غضب قطري عربي من نفاق الغرب وازدواجية معاييره
صحيفة "واشنطن بوست" نشرت مقال رأي كتبه إيشان ثارور بدأه بالسؤال التالي: "ماذا يعني أن ترتدي شارة يد؟"، قبل أن يجيب بالقول إنه "في مباريات كأس العالم قد تؤدي إلى صدام الحضارات".
Table of Contents (Show / Hide)
وفي الملاعب أثارت المباريات المشجعين بنوع من المباريات الفوضوية والانزعاجات ووصول قوى غير تقليدية في مجال كرة قدم إلى مرحلة المغلوب.
وبعيدا عن الملاعب جرت منافسات أكثر ضراوة بين غرب أراد لعب دور الواعظ والمضيفين القطريين الغاضبين وإخوانهم العرب. فقد نظرت الحكومات الغربية وتحديدا مجموعة من الأمم الأوروبية المشاركة في المباريات والإعلام بنوع من الشك للمناسبة التي تنظمها دولة غنية بالنفط. وطرحوا اعتراضات حول غياب الحماية للعمال وركزوا على الانتهاكات التي حصلت في ظل المشروع العملاق للإمارة وأثناء بناء المشاريع.
ورغم جهود المؤسسة الدولية الراعية للمناسبة "فيفا" وتقييد التعبير عن الشعارات السياسية، قام البعض منها بأنواع من الاحتجاجات.
ومن بينهم وزيرة الداخلية نانسي فازير في قطر والتي ارتدت شارة "حب واحد" وهي الإشارة التي قرر قائد المنتخب الأمريكي وعدد من المنتخبات الأوروبية عدم ارتدائها خوفا من عقاب فيفا لهم وإصدار البطاقات الصفراء.
وتسببت لفتة فازير بنوع من الدهشة والمقت في قطر والمنطقة، حيث قام عدد من المعلقين بتفسير التصرف بأنه ليس إلا فعلا متغطرسا منفصلا عن الحياة التي تعيشها هذه المجتمعات.
وقام المنتخب الألماني بتنظيم احتجاجه قبل المباراة حيث وقف لصورة جماعية في الملعب بأيديهم على أفواههم، في رسالة حول تكميم الفيفا لهم. ولكن خروج المنتخب الباكر من المباريات قاد إلى موجة سخرية مجنونة على وسائل التواصل الإجتماعي.
وحصل النقاش الساخن على جبهات أخرى، فلا تزال منصات التواصل الإجتماعي، رغم اقتراب المناسبة من نهايتها، حافلة بالتعليقات حول "العبودية الحديثة" التي تقف وراء الملاعب اللامعة والبنى التحتية الحديثة.
ويقول ثارور إن الجماعات الحقوقية والمنظمات المدافعة عن العمال، قامت وعلى مدى السنوات بتوثيق الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الوافدة ليس في قطر ولكن بمنطقة الخليج عامة، حيث يحاول ملايين من العمال الوافدين الحصول على لقمة العيش في ظروف بائسة أحيانا وعرضة لاستغلال أصحاب الأعمال ووكالات توفير فرص العمل. ولكن الاتهامات المناهضة لعقد مناسبة كأس العالم في قطر، بدت وكأنها تصور سلطات الإمارة بالفراعنة المغرورين الذين يرعون جمالا تقوم ببناء الأهرامات اللامعة.
وتم نشر أرقام بآلاف الوفيات أثناء عمليات البناء، وهي أرقام رفضها المسؤولون القطريون بأنها غير دقيقة وبشكل صارخ ومضللة في الوقت نفسه، كما لم يتم التثبت منها عبر منظمة العمال الدولية التابعة للأمم المتحدة، وأكدوا أن البنى التحتية التي أقيمت أو جزءا منها لم يكن له علاقة بالتحضير لمباريات كأس العالم.
وكما ورد في تقرير نشرته الصحيفة الشهر الماضي وأشار لوفاة عامل هندي أثناء العمل بموقع للبناء. وأضاف التقرير أن "قطر قامت بخطوات يقول العمال ومنظمات حقوق الإنسان إنها مهمة في حماية حقوق العمال لو تم تطبيقها بالكامل".
