إسرائيل بلا أمل.. صحيفة عبرية: فشل ذريع يخيم على أحزاب اليمين والوسط واليسار
مازالت عملية "طوفان الأقصى" تهز الساحة السياسية في إسرائيل، وسط أحاديث عن فشل تام وتخبط وانهيار في الأيديولوجيات والنظريات والأفكار كافة التي يقوم عليها الكيان.
Table of Contents (Show / Hide)
وفي إشارة إلى التخبط والانهيار الذي مُني به الاحتلال الإسرائيلي، تستهل صحيفة "ماكور ريشون" العبرية تقريرها بالقول إن "ذروة الضجيج عند اندلاع حرب غزة كانت عالية جدا، لدرجة أنها لم تترك أي بنية أيديولوجية أو مفاهيمية أو سياسية سليمة في إسرائيل".
وفي هذا الإطار، تسرد الصحيفة كيف فشلت نظريات الاحتلال جميعها؛ اليسار والوسط واليمين، بعد هجوم المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
الانقسام في اليسار
وفيما يتعلق بتيار اليسار الإسرائيلي، تقول الصحيفة: "بعدما كان اليساريون منشغلين بالوعظ والانتقاد ضد (الاحتلال أو الاستيطان)، باتوا اليوم مضطرين للاعتراف بأن (الأعداء) مصممون على قتل الإسرائيلي ومحو إسرائيل بشكل كامل".
وأشارت إلى أنهم مضطرون أيضا للاعتراف بأنه "لولا الاحتلال أو الاستيطان الذي طالما انتقدوه ووعظوا ضده، لما تمكن الشعب الإسرائيلي من الوجود أساسا"، على حد زعمها.
وتابعت: "لقد انهارت جميع خطط الانفصال بين الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية؛ سواء كانت مبنية على اتفاق سلام بين دولتين تحترم كل منهما الأخرى، أو كانت مبنية على انسحاب إسرائيلي أحادي الجانب وإدارة العلاقة مع الفلسطينيين عبر مجموعة معقدة ومختلفة من الحوافز المقدمة لهم".
وأكدت أن عملية طوفان الأقصى أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن "أيديولوجية حماس لا تهتم بالمغريات أو الحوافز".
وشددت على أن "حماس لا تسعى إلا إلى موت الكيان الإسرائيلي والقضاء عليه ومحوه من الوجود".
الانهيار في الوسط
كذلك ظهر الانقسام والصدمة في تيار الوسط الإسرائيلي، حسب الصحيفة.
وتوضح منظور الوسط، وذلك نقلا عن ميخا جودمان، المفكر الذي يوصف بأنه الأكثر نفوذا في الحكومة الإسرائيلية، من كتابه "فخ 67".
حيث كتب: "إذا أرادت إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد الأغلبية المسلمة المحيطة بها، فينبغي عليها عدم الانسحاب من أراضي الضفة الغربية. وإذا أرادت حماية نفسها من أغلبية مسلمة بداخلها، فيجب عليها الانسحاب من الضفة الغربية".
وأضاف: "الوجود في المناطق الفلسطينية يحمي إسرائيل جغرافيا، ويهددها ديموغرافيا".
وأوضحت الصحيفة: "من وجهة نظر الوسط، فما دام الجميع على حق والموازين متوازنة، فإن الحل العقلاني الوحيد يتلخص في (تقليل الصراع)؛ أي تعظيم الحكم الذاتي الفلسطيني من أجل تقليص الاحتلال والاستيطان من دون تهديد إسرائيل".
وعقبت: "لكن هذا المنظور انهار أيضا بعد الانفجار الأعظم في السابع من أكتوبر 2023".
واستدلت الصحيفة بما كتبته الإسرائيلية ديبورا زغوري، التي قُتلت ابنة أختها تفرات لابيدوت في عملية طوفان الأقصى.
حيث قالت: "حماس خرجت من رحم غزة. حيث نشأت منها وتحتل مكانة في قلب غالبية سكانها".
وأردفت: "حماس ليست تنظيما خارجا عن السكان في غزة، مثل تنظيم القاعدة. فهي لم تغز القطاع ولم تفرض نفسها على السكان. حماس حركة وطنية أصيلة انبثقت من غزة".
وتساءلت: لماذا نستخدم عبارة "منظمة حماس"؟ هل يستخدم سكان غزة عبارة "منظمة جيش الدفاع الإسرائيلي"؟
وأكملت: "يطلق على جيش الدفاع الإسرائيلي اسم جيش الدفاع الإسرائيلي لأنه جيش الشعب. وكذلك ينبغي الإقرار بأن حماس أيضا هي جيش الشعب الفلسطيني".
وتدعم الصحيفة العبرية الرؤية التي كتبتها زغوري، حيث تقول: "يمكن دعم هذه الرؤية البديهية بالبيانات".
وأوضحت: "فوفقا لنتائج استطلاعات الرأي الفلسطيني الموثوقة، فإن غالبية الجمهور الفلسطيني في الضفة العربية يحتقرون السلطة الفلسطينية ويؤيدون حركة حماس".
