتف. وأخبروه أنهم يريدون الشراء، لكن لديهم اعتراف يقدّمونه: وهي أن أموالهم ربما يكون مصدرها تجارة المخدرات في المملكة المتحدة. كانوا قلقين بشأن الفحوصات التي ستجريها السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة. لهذا السبب، كان راشد يدرس العرض بعناية.
كان يريد من الرجال أن يحضروا له الأموال بالعملة المحلية، الدرهم، بدلاً من الجنيه الإسترليني. وقال إن المعاملة الواحدة يمكن أن تصل إلى حوالي 3 كيلوغرام من الذهب، بقيمة 180 ألف جنيه إسترليني، دون أي فحوصات على مصدر الأموال. وقال “إذا تجاوزت البضاعة أربعة أو خمسة كيلوغرام، سنسأل عن مصدر الأموال. أما إذا كانت أقل من ذلك – اثنين كيلوغرام أو ثلاثة – فلا توجد مشكلة. يمكنني أن أؤكد لكم”.
قارن هذا بحديقة هاتون، مركز المجوهرات في لندن، حيث تخبرنا شركتان لتجارة الذهب أنهما تقبلان ما لا يزيد عن 10 آلاف جنيه إسترليني نقدًا مع شكلين من بطاقات الهوية. وتقول إحدى شركات تجارة الذهب الكبيرة إنها توقفت عن قبول النقد بالكامل في السنة الماضية.
قال راشد إن لديه ورشة عمل يمكنها تشكيل الذهب إلى مجوهرات، مثل القلادة، التي يمكن ارتداؤها تحت الملابس لتمريرها عبر الجمارك في المملكة المتحدة. وأضاف: “لدي واحد أو اثنين من العملاء البريطانيين. إنهم يشترون عادة سلسلة عيار 24 قيراطًا. ويقولون إذا أخذت سبيكة ذهب فستكون هناك مشكلة في المطار. لذلك عادة ما يحولونها إلى قلادة ولا توجد مشكلة في ذلك. وسأل تجار المخدرات عن المبلغ الذي يمكن إنفاقه على سلسلة ذهبية. فأجاب راشد: “ليس هناك حد يا أخي. كل ما تحتاجه للمعاملة هو جواز سفر”.
في الواقع، تاجرا المخدرات هذين هما صحفيان سريان من صحيفتي التايمز وصنداي تايمز، يتصرفان بناءً على معلومات من الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة بأن المجرمين المنظمين في بريطانيا يقومون بتهريب ملايين الجنيهات الاسترلينية من أموال المخدرات عبر مطارات المملكة المتحدة إلى دبي، حيث يقومون بغسل الأموال من خلال الاستثمار في تجارة الذهب. ولدى الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة أدلة على أن الأموال المهربة تُستخدم من قبل المجرمين لشراء سبائك الذهب إما في أسواق دبي أو في أفريقيا، حيث تقبل عمليات تعدين الذهب غير القانونية النقد دون أي ضوابط على مصدر الأموال.
ينجذب غاسلو الأموال إلى الذهب ليس فقط لأن هذا المعدن الثمين يحتفظ بقيمته مع مرور الوقت، وإنما بسبب قابليته للتشكيل – حيث يمكن صهره وإعادة صياغته، مما يؤدي إلى إخفاء مصدره الحقيقي.
قال سال ملكي، رئيس قسم التهديدات المالية غير المشروعة في الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، إن “الشيء الوحيد الذي يعرفه الجميع عن الذهب هو أنه يكلف الكثير من المال، وقد ثبت تاريخيا أنه مخزن ممتاز للقيمة”. وقالت الوكالة إن الذهب يتم تخزينه من قبل المجرمين، إما عن طريق تهريبه إلى المملكة المتحدة كمجوهرات تحت الملابس، أو عن طريق الاحتفاظ به في خزانة في دبي، حيث يمكن بيعه أو المتاجرة به لاحقًا.
هذه واحدة من الطرق التي يستخدم بها المجرمون البريطانيون الذهب لغسل أموالهم القذرة – وهي طريقة تقول وكالة الجريمة الوطنية إنها تُستخدم من قبل المحتالين ذوي المستوى المنخفض نسبيًا.
وكجزء من سلسلة بودكاست جديدة من إنتاج صحيفة التايمز وصنداي تايمز ونيوز كورب أستراليا تحت عنوان “كوكايين إنك”، التي تدرس تجارة المخدرات العالمية، كشفنا عن شبكة من الشركات والشركات الوهمية التي تربط أموال المخدرات من شوارع بريطانيا بغاسلي الأموال في دبي وعمليات تعدين الذهب بأكملها في أفريقيا. وللقيام بذلك، قمنا بتتبع مسار الأموال الخاصة بأكبر عملية تهريب نقدي في المملكة المتحدة.
