ذا تايمز: لا تستهينوا ببن سلمان مرة أخرى.. 5 سنوات من التحولات
نصح الكاتب الصحفي برادلي هوب المعنيين بعدم الاستهانة مرة أخرى بولي العهد السعودي محمد بن سلمان (37 عاما)، بعد أن قام بتحولات كبرى في سياسة المملكة داخليا وخارجيا وكسر عزلته التي تسبب بها مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول عام 2018.
Table of Contents (Show / Hide)
هوب لفت، في مقال بصحيفة "ذا تايمز" (The Times) البريطانية ترجمه "الخليج الجديد"، إلى أنه قبل خمس سنوات، وإثر مقتل خاشقجي "على أيدي أفراد مخابرات بن سلمان"، انهارت صفقات ضخمة، وتراجع زعماء أجانب عن الانخراط في علاقات مع بن سلمان.
كما تم محو صورته كــ"أمير إصلاحي ليبرالي اجتماعي"، وتراجع رؤساء شركات ومؤسسات مالية عن المشاركة في مؤتمر "دافوس الصحراء" بالعاصمة الرياض، وأوقفت ألمانيا مبيعات الأسلحة إلى المملكة الغنية بالنفط، وفقا لهوب. ونفت الرياض أي دور لبن سلمان في مقتل خاشقجي.
واستدرك: "لكن بعد مرور خمس سنوات، لن تعرف ذلك من الكم الهائل من إبرام الصفقات في عالم الرياضة والترفيه والمغامرات الدبلوماسية عالية المخاطر"، وأحدثها صفقة الاندماج الضخم في عالم الجولف.
وقبل أيام، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن اتفاق تاريخي بين شركة "لايف جولف" (LivGulf) السعودية وورابطة لاعبي الجولف المحترفين (PGA Tour) وجولة موانئ دبي العالمية (DP World Tour) لدمج عملياتها لإيجاد أكبر كيان في الجولف على مستوى العالم، على أن يترأسه محافظ الصندوق ياسر الرميان.
وتابع هوب: في الأسبوع الماضي، كان بن سلمان في باريس يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يأمل في إعلان سعودي عن شراء كبير لطائرات "إيرباص" لشركة "طيران الرياض" الجديد"، كما زار ولي العهد حدثا تقنيا حضره إيلون ماسك في أبرز رحلة أوروبية منذ مقتل خاشقجي.
ولفت إلى أن تلك الجولة تأتي بعد أشهر من مناورات دبلوماسية، ففي 10 مارس/ آذار الماضي، اتفقت السعودية وإيران، بوساطة الصين، على استئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت سبع سنوات.
قوة عالمية محورية
و"على الرغم من نفوذه المتزايد، لا يزال بن سلمان يُساء فهمه على نطاق واسع، وقد تظهر مبادراته على أنها غير واقعية وحتى صبيانية، لكنه يشرع في استراتيجية تحدث مرة واحدة في الجيل لإعادة تشكيل السعودية لتصبح قوة عالمية، ليس بحجم أو قوة جيشها، لكن بمدى انتشارها في الثقافة والرياضة والترفيه والتكنولوجيا والتمويل"، بحسب هوب.
واعتبر أن "بن سلمان ليس فقط عازما على أن يصبح ملك السعودية في النهاية، بل يريد أن يكون الشخص الذي أنقذ بلاده من الخراب الاقتصادي وحولها إلى قوة عالمية محورية لا تتماشى مع أوامر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أو الصين".
وزاد بأنه "من الأمور المركزية في هذا الشأن رؤيته 2030 لفطم البلاد عن النفط وإنشاء قاعدة إيرادات مستدامة لمستقبل خالٍ من الكربون يُتوقع أن يأتي أسرع" مما توقع ملوك البلاد من غير الشباب.