وتضم الإصلاحات، نظاما مركزيا إلكترونيا لمتابعة الراوتب بين الشركات الخاصة والعمال المهاجرين، زيادات في الرواتب وخطوات أخرى بشأن انتقال العمال وحركتهم في البلد التي تعتمد على هوى أصحاب العمل.
وجاء في مدونة "مونكي كيج" بصحيفة "واشنطن بوست": "هناك تغيرات ملموسة، بما فيها رفع القيود عن العمال للحصول على رخصة خروج وعدم انتظار موافقة أصحاب العمل للانتقال إلى وظيفة أخرى". و"بحسب بيانات منظمة العمل الدولية، غير أكثر من 300.000 عامل أجنبي وظائفهم في الفترة ما بين أيلول/سبتمبر 2020 وآذار/مارس 2022. إلى جانب زيادة الرواتب الأساسية بنسبة 13% من قوة العمل في قطر. وبعد البدء بتطبيق القانون غير التمييزي للحد الأدنى من الأجور عام 2021. وساعدت القوانين الجديدة في عام 2021 لتخفيض ساعات العمل، بطريقة يمكن لأصحاب العمل تحديد فترات الوجود في الهواء الطلق أثناء الصيف، كخطوة أخرى لتوفير السلامة والحفاظ على الصحة للعمال".
وتقول الجماعات المدافعة عن العمال إن هناك الكثير الواجب عمله لحماية العمال من الاستغلال والتأكد من تطبيق السياسات الجديدة في بلد تعمل فيه قوة العمل في القطاع الخاص. وتقول زهرة بابر، المديرة المشاركة في مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة جورج تاون- قطر والباحثة المخضرمة في قضايا العمل بالخليج إن النقاش المثير للاستقطاب الذي رافق كأس العالم، لم يفعل الكثير لفهم التعقيدات التي تواجه المهاجرين في المنطقة والحياة التي يعيشونها. ويمكن فهم هذه التعقيدات في سلسلة من بودكاست نشرتها بابر وقدمت أصوات العمال الأجنبية في قطر. وقالت بابر: "خطاب الأبطال والأشرار لم يساعد حقيقة". مضيفة أن نبرة النقد الغربي قد تزيد من تشدد المواقف القطرية ضد العمال المهاجرين الذين يعيشون وسطهم.
وقال ثارور إن الحديث عن نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة منتشرة في الدوحة. ففي حوارات مع مسؤولين قطريين ومعلقين عرب، سمع إشارات عن الطريقة التي تغض فيها أوروبا نظرها عندما يغرق المهاجرون في البحر المتوسط، ولا تلتفت إلى انتهاكات الولايات المتحدة عندما تقوم بإحضار العمال اليدويين للعمل وبأجور قليلة في المزارع الأمريكية إلى لا مبالاة الغرب عندما يواجه بإرثه الاستعماري ودعمه للحكومات الديكتاتورية في الدول النامية. وكذا عدم احترامهم المسؤولين الأوروبيين الذين يشجبون علنا المجتمع القطري وأخلاقياته وبحثهم السري عن المصالح الاقتصادية الخاصة في الدوحة، بما فيها النفط والغاز الطبيعي.
وعندما اقترح الكاتب للمسؤولين أن هذه المواقف هي تعبير عن ردة فعل لاتهامات الغرب لقطر والعرب، قال مسؤول إن الردود هي مهمة في سياق موقع قطر في العالم وكفاحها بالتعامل مع وتيرة التغير. وزاد عدد سكان الإمارة الصغيرة أربعة أضعاف، وهذا بسبب تدفق العمالة الوافدة. وبحسب بابر فإن الأنظمة موجودة في كل أنحاء العالم وليس في قطر لاستخدام العمال الوافدة القليلة المهارات والتي يتم توجيهها نحو استخدام واستغلال كوادر العمالة المتدنية والتي تتسم حياتها وبشكل دائم بغياب اليقين. ورغم التركيز على حياة العمالة أثناء مباريات كأس العالم، فحياة العمالة الوافدة في قطر ليست مختلفة عن حياتها في مناطق أخرى أو استثنائية. وبعيدا عن إصلاح قوانين العمل، ترى قطر في مباريات كأس العالم فرصة لجذب السياح، فدبي جاذبة للسياح من الغرب، وتأمل قطر أن تجذب السياح من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.
المصدر: العربي الجديد