لا يقوم تجار المخدرات رفيعو المستوى بتهريب الأموال النقدية بأنفسهم، بل تقوم عصابات الجريمة المنظمة بتجنيد “وسيط مالي” – ركاب الخطوط الجوية المستعدين لتهريب الأموال النقدية في حقائب السفر من مطارات المملكة المتحدة – لنقل مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية خارج البلاد. وقد تم القاء القبض على هؤلاء الوسطاء، الذين يتم إغرائهم بوعد رحلات مجزية على درجة الأعمال، وعطلة فاخرة مجانية ومبلغ نقدي يبلغ حوالي 3000 جنيه إسترليني في نهاية الرحلة، وبحوزتهم ما يصل إلى نصف مليون جنيه إسترليني نقدًا في كل حقيبة.
لا توجد قيود على المبلغ النقدي الذي يمكن إحضاره إلى الإمارات، ولكن يجب التصريح عن أي مبلغ يزيد عن 60 ألف درهم (حوالي 13 ألف جنيه إسترليني) في الجمارك. وتشبه هذه القواعد تلك المعمول بها في بريطانيا والاتحاد الأوروبي. ولكن يكمن الفرق، وفقًا لمسؤولي إنفاذ القانون المقيمين في بريطانيا، في الدقة المطبقة في الإمارات لتحديد مصدر الأموال.
تمت إدانة حوالي 34 وسيط أموال في بريطانيا خلال السنوات الخمس الماضية كجزء من ثلاث عمليات إجرامية منفصلة، من بينهم جو إيما لارفين (45 سنة)، وهي عارضة أزياء سابقة كانت تواعد بطل الملاكمة الويلزي جو كالزاغي. وتشمل القائمة أيضا خبراء التجميل، وصانعي المحتوى على إنستغرام، ورجال العصابات المقيمين في غرب لندن، وسائق سيارة أجرة تشيكي. كان المدانون الـ 34 مسؤولين عن تهريب 200 مليون جنيه إسترليني نقدًا إلى دبي. لكن وفقًا للمحققين والوسيطة السابقة التي خاطرت بسلامتها للتحدث إلينا، فإنهم لا يمثلون سوى غيض من فيض.
فرانشيسكا الوسيطة المالية
في أحد الفنادق بشمال إنجلترا، كان القلق يبدو على امرأة ذات شعر مصفف وأظافر مطلية. تم تبادل رسائل واتساب معها منذ أشهر، وهي قلقة بشأن سلامتها وتشعر بالقلق من احتمال تعرضها للخطر. لهذا السبب، تم تغيير اسمها هنا إلى فرانشيسكا.
عملت خبيرة التجميل فرانشيسكا بمثابة وسيط مالي لعصابة “سانشاين ولولي بوبس” – وهو اسم مجموعة واتساب المستخدمة لتنظيم رحلاتهم الجوية وتهريب الأموال. قامت هذه المجموعة بتهريب ما يصل إلى 110 ملايين جنيه إسترليني من مطارات المملكة المتحدة إلى دبي بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 وتشرين الأول/ أكتوبر 2020. وقد دبّر العملية عبد الله محمد علي بن بيات الفلاسي، وهو مواطن إماراتي تنحدر زوجته من عائلة إماراتية ثرية. قام الفلاسي، الذي يقضي حاليًا تسع سنوات في السجن في بريطانيا لدوره في عمليات غسيل الأموال، بتجنيد عدد من الشابات البريطانيات ليس لديهن سجلات جنائية حتى لا يثرن الشكوك في مطارات المملكة المتحدة.
كانت فرانشيسكا، وهي أم لابن بالغ في الأربعينات من عمرها، واحدة منهن. في سنة 2019، قبل أن تنضم إلى العصابة، كانت حياتها جيدة. قالت “كنت قد خرجت للتو من علاقة سيئة، وانتقلت إلى منزل جميل”. كانت تعمل لحسابها الخاص وتجني ما بين 4000 إلى 6000 جنيه إسترليني شهريًا كخبيرة تجميل. وكانت عزباء في ذلك الوقت ومواطنة تلتزم بالقانون. وأوضحت “كانت مسيرتي المهنية مثلما أردت أن تكون بالضبط. لقد كانت لياقتي البدنية جيدة، وكان لدي مجموعة رائعة من الأصدقاء وكنت سعيدة جدًا جدًا”.
