. تكهن يحتاج للإجابة عن 3 تساؤلات.. وساطة صينية بين فلسطين وإسرائيل
أثارت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بكين، قبل أيام، ثلاثة تساؤلات بشأن احتمال أن تلعب الصين دور وساطة بين فلسطين وإسرائيل، بعد أن تمكنت في 10 مارس/ آذار الماضي من إقناع السعودية وإيران بتوقيع اتفاق لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية؛ ما أنهى سبع سنوات من القطيعة.
Table of Contents (Show / Hide)
وتلك التساؤلات هي: إلى أي مدى قد تكون بكين مستعدة للعب دور الوساطة، وما إذا كانت منافستها الاستراتيجية الولايات المتحدة ستسمح لها بذلك، وأخيرا ما إذا كانت إسرائيل ستمّكن بكين من أن تحل محل حليفها الأمريكي، بحسب تقرير لفرانشيسكو شيافي، وهو مساعد باحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI).
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت عملية السلام التي كانت ترعاها الولايات المتحدة بين فلسطين وإسرائيل؛ لأسباب بينها تمسك تل أبيب باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصلها من إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967.
واعتبر شيافي، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن زيارة عباس "بالنسبة لبكين هي جزء من جهد أوسع لتسهيل استئناف مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل".
واستدرك: "إلا أن القضية الإسرائيلية الفلسطينية لا تزال صعبة للغاية، ويبقى أن نرى ما إذا كانت إسرائيل، الحليف القوي للولايات المتحدة، ستسمح لبكين بتوسيع دورها في الوساطة مع فلسطين".
وتابع شيافي أنه "بغض النظر عن المبادرات الدبلوماسية، تعد الصين شريكا تجاريا رائدا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى السعودية، استضافت المملكة مؤتمر الأعمال العربي الصيني العاشر في الرياض (11 و12 يونيو/ حزيران الجاري)، حيث تم توقيع اتفاقيات بين الشركات السعودية والصينية في حقبة جديدة من الشراكة الاقتصادية العربية الصينية".
مبالغة وتكهنات
ووفقا لجاي بيرتون، الأستاذ المساعد في مدرسة بروكسل للحكم، فإنه "لا ينبغي المبالغة في جهود الوساطة الصينية في الشرق الأوسط، فقد ساعدت بكين بالفعل في التوسط بين السعودية وإيران، لكن ذلك كان تتويجا لحوار بين البلدين استمر عامين".
وأردف: "في المقابل، فإن عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية غير موجودة فعليا، وتعيقها صراعات داخلية يجب معالجتها حتى تحدث مناقشات ذات مغزى، ومع ذلك، لا يزال بإمكان الصين أن تلعب دور الوسيط".
واعتبر بيرتون أن "التكهنات المتعلقة بالوساطة الصينية تخدم غرضا استراتيجيا، حيث ترفع من مكانة الصين مع تسليط الضوء بشكل غير مباشر على عدم إحراز تقدم من جانب الولايات المتحدة".
حماية الاستثمارات
واصفا زيارة الرئيس الفلسطيني إلى الصين بالمهمة، قال عمر إسماعيل شعبان، مدير مؤسسة "بال ثينك" (PalThink) للدراسات الاستراتيجية، إن "عباس يهدف إلى مناقشة واستكشاف دور وسيط صيني محتمل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وزاد بأنه "على مدى السنوات الماضية، أبدت الصين استعدادها للانتقال من المشاركة الاقتصادية إلى العمليات السياسية في الشرق الأوسط، ونجاحها في الوساطة بين إيران والسعودية دفعها إلى استكشاف قضايا إقليمية أخرى".
وأردف شعبان: "أدى الانخراط السلبي لواشنطن في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهدف بكين الاستراتيجي المتمثل في ضمان حماية استثماراتها الضخمة في الشرق الأوسط، إلى إثارة هذه الرغبة في مشاركة أكبر".
لكنه استدرك: "مع ذلك، يبقى أن نرى إلى أي مدى قد تكون بكين مستعدة للتدخل، وما إذا كانت واشنطن ستسمح لها بذلك، وكذلك ما إذا كانت إسرائيل ستمّكن بكين من أن تحل محل حليفها الأمريكي، وهو أمر مشكوك فيه".
و"من الصعب على الصين أن تقدم خطة سلام للصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ لأنها ستحتاج إلى استثمار جهودا ضخمة ووقتا لتصبح لاعبا سياسيا إقليميا رئيسيا، وبعد تجنب السياسة والأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحتاج الصين إلى وقت للتعلم وستدرك أنه يجب عليها تنسيق جهودها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتحقيق النجاح"، وفقا لشعبان.
الحصان الرابح
بحسب نوا شوسترمان، مديرة برامج البحوث الفلسطينية والإقليمية في مؤسسة "مايند إسرائيل" (MINDIsrael)، فإن "الصين تقليديا لم تلعب دورا دبلوماسيا مهما في الشرق الأوسط".
واستدركت: "لكن منذ أن أطلقت بكين مبادرة الأمن العالمي (في فبراير/ شباط الماضي)، يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من المشاركة الصينية، وسيكون هذا تغييرا إيجابيا للفلسطينيين؛ لأنهم لا يرون الولايات المتحدة وسيطا عادلا، والصين قوة فعلية ولديها نفوذ في مجلس الأمن".
لكن "إسرائيل، التي تتمتع بعلاقات اقتصادية جيدة مع الصين ومتحالفة في الوقت نفسه مع الولايات المتحدة والمعسكر الغربي، لا ترغب في رؤية بكين توسع دورها في التوسط مع الفلسطينيين"، وفقا لنوا.
ورأت أن "هذا يمكن أن يدق إسفينا بينهما (تل أبيب وواشنطن والغرب)، وستسعى إسرائيل إلى إبقاء الولايات المتحدة في دور قيادي".
وختمت نوا بأن "السؤال هو ما إذا كانت الولايات المتحدة سترحب بالدور الجديد للصين ودرجة تأثير بكين في مثل هذه العملية، وسيكون هذا تطورا سلبيا لإسرائيل؛ إذ سيقلل من قدرتها التفاوضية".