ما خطورة تعامل الإمارات مع وزير المتطرف بحكومة نتنياهو "بن غفير"
رغم التحذيرات العربية والأمريكية وحتى الإسرائيلية من خطورة عضو الكنسيت اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، فإن دولة الإمارات التي تربطها علاقات رسمية مع "إسرائيل"، رحبت به وأظهرت استعدادها للتعامل معه.
Table of Contents (Show / Hide)
جاء الترحيب الإماراتي بـ"بن غفير" زعيم (تحالف الصهيونية الدينية والقوة اليهودية)، الذي حصل على 14 مقعداً في انتخابات الكنيست التي جرت في بداية نوفمبر الماضي، من خلال دعوته للمشاركة بحفل أقيم في سفارة أبوظبي في تل أبيب، (1 ديسمبر 2022)، بمناسبة الذكرى الـ 51 لاستقلال الدولة الخليجية.
وخلال الاحتفال صافح السفير الإماراتي في "إسرائيل" محمد آل خاجة، بن غفير، وهو ما يعكس تأكيداً واضحاً من طرف أبوظبي بأنها ستتعامل مع المتطرف الذي حذر الجميع منه.
وخلال وجود بن غفير قال آل خاجة: إن "الإمارات هنا لتظهر أن الوحدة تعني الازدهار، وستواصل استخدام الدبلوماسية لتعزيز العلاقات من خلال الصداقة والاحترام المتبادل".
ومع تواصل الإمارات مع بن غفير، عبّر المتطرف اليميني عن فرحته بوجوده في سفارة أبوظبي: قائلاً في تغريدة على "تويتر": "أشعر بالسعادة للمشاركة في الحفل الذي أقامه السفير الإماراتي، وهكذا يبدو السلام الحقيقي"، مشيراً إلى أنه "بدون تنازلات وبدون استسلام يمكن تحقيق السلام مع العرب".
وسيتولى بن غفير حقيبة الأمن الداخلي في حكومة بنيامين نتنياهو القادمة، مع صلاحيات واسعة تشمل إدارة شرطة حرس الحدود في الضفة الغربية المحتلة، كما ستسند إلى حزبه وزارة تطوير الجليل والنقب.
وستوكل للوزارة التي سيترأسها بن غفير أيضاً صلاحيات تسوية وضع المستوطنات العشوائية في الضفة الغربية، وسيحصل حزبه أيضاً على رئاسة لجنة الأمن الداخلي بالكنيست ونائب وزير الاقتصاد.
تحذيرات واسعة
تجاهلت الإمارات من خلال ترحيبها وتعاملها مع بن غفير تحذيرات إسرائيلية وأمريكية وأوروبية وفلسطينية واسعة حول هذا الشخص، والخطورة التي يشكلها.
وجاءت أبرز التحذيرات من رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، عبر تسجيل مسرّب خلال لقائه قادة حزب "شاس" الديني، في نوفمبر الماضي، إذ قال: "لديكم شريك (بن غفير)، العالم كله من حوله يخاف منه".
وإلى جانب تحذيرات هرتسوغ، اعتبر وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس قرار تعيين بن غفير وزيراً للأمن القومي يشكل تهديداً لأمن "إسرائيل".
وحذر غانتس، خلال مؤتمر المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، في نوفمبر الماضي، من السماح لـ"بن غفير"، بتشكيل مليشيا خاصة به ونشرها في مناطق الضفة الغربية، "لما قد يشكله من مخاطر أمنية كبيرة، وتأجيج وتيرة الأوضاع".
وأوضح أن طلب بن غفير من رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو نقل تبعية شرطة حرس الحدود إلى وزارة الأمن القومي يشير إلى رغبته في تشكيل مليشيا خاصة به.
بدوره قال عور بارليف، وزير الأمن الداخلي بحكومة يائير لابيد، عومر بارليف: إنه "في حال أقنع بن غفير نتنياهو بإجراء تغييرات على وضع المسجد الأقصى وفي مسألة اقتحامات المستوطنين فستكون هناك انتفاضة جديدة".
أيضاً وجهت وزارة الخارجية الأمريكية انتقاداً لمشاركة بن غفير في تأبين الحاخام مائير كاهانا، مؤسس حركة "كاخ" المحظورة في "إسرائيل".
واعتبر المتحدث باسم الوزارة نيد برايس، في مؤتمر صحفي في نوفمبر الماضي، أن "الاحتفال بإرث منظمة إرهابية أمر مثير للاشمئزاز"، في إشارة لمشاركة بن غفير في تأبين كاهانا.