في شهر آذار/ مارس 2020، دخلت المملكة المتحدة في حالة إغلاق في ظل انتشار جائحة كوفيد-19. قالت فرانشيسكا، التي تكسب عيشها من رؤية العملاء وجهًا لوجه: “لقد قلبت فترة الإغلاق حياتي رأسًا على عقب تمامًا. لقد كنت عاطلة عن العمل، لذا تعرضت لأزمة مالية. كان علي أن أطلب المساعدة من أمي وأبي، ولم يكن لديهما الكثير من المال. كنت مديونة بمبلغ 20 ألف جنيه إسترليني وتأخرت في دفع الإيجار. كنت أفكر في أنني قد أخسر منزلي؟”.
انتشرت الأخبار في مجال صناعة التجميل حول فرصة جني الأموال بسرعة وسهولة من خلال نقل الحقائب إلى دبي. وقالت “التقيت بصديقة وكانت تعمل في مجال مماثل لي، لذلك كنا نتبادل الملاحظات ونتقاسم مأساتنا. ثم قالت: “حسنًا، في الواقع، لقد أتيحت لي الفرصة للعمل في دبي. من خلال السفر بالطائرة في الدرجة الأولى والحصول على مبلغ معين”. كان أول سؤال أطرحه: “هل يتعلق الأمر بالمخدرات؟ لأنني كنت أعرف بأنني لن أقوم بتهريب المخدرات. لكنها أخبرتني بأن الموضوع يتعلق بتهريب الأموال”.
قد أوصلتها صديقتها إلى “مسؤولة التجنيد” – وهي امرأة مسؤولة عن تنظيم الوسطاء. قالت فرانشيسكا “لقد طُلب مني أن آخذ حقائب مليئة بالمال. ولم يتم إخباري بالمبلغ المحدد، لكنني كنت أعلم أنه أكثر من المسموح به قانونًا”.
كان ينبغي لمسافر الخطوط الجوية أن يُبلّغ جمارك المملكة المتحدة عن أي أموال نقدية بحوزته بقيمة 10 آلاف جنيه إسترليني أو أكثر عند السفر إلى الخارج، وكانت فرانشيسكا تعلم أنها تنتهك القانون. وحيال ذلك، قالت “لقد قيل لي دائمًا إنه بمجرد صعودنا على متن الطائرة، سيكون الأمر على ما يرام تمامًا لأن دبي تريد الأموال في بلدها. لذلك نعلن عنه هناك ولا توجد مشكلة”.
ذكرت أنها لم تكن تعلم في ذلك الوقت أن تلك الأموال مصدرها من بيع المخدرات. وحسب الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، فإن الحقائب تحتوي على الأموال التي جناها عدد من عصابات بيع المخدرات في البلدات والمدن البريطانية. لم تحدد الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة هذه العصابات بعد، على الرغم من أن الأدلة الأخيرة التي اطلعت عليها صحيفة صنداي تايمز تشير إلى أن أحد المستفيدين الرئيسيين كان عصابة “كيناهان”، وهي عصابة إجرامية دولية بقيادة كريستي كيناهان، ويُعتقد أنها تعيش في دبي.
التدفق النقدي في دبي
جاءت المهمة الأولى لفرانشيسكا في صيف سنة 2020. وفي يوم الرحلة، استقلت هي و”مرشدتها” القطار إلى لندن معًا. بالكاد نامت فرانشيسكا في الليلة السابقة، وكانت كل تفاصيل الخطة تدور في رأسها. طُلب منهم، عبر الواتساب، التوجه إلى مقهى في لندن في وقت معين. وقالت: “من وجهة نظري، كان على الجميع أن يجتمعوا في مقهى ستاربكس. وقد اختلف مكان المقهى في كل مرة”. انتظروا لساعات، وقد أخبرتها المرشدة أن هذا أمر شائع، فغالبًا ما تغير العصابة خططها في اللحظة الأخيرة. وفي النهاية وصل السائق، وكانت السيارة فخمة للغاية ومعتمة. وكان سائق متأنقًا بشكل يلائم السيارة التي يقودها”.
أخذهم السائق إلى منطقة ويست إند وتوقف خارج منزل كبير. شاهدت فرانشيسكا شخصين يخرجان ومعهما سبع حقائب سوداء صلبة وضعاها في صندوق السيارة – “قلت في نفسي تبا، اعتقدت أنه سيكون مبلغا كبيرا من المال”. لقد تلقوا خطابًا من شركة مسجلة مقرها في دبي تدعى “أومنفست”، المملوكة لشركة الفلاسي. قدمت هذه الرسائل للوسطاء شرحًا عن الأموال النقدية الموجودة في الحقائب التي من شأنها أن ترضي مسؤولي الجمارك في الإمارات العربية المتحدة: جاء في الرسالة أن عائدات مبيعات الذهب الدولية يتم تحويلها من لندن إلى دبي. وتم توقيع الرسائل من قبل الفلاسي.
