مركز دراسات: التطبيع أهم لدى حكام الإمارات من دماء الفلسطينيين
قال مركز دراسات إن التوغل في التