أحدث مثال صارخ لهذا التوجه هو إعدام رجل شيعي، أُدين زوراً بالانضمام إلى خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة، هذا الاتهام، الذي لم يُذكر في أي وثيقة قضائية تتعلق بمحاكمته، يبرز كيفية استخدام السلطات السعودية لعقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة السياسية وتخويف من يجرؤ على التعبير عن رأيه، تحت ذريعة "محاربة الإرهاب" و"حماية الوحدة الوطنية"، يتم إسكات الأصوات المعارضة بشكل ممنهج.
لقد أوضح كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن العديد من الإعدامات في السعودية لا تتم نتيجة جرائم تقليدية معترف بها، بل استناداً إلى اتهامات فضفاضة مثل "تعريض الوحدة الوطنية للخطر" أو "تقويض الأمن المجتمعي"، هذا الاستخدام الواسع والغامض للقوانين الجنائية يسمح للنظام السعودي بالتصرف بشكل استبدادي ضد أي تهديد محتمل لسلطته، بما في ذلك المعارضين السياسيين والمحتجين السلميين.
كما أشار طه الحاجي، المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إلى أن السلطات السعودية تتبع "مساراً دموياً" بغرض التخويف والقمع السياسي، يُستخدم القضاء في هذه الحالة كأداة لتصفية الحسابات مع المعارضين، في حين يظل الحديث عن تحقيق العدالة الحقيقية غائباً تماماً.
منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى، بما في ذلك "هيومن رايتس ووتش"، حذرت من أن تزايد الإعدامات في السعودية يشكل أزمة حقوقية خطيرة، خلال فترة قصيرة، تضاعف عدد الأشخاص الذين تم إعدامهم، مما جعل المملكة واحدة من أكثر الدول تنفيذاً لعقوبة الإعدام في العالم. هذا التصعيد يُعد تحوّلاً جذرياً عن الوعود السابقة للإصلاح، والتي قدمها محمد بن سلمان حين صعد إلى السلطة، حيث تحدث عن تحسين حقوق الإنسان وتقليل العقوبات القاسية.
لكن الواقع يُظهر أن الإصلاحات التي تم الترويج لها في الإعلام الغربي تتناقض تماماً مع ممارسات القمع في الداخل، بينما تم تبني بعض الخطوات التجميلية، مثل تخفيف القيود الاجتماعية على المرأة أو السماح ببعض الأنشطة الترفيهية، لم يتحسن سجل حقوق الإنسان في السعودية، بل شهد تدهوراً ملحوظاً.
الإعدامات، في عهد بن سلمان، باتت أداة رئيسية لإسكات المعارضين وضمان استمرارية النظام. يتم استهداف الشيعة والمحتجين السلميين بشكل خاص، في حين يتم إعدام العديد من المتهمين بجرائم سياسية، هذه السياسة القمعية تجعل من الصعب التفاؤل بإمكانية تحقيق أي تقدم حقيقي في مجال حقوق الإنسان في المملكة.
إن تزايد الإعدامات يضع المجتمع الدولي في موقف حرج. ورغم انتقادات بعض الحكومات والمنظمات الحقوقية، إلا أن الاستجابة الدولية لم تكن كافية للضغط على السعودية من أجل إيقاف هذه الانتهاكات الجسيمة. يتوجب على المجتمع الدولي ألا يستمر في التغاضي عن هذه الأزمة، من الضروري اتخاذ إجراءات ملموسة للضغط على السلطات السعودية لوقف تنفيذ الإعدامات، وفتح حوار حقيقي حول الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان.
تزايد الإعدامات في السعودية، وخاصةً ضد المعارضين السياسيين، يُظهر توجهاً قمعياً يهدف إلى إسكات الأصوات الحرة وترسيخ الحكم الاستبدادي، هذا التوجه لا يمكن أن يمر دون مواجهة دولية، ويجب أن تكون هناك مطالب واضحة وموحدة بوقف عقوبة الإعدام وتحقيق العدالة للضحايا، فقط من خلال هذا الضغط المستمر يمكن الأمل في تحقيق تغيير حقيقي في المملكة.
المصدر: الخبير