أوصل السائق فرانشيسكا ومرشدتها إلى مطار هيثرو ولم يكن لديه سوى القليل من الوقت لتسجيل الوصول. طُلب من فرانشيسكا أن “ترتدي ملابسها” وأن تبدو “لطيفة متألقة بعض الشي”. وبينما كانت المرأتان تحملان الحقائب على الحزام الناقل عند إنجاز إجراءات السفر لطيران الإمارات، كان عقل فرانشيسكا ونبضها يتسارعان: “في المرة الأولى، خطرت ببالي مليون فكرة مثل، ماذا لو فتحوا الحقيبة؟ بينما في نفس الوقت كنت أبتسم وأتقمّص دور هذه السيدة الفاخرة في درجة الأعمال، حيث يعاملونك مثل الملوك ولا يطرحون عليك أي أسئلة حقًا”.
وقد نجحتا في العبور. وفي غضون ساعة، كانتا تسيران إلى الطائرة وتقدم لهما مضيفة الطيران الشامبانيا. لكن فرانشيسكا لم تستطع الاسترخاء. تخيلت نفسها “تجلس على متن الطائرة، ويبدو عليها بعض التعجرف، وتعتقد أنها نجحت في ذلك، ثم تنظر للأعلى لتجد رجال الأمن والشرطة يسحبونها من مقعدها أمام الجميع”. ولكن ذلك لم يحدث. قالت “بمجرد أن غادرت الطائرة المدرج، وكنت في الهواء وأنا أمسك بكأس الشمبانيا في يدي، شعرت بالارتياح – لا أستطيع أن أشرح ذلك الشعور”.
بعد سبع ساعات هبطت الطائرة في دبي، مدينة الذهب. وعند وصول المرأتين، تم إرسال رسالة عبر تطبيق واتساب تحتوي على رموز أرقام لفتح أقفال حقيبتيهما. دخلت فرانشيسكا إلى مكتب الجمارك في مطار دبي الدولي، وهو عبارة عن غرفة صغيرة ذات زجاج معتم وبداخلها عدد من ضباط الحدود. فتحت الحقائب لتكشف عن ملايين الجنيهات. لم تصدق عينيها. وأوردت قائلة “في المرة الأولى التي رأيت فيها المال شعرت وكأنني في فيلم أو أن المشهد ليس حقيقيا. لم أستطع أن أصدق حجم المبلغ. لم أكن أعتقد حقًا أنه سيكون بالملايين. وفكرت، ما هي المصيبة التي أقحمت نفسي فيها؟”.
أظهرت المرأتان للمسؤولين رسالة التوصية من “أومنفست”. وقالت: “كانوا ينظرون ولم يرف لهم جفن”. وحصلت على نموذج إقرار نقدي تحتاجه البنوك في دبي لإجراء الإيداع. وبعد أن سمح لها الجمارك بالمرور، كانت المحطة الأخيرة لفرانشيسكا هي قاعة الوصول، حيث كان هناك رجل ينتظر مقابلتهما ليرافقهما إلى سيارتين فاخرتين. وقالت فرانشيسكا: “ثم قالوا ببساطة: شكرًا”.
أخذت سيارة واحدة الحقائب المليئة بالنقود، بينما أخذت الأخرى المرأتين إلى فندق خمس نجوم، حيث مكثتا هناك لمدة ثلاثة أيام، تستمتعان بأشعة الشمس بجوار حمام السباحة. تم تسليم دفعة قدرها 3000 جنيه إسترليني نقدًا إلى الفندق في اليوم الأخير من الرحلة، لكن المرشدة فقط هي التي حصلت على المال. وفي هذه الرحلة، تم تصنيف فرانشيسكا كـ “رفيقة” في التدريب على القيام بنقل الأموال برحلة فردية في المستقبل. كما حصلتا أيضًا على الحقائب السبع الفارغة للعودة بها واستخدامها مرة أخرى. وقامت فرانشيسكا بنفس نوع الرحلة ثلاث مرات في سنتي 2019 و2020. وحصلت على 6000 جنيه إسترليني، وسددت بعض ديونها، وبقدر ما كانت تشعر بالقلق فقد تم إنجاز المهمة.