مشيرة إلى أن 68 بالمئة منهم يؤيدون إنشاء "مليشيات" على طراز "عرين الأسود" في نابلس. كما يدعم 63 بالمئة منهم إنهاء التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وتؤكد: "إذا أجريت انتخابات ديمقراطية في السلطة الفلسطينية، فإن محمود أبو مازن وحركة فتح سيخسران السلطة لصالح حركة حماس".
وهنا تعقب الصحيفة العبرية بالقول: "وبعد السابع من أكتوبر، بات على الجمهور الإسرائيلي أن يدرك ويصدق أن حماس هي جيش الشعب الفلسطيني، وليس مجرد منظمة منفصلة عنه".
وتابعت: "وبناء على هذا الإدراك، فينبغي فهم أنه لا توجد حلول متوازنة ولا تقديرات أخرى".
"وحينها، يكون الحل هو السيطرة على السلطة الفلسطينية؛ أو لا يكون هناك حل سوى (إما نحن وإما هم)"، تقول الصحيفة.
اليمين تلقى ضربة قاصمة
وفيما يتعلق باليمين الإسرائيلي، الذي تنتمي إليه الصحيفة بطبيعة الحال، كذلك لم يسلم هو الآخر من الانتقاد.
حيث قالت: "نعم، تلقى اليمين أيضا ضربة قاصمة".
فنظرا للنتيجة الحالية في الصراع، تلفت الصحيفة إلى أن معظم كوارث الأمن القومي هي من صنع حكومات اليمين الإسرائيلي.
وضربت الأمثلة بعدد من الأحداث؛ مثل تهجير مستوطنة ياميت عام 1982، وخطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية عام 2005، وترحيل سكان غوش قطيف في ذات العام.
إضافة إلى صفقة شاليط لتبادل الأسرى عام 2011، وكذلك التردد المستمر في مواجهة حركتي "حزب الله" اللبنانية وحماس الفلسطينية.
وهنا تتساءل الصحيفة: "إذا كانت هذه هي نتائج الحكومات اليمينية تجاه غزة، فماذا يمكن أن نتوقع نتائجها فيما يتعلق بالأسلحة النووية الإيرانية؟".
ووفقا لأحداث 7 أكتوبر 2023، ترى الصحيفة أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يتعمق في أي قضية جوهرية ولم يجد حلا لأي مشكلة جوهرية.
وتتوافق الصحيفة العبرية مع ما قاله رئيس الوزراء السابق، حيث قالت: "كان نفتالي بينيت على حق عندما قال إنه شعر بالرعب عندما اكتشف كم يتحدث نتنياهو مقابل قلة ما يفعله في مواجهة التهديد الإيراني".
وعلى صعيد القضايا الداخلية أيضا، توضح "ماكور ريشون" أن الأنماط الشعبوية التي استوردها اليمين الإسرائيلي من اليمين الأميركي جعلته يتصرف بإستراتيجية "كلام كالرمل (كناية عن كثرة الكلام وارتفاع سقف المطالب والوعود)، ولا شيء للأكل (كناية عن عدم وجود شيء واقعي يتحقق على الأرض)".
كما تنوه في هذا الإطار إلى أن "اليمين الشعبوي قوي على تويتر، لكنه ضعيف على الأرض".
إضافة إلى ذلك، تشير الصحيفة إلى أن "الفرصة التاريخية لتعزيز الإصلاح في النظام القضائي ضاعت وتحولت إلى أزمة داخلية غير مسبوقة".
وفي رأيها، "لم يحدث هذا بسبب السلوك غير الشرعي لليسار فقط، ولكن أيضا بسبب السلوك الشعبوي والملتوي للغاية لليمين".
الولادة من جديد
في نهاية التقرير، تدعو "ماكور ريشون" جميع الأطراف إلى أن تتواضع وتقبل أنها لم تتمكن من فك خوارزمية حل المشكلات، ولم يثبت أحد أنه يعرف "كيفية القيام بذلك".
وبعد انهيار كل التصورات والنظريات، تقول الصحيفة: "لكي نُولد من جديد، يجب علينا التقارب أكثر".
وأضافت: "إن أهم ما يمكن أن يحدث في هذه الحرب هو الوحدة والتضامن على الأرض، وإفهام الجماهير الإسرائيلية أننا لا نملك سوى بعضنا بعضا".
مشددة على أن "الخلافات الدينية أو السياسية أو الاقتصادية بين الجماهير الإسرائيلية لا تهم العدو، لكنها تؤثر في مصيرهم وقصتهم المشتركة".
وبنفس الطريقة، توضح الصحيفة أن أزمة الثقة في القيادة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي ينبغي أن تُزال.
زاعمة أن "أزمة الجيش الإسرائيلي تُعالج الآن من خلال 340 ألف مواطن احتشدوا لإعادته إلى ما كان من المفترض أن يكون عليه".