وقال برايس: "نحن قلقون بشأن استخدام إرث كهانا وخطابه من قبل نشطاء اليمين الإسرائيلي المتطرف العنيفين، والولايات المتحدة قلقة أيضاً من الخطاب العنيف لنشطاء اليمين المتطرف".
وكاهانا يهودي أمريكي حفل نشاطه بكراهية العرب والمسلمين، وعرف على نطاق واسع بعد تأسيسه حركة "كاخ" التي طالبت بأن تكون "إسرائيل" خالصة لليهود، وحرّضت على ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم.
أيضاً حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من تغيير "الوضع القائم" في المسجد الأقصى بعد توقيع اتفاق الشراكة بين نتنياهو وبن غفير.
وفي 7 ديسمبر 2022، نقل موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين أن "البيت الأبيض" بحث إمكانية عدم التعامل مع وزراء متطرفين بالحكومة الإسرائيلية المقبلة.
وبحسب المصادر، عقد البيت الأبيض اجتماعاً رفيع المستوى، الأسبوع الماضي؛ لمناقشة مقاربته تجاه الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وإمكانية عدم التعامل مع بعض وزرائها المتطرفين، كما تمت مناقشة ملفات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحقوق الإنسان وسيادة القانون التي ستركز عليها الولايات المتحدة في التعامل مع الحكومة الجديدة.
وذكر موقع "أكسيوس" أن السفير الأمريكي لدى "إسرائيل" توم نيدز حث إدارة الرئيس جو بايدن على اتباع نهج أكثر حذراً ودقة مع الحكومة الإسرائيلية المقبلة، لا سيما أنها ستضم وزراء من اليمين المتطرف مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
ضوء أخضر للجرائم
المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، اعتبر تعامل الإمارات مع المتطرف بن غفير من خلال دعوته لحضور احتفالات اليوم الوطني الإماراتي في سفارة أبوظبي في "تل أبيب" يعد ضربة لكل معنى من معاني التضامن مع الفلسطينيين.
ويقول منصور في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "تعامل الإمارات من بن غفير يعني أنها أعطته الضوء الأخضر للاستمرار في سياسته اليمينية المتطرفة، ومواصلة اعتداءاته وجرائمه ضد الفلسطينيين"، فضلاً عن كونه يعد ضربة لكل معنى من معاني التضامن مع الشعب الفلسطيني.
ويرى أن الإمارات منحت بن غفير جائزة على تطرفه ومواقفه المعادية للسلام والعدالة من خلال ترحيبها به في مقر سفاراتها في "تل أبيب"، في وقت يضغط فيه العالم على "إسرائيل" من أجل تحجيم صلاحياته.
ولا يستبعد المختص أن تعمل الإمارات على تعميق علاقاتها مع بن غفير خلال الفترة القادمة، ودعوته لزيارة الإمارات، والتعامل معه بشكل طبيعي، بعد دعوته لسفارتها.
ويوضح أن بن غفير حصل على صلاحيات واسعة خلال توليه حقيبة الأمن الداخلي، و"هو ما يعني نسف أي آفاق مستقبلية لعملية السلام، وتوعده بقتل الفلسطينيين".
ويشير إلى أن بن غفير حصل على كل الأدوات التي تجعله يمضي في مشروعه المتطرف، بزيادة الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، خاصة على المستوى السياسي.
من هو "بن غفير"؟
عرف عن "بن غفير" المولود في مدينة القدس المحتلة عام 1976 لأم وأب من يهود العراق، بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين والعرب.
ويسكن بن غفير في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل جنوبي الضفة الغربية، وينتمي إلى المجموعات الإسرائيلية المتطرفة، التي تقوم بعمليات إرهابية ضد الفلسطينيين، سواء حرق المزروعات أو قتل الفلسطينيين.
وينتمي إلى حركة (كاخ) التي أسسها مئير كاهانا، ويحمل أيديولوجيا خطيرة جداً تستهدف الوجود العربي بشكل مباشر.
وبرز المتطرف الإسرائيلي خلال مواقفه العدائية تجاه الفلسطينيين والعرب، وتسببه في الكثير من الإشكاليات بالمناطق العربية، كان أبرزها في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، وتسببه باندلاع مواجهة عسكرية عنيفة بين المقاومة في غزة ودولة الاحتلال.
ويقول مركز "مساواة" لحقوق المواطنين العرب في "إسرائيل" على موقعه الإلكتروني: إن "إيتمار بن غفير كان جزءاً من حزب (كاخ) الراديكالي، والذي حظرته الحكومة الإسرائيلية في نهاية المطاف في عام 1994".
المصدر: الخليج اونلاين