العقل المدبر الإماراتي
في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، في مكتب بمطار هيثرو، كان إيان تروبي، ضابط تحقيق كبير في وكالة الجريمة الوطنية، على وشك تلقي مكالمة هاتفية تنبّهه إلى اعتقال تارا هانلون، مستشارة التوظيف السابقة البالغة من العمر 30 عامًا التي حاولت تسجيل الوصول لرحلة إلى دبي ومعها 1.9 مليون جنيه إسترليني نقدًا في أمتعتها. كانت الأموال معبأة في أكياس تم إفراغها من الهواء ومغطاة بالقهوة، في محاولة واضحة لإبعاد الكلاب البوليسية.
كانت هانلون، التي قيل إنها تشبه نجمة تلفزيون الواقع والشخصية المؤثرة كيم كارداشيان، تحمل خمس حقائب معها في رحلة نهاية الأسبوع، مما أثار شكوك مسؤول الحدود حاد النظر. قال تروبي: “لم يكن لديها سجل إجرامي. وحسب روايتها الخاصة، كانت عاطلة عن العمل بسبب كوفيد. ولا يوجد ما يشير إلى أنها كانت مرتبطة بالجريمة بأي شكل من الأشكال. كانت مجرد شخص يبدو أنه عاش حياة نظيفة إلى حد ما… حتى تورطت بطريقة ما في هذا الأمر”.
مثل فرانشيسكا، كان لدى هانلون نسخة من رسالة من شركة أومنفست لتجارة الذهب. وكان الموقّع هو الفلاسي. وهذا أعطى تروبي خيطًا حاسمًا. بدأ فريقه التحقيق وتوصل إلى أن الفلاسي مواطن إماراتي يقضي وقته بين دبي والمملكة المتحدة. وكانت عائلة زوجته تمتلك شقة في بلغرافيا بلندن. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2021، اعتقله ضباط الوكالة الوطنية لمكافحة المخدرات في تلك الشقة. وصادروا هاتفه المحمول قبل أن يتمكن من التخلص منه، مما كشف عن أسلوبه التشغيلي ومدى عمليات التهريب التي يديرها وحجمها.
لقد عثروا على كنز دفين من مئات المواضيع على تطبيق الواتساب، التي تظهر الفلاسي وهو يحجز تذاكر السفر، ويتلقى صورًا لجوازات سفر ناقلي الأموال، ويقدم تفاصيل الرحلات الجوية، ومن هم، ومع من سافروا، والأمتعة التي أخذوها. ويقول تروبي: “لقد كانت لحظة من لحظات الرعب. كان هناك الكثير من البيانات على هذا الهاتف… لقد أعتقد أنه أفلت من العقاب لفترة طويلة وربما شعر بالرضا عن نفسه.”
لقد كونوا صورة عن نمط حياة الفلاسي حيث يمتلك ساعات باهظة الثمن، وشقة فخمة في لندن، وسيارات مرسيدس. ولم يكن لديه سجل إجرامي ولم يكن معروفًا لدى جهات إنفاذ القانون في أي مكان في العالم. وكان لديه واجهة رجل أعمال ناجح وشرعي، ومقره الرئيسي في الإمارات. واعتُبر الفلاسي زعيم العصابة واعترف بغسل الأموال في حزيران/ يونيو 2022. وحُكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات وسبعة أشهر، وكان يبلغ من العمر آنذاك 47 سنة.
كان تحقيق تروبي مهمًا حيث علمت السلطات البريطانية أن العصابات الإجرامية تعمل معًا لنقل كميات كبيرة من الأموال النقدية إلى الإمارات. وكان يتم تجميع الأموال في “بيت المحاسبة”، الذي يحل محل البنك بالنسبة للمجرمين، حيث يتم تجميعها والاحتفاظ بسجل للإيداعات واستخدام المهربين لنقل الأموال إلى دبي. وقام فريق تروبي بالقبض على المهربين واحدًا تلو الآخر حيث أسفر كل هاتف من هواتفهم عن المزيد من الأدلة. ولم تكن سوى مسألة وقت قبل أن يطرقوا باب فرانشيسكا.
نداء العدالة
في خريف عام 2020، قرأت فرانشيسكا في الصحف أن هانلون قد قُبض عليها في مطار هيثرو. ولم تكن تعرف هانلون لكنها أدركت أن قصتهما متشابهتان بشكل لافت للنظر. وتقول فرانشيسكا: “كان هذا هو الأمر حينها. لقد كان بمثابة آخر مسمار في النعش. واعتقدت أنني خارج هذا الأمر”. كانت تعتقد أنه تم القبض على المجموعة في نهاية المطاف بسبب التهاون: “لأنهم كانوا يفعلون ذلك بشكل متكرر. وكانوا يقولون: ’حسنًا، إن القيام بهذا الأمر سهل جدًا‘. وقد أصابهم الغرور بعض الشيء في ذلك”.