وأردف هوب أن "السعودية قطعت شوطا طويلا منذ أوائل القرن العشرين حين كانت محمية بريطانية، وكان أفراد العائلة المالكة السعوديون مفتونين بالثقافة البريطانية والمجتمع الراقي، واليوم تطورت لتصبح قوة عالمية مؤثرة عبر مختلف القطاعات، وتمزج تراثها التقليدي مع رؤية طموحة للمستقبل".
واعتبر أن "قسوة بن سلمان هي جوهر ذلك، فمن غيره على المسرح الدولي قد يخدع الرئيس الأمريكي جو بايدن ليصافحه بقبضة يده في رحلة إلى الرياض العام الماضي، ويعلن بعد أيام أنه لن يتخذ خطوات لخفض سعر النفط (عبر خفض الإنتاج) لتخفيف آثار الحرب الروسية في أوكرانيا (المدعومة من الغرب بقيادة واشنطن)".
واستطرد: "من غيره سيرحب بعودة بشار الأسد الرئيس السوري المنبوذ إلى جامعة الدول العربية (الأسد شارك في القمة العربية الأخيرة بالرياض في 19 مايو/ أيار الماضي ).. كان بن سلمان يخبر الولايات المتحدة والعالم أن السعودية لم تعد تلعب وفقا للقواعد التقليدية وترسم مسارها الخاص".
"كما أنه أثبت أنه خالٍ من الضغائن، فإذا كان هناك شخص واحد يجب أن يكون لبن سلمان عداوة عميقة ضده، فهو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كشف تفاصيل وتسجيلات رجال بن سلمان الذين قتلوا خاشقجي. لكن في العام الماضي، التقى بن سلمان بأردوغان في جدة لتطبيع العلاقات"، وفقا لهوب.
النفط وخزائن المملكة
وكل هذه التطورات، بحسب هوب، "مدعومة إلى حد كبير بارتفاع أسعار النفط، الذي يملأ خزائن السعودية بشكل أسرع مما يمكنهم الخروج بأفكار حول كيفية إنفاقه، ولكن تلك التطورات متجذرة أيضا في مزيج بن سلمان من الثقة بالنفس والاستعداد للانفصال بينما يسعى إلى أن تصبح المملكة قوة عالمية".
وتابع: "يعتقد بن سلمان أنه الذي سينقذ بلاده من المسار المدمر للعيش على النفط ومقاومة التغيير الاجتماعي. وحسب مصادري في الرياض، فإن لديه نظرة ساخرة للصحافة الأجنبية ويعتقد أنه لن يحصل على تغطية عادلة. إنه مهتم أكثر بكيفية نظر السعوديين إليه، وخاصة الأصغر سنا من جيله".
واعتبر هوب أنه "تم التقليل من شأن بن سلمان مرتين، عندما بدأ في تكديس السلطة في عهد والده (الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز) وفي أعقاب مقتل خاشقجي".
وأردف: "والآن لا يزال اليمن (الجار الجنوبي للمملكة) في حالة خراب، حيث قُتل أكثر من 200 ألف شخص بسبب القتال والأمراض والمجاعة التي سببتها الحرب (السعودية تدعم قوات الحكومة ضد قوات الحوثيين المدعومين من إيران). ويسير الكثير من أفراد العائلة المالكة السعودية على قشور البيض لتجنب أن يلحظهم بن سلمان. لذلك، من المهم عدم الاستهانة به مرة أخرى".
وشدد هوب على أن "السعودية تتحرك بسرعة وعلى استعداد لتحمل مخاطر كبيرة. وهي تسيطر على الاقتصاد العالمي عبر أسعار النفط وتوجد بها مدينا مكة والمدينة، مسقط رأس دين (الإسلام) يتبعه نحو ملياري شخص. واستثمارات المملكة في شركات التكنولوجيا العالمية والفرق الرياضية والجهود المبذولة لتصبح مركزا لإنتاج الأفلام تجعلها أكثر قوة لا يستهان بها".