ومرت الأشهر بعد اعتقال هانلون ولم يحدث شيء: “لذا فقد دفنة الأمر في رأسي نوعًا ما، وظننت أنني أفلتت من العقاب. لقد انتهى جزء من حياتي ودفنته وأنا أمضي في حياتي”.
في أحد الأيام في الساعة السادسة صباحًا، سمعت قرعًا عاليًا على بابها. قالت: “كنت في السرير. وكنت أعتقد أنه ساعي البريد، فكنت أنزل الدرج بينما أشتمه”. لكن عندما فتحت الباب اقتحم 12 ضابطًا من الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة المنظمة المنزل عنوة. ارتدت فرانشيسكا ملابسها بصحبة إحدى الضابطات في غرفة نومها. وصادروا هاتفها وجهازها اللوحي وحاسوبها المحمول. قالت: “لقد قرأوا عليّ حقوقي وقالوا لي بشكل أساسي إنه تم اعتقالي بتهمة غسيل الأموال والتورط في عصابة إجرامية دولية – كنت أردد كلمات فقط مثل: ماذا؟ وانفجرت بالبكاء وأتذكر أن أحد الضباط كان لطيفًا للغاية وواساني لأنني كنت في حالة من الذهول”.
تم اقتياد فرانشيسكا إلى مركز الشرطة ووضعها في زنزانة. وقد أُدينت لاحقاً لدورها في عملية التهريب. وللحفاظ على سرية هويتها، لا يمكننا الكشف عن تفاصيل الحكم الصادر بحقها. ولكنها تصف التجربة بأنها كانت “مروعة”، وتركت لديها قلقًا شديدًا. قالت: “لقد جعلني هذا الأمر في حالة سيئة للغاية. لقد شاهدت مقطع فيديو لي في هذا الوقت من السنة الماضية وكنت أبدو وكأنني أحمل ثقل العالم على كتفي. وأبدو كشخص مختلف تمامًا”.
الصلة بأفريقيا
في أذار/ مارس من هذه السنة، صدر بحق الفلاسي أمر بمصادرة 3.4 مليون جنيه إسترليني. وهو يواجه عقوبة السجن لمدة عشر سنوات إضافية في حالة عدم دفعها. كان من بين أصوله التي تمت مصادرتها مدخراته واستثماراته في البنوك الإماراتية، وحصته من ممتلكات في الإمارات، وأمواله من العملات الرقمية في حساب بينانس، وسيارات من بينها سيارة مرسيدس جي 63، وشاحنة فورد بيك أب، وتويوتا ياريس، وثلاث ساعات رولكس وساعة باتيك فيليب. ولكن ما هو المدى الحقيقي لإمبراطورية الفلاسي الإجرامية؟
في سنة 2018، وجد تقرير للأمم المتحدة أن كميات كبيرة من الذهب المستخرج من أفريقيا كان يتم تهريبها إلى دبي. ولدى الوكالة الوطنية لمكافحة الفساد أدلة على أن الفلاسي كان يستثمر في الذهب الأفريقي. وقد ألقي القبض على أحد أفراد عصابته المزعومة وهو يحمل ذهبًا في تنزانيا. ويُشتبه في أن العصابة كانت تهرّب المعدن إلى دبي، حيث يمكن صهر السبائك وإعادة تسميتها بعلامات تجارية جديدة، مما يجعلها غير قابلة للتعقب. ويمكن بعد ذلك الاحتفاظ بالذهب في خزنة أو بيعه مقابل “أموال نظيفة” لاستخدامها في استثمارات مثل العقارات.
في قلب الحي المالي في دبي، يقع برج برايم تاور، وهو عبارة عن ناطحة سحاب زجاجية مكونة من 36 طابقًا مليئة بالكاميرات والحراس الأمنيين. ووفقًا للوثائق التي حصلت عليها هذه الصحيفة و”ذا نيوز موفمنت”، وهي مؤسسة إخبارية متخصصة في التحقيقات الاستقصائية، فإن برج برايم كان العنوان المسجل لشركة أومنفست غولد للتجارة. وتُظهر هذه الوثائق أن الفلاسي كان يشغل منصب العضو المنتدب والمدير العام لشركة أومنفست، التي تمت تصفيتها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، قبل أيام من اعتقاله. وعندما زرناه لم نجد أي لافتة على باب مكتبه السابق في أعلى المبنى. وقد خرجت امرأة لتنفي أن تكون جزءًا من أومنفست قائلة “لست متأكدة من الأمر. نحن مختلفون تمامًا”.
تُظهر سجلات الشركات في الإمارات أنه بالإضافة إلى شركة أومنفست، امتلك الفلاسي مجموعة واسعة من الشركات، بما في ذلك شركات البناء، ووكيل عقارات، وشركة مواد بناء، وشركة تأجير يخوت، وشركة تصنيع أبواب ونوافذ، وشركة زهور، وشركة خدمات سكرتارية، وشركة لتجارة الرخام والسيراميك، وشركة لتجارة المعادن. ولكن نفوذ الفلاسي تجاوز حدود الإمارات ليمتد إلى غانا في غرب أفريقيا، حيث كان مديرًا تنفيذيًا لشركة أتلانتيك القابضة، وهي شركة أم كبيرة تمتلك شركات تصنيع الصلب والتعدين وتجارة الذهب.
ووفقًا للموقع الإلكتروني لشركة أتلانتيك القابضة، الذي لم يعد موجودًا على الإنترنت، كانت أومنفست جزءًا واحدًا فقط من عملياتها. وحسب ما جاء في الموقع الإلكتروني، فإن “شركة أومنفست لتجارة الذهب هي ذراعنا التجاري في دبي المتخصصة في تجارة الذهب والماس الخام. نستورد الذهب الخام ونقوم بتكريره وبيعه للمؤسسات المالية داخل الإمارات”. ويزعم الموقع الإلكتروني أن شركة أومنفست كانت عضوًا في نظام عملية كيمبرلي لإصدار شهادات المنشأ في الإمارات – وهي مبادرة لوقف تجارة الماس الممول للصراعات.
كانت شركة “ماي غولد” جزءًا من شركة أتلانتيك القابضة، وهي شركة تعدين تمتلك أرضًا في بروفويدرو بمنطقة أشانتي في غانا. وعلى موقعها الإلكتروني، يُعرف الفلاسي باسم عبد الله بن بيات. ظهر في الصورة مرتديًا الثوب الأبيض الإماراتي وغطاء الرأس، ويبدو أصغر قليلًا من الصورة التي التقطتها له الشرطة. ويصفه الموقع بأنه يتمتع “بخبرة واسعة” في مجال العقارات، وحاصل على درجة الماجستير “من كلية شرطة دبي” وشهادة في إدارة الأعمال من جامعة يورك. ويذكر أنه مدير شركة أومنفست لتجارة الذهب وشركة أتلانتيك للاستثمار القابضة المحدودة في غانا.
العديد من الشركات التي كانت تديرها شركة أتلانتيك القابضة تديرها الآن شركة أخرى تدعى أتلانتيك ترست هولدينج، التي لديها مصالح في صناعة الصلب، والخدمات المصرفية، والتعدين والتطوير العقاري.
وقد تواصلنا مع مؤسسها ورئيس مجلس إدارتها، أليكس أسييدو، الذي لا يوجد ما يشير إلى ارتكابه أي مخالفات، والذي يقول: “تأسست شركة أتلانتيك ترست القابضة منذ ما يقارب 20 سنة حتى الآن ولم يكن لها أي تعاملات مع شركة أتلانتيك القابضة في دبي”. ويضيف: “كان الموقع الإلكتروني لشركة أتلانتيك القابضة في دبي تحت سيطرة الفلاسي وشريكه التجاري. لم يكن لنا أي علاقة بأي من أنشطته. وفي واقع الأمر، لم يكن لدي أي اتصال مع عبد الله [الفلاسي] منذ حوالي ثماني سنوات حتى الآن. لو كان هناك أي شيء على الإطلاق، سأكون شخصًا مبتهجًا لأن عبد الله استخدم نفوذه للتنمر على الناس حرفيًا.” ويضيف أنه لم يتم التحقيق مع شركته من قبل أي وكالة لإنفاذ القانون.
عند هذه النقطة ينقطع الأثر. وما حدث لمبلغ 110 ملايين جنيه إسترليني الذي تم تهريبه من المملكة المتحدة لا يزال لغزًا. وبمجرد دخول الأموال النقدية في تجارة الذهب العالمية، يصبح تعقبها شبه مستحيل.
في الشهر الماضي، وجدت دراسة أجرتها مؤسسة سويسيد أن حوالي 435 طنًا من الذهب غير المعلن عنه الذي تبلغ قيمتها حوالي 31 مليار دولار أمريكي تم تصديرها من أفريقيا في سنة 2022، 93 في المائة منها تم تهريبها إلى الإمارات.
وقال مارك أوميل، أحد معدي التقرير: “كمية الأموال الكبيرة هذه التي تغادر أفريقيا مرتبطة بغسيل الأموال والصراعات وقضايا حقوق الإنسان”، مضيفًا أن مجموعة العمل المالي، وهي الهيئة الدولية التي تتصدى لغسيل الأموال، يجب أن تعيد النظر في شباط/ فبراير الماضي في إزالة الإمارات من “القائمة الرمادية” للدول التي لديها إجراءات مكافحة ضعيفة.
وكانت مجموعة العمل المالي راضية عن قيام الإمارات بتحسين تعاونها في التحقيقات الدولية في غسل الأموال وتنفيذ المزيد من التحقيقات والملاحقات القضائية داخل حدودها. لكن البرلمان الأوروبي صوّت ضد مقترحاتها، مما يعني أن الإمارات لا تزال على قائمة الاتحاد الأوروبي عالية المخاطر.
قال مسؤول إماراتي: “تقوم دولة الإمارات بدورها في حماية نزاهة النظام المالي العالمي على محمل الجد. وقد أشادت مجموعة العمل المالي في شباط/ فبراير بالتقدم الكبير الذي أحرزته الإمارات. وفي إطار ملاحقتها المستمرة للمجرمين العالميين، تعمل دولة الإمارات بشكل وثيق مع الشركاء الدوليين لتعطيل وردع جميع أشكال التمويل غير المشروع. وتلتزم الإمارات بمواصلة هذه الجهود والإجراءات أكثر من أي وقت مضى اليوم وعلى المدى الطويل”.
تضييق الشبكة
في الوقت نفسه، لا يزال تروبي يحقق مع عصابة “صن شاين آند لوليبوبس”. ولا يزال بعض الأعضاء المشتبه بهم في حالة فرار. ويقول إنه من الصعب تقدير عدد العصابات التي تستخدم مهربي الأموال النقدية. ويضيف: “ليس لدي أدنى شك في أن هناك عددًا من المجموعات الأخرى التي قامت بنفس الشيء بالضبط، ومن المحتمل أن تستمر في القيام بنفس الشيء”.
ولأن تكنولوجيا الفحص الحالية في مطارات المملكة المتحدة، والتي تمر من خلالها جميع الأمتعة بعد تسجيل الوصول، تُستخدم بشكل رئيسي لأغراض مكافحة الإرهاب ولا تفحص كميات كبيرة من النقود، فإن المجرمين يفلتون بفعلتهم.
أورد ملكي من الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة المنظمة: “لدينا محادثات مستمرة مع مختلف السلطات لمحاولة بذل المزيد من الجهد حول تكنولوجيا المسح النقدي والتكتيكات على حدود المملكة المتحدة. ما لا يريده الناس هو الانتظار لساعات للصعود على متن طائراتهم نتيجة الفحص المعزز”.
تعتقد فرانشيسكا أن المشكلة أكبر بكثير مما تدركه السلطات البريطانية: “أعتقد أنها غيض من فيض. فمعظم الأشخاص المشاركين في مجموعتي لم يرتكبوا أي خطأ من قبل. لكنني أعتقد أن لكوفيد علاقة كبيرة بذلك. لقد كان لليأس دور في ذلك”. وهي إنها لم تشعر أبدًا أنها كانت تؤذي أي شخص: “أنا أدرك أنه عندما تكون جزءًا من هذا النوع من الجريمة المنظمة؛ فإن الناس يتأثرون بها. مثلما تعلم، في غسل أموال المخدرات. لكنني لم أرَ ذلك. لو كان بإمكاني إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لأخبرت الشخص الذي عرّفني على ذلك برفضي”
بعد أن كشفنا عن هويتنا لراشد، التاجر في سوق الذهب، عبر الهاتف قال إن تجارته تتطلب في الواقع إثبات مصدر الأموال لشراء الذهب بقيمة 50.000 درهم (حوالي 10,600 جنيه إسترليني). وقال إنه لا يعرف أي شيء عن المجرمين الذين يشترون الذهب في دبي.
وقد ختمنا رحلتنا بزيارة منصة المراقبة في نخلة جميرا، وهي جزيرة من صناعية على شكل نخلة، والتي توفر إطلالة مثالية على أفق المدينة من ناطحات السحاب المتلألئة. وتحت هذه القشرة الثرية من الأعمال والسياحة توجد جنة العصابات المتنامية.
المصدر: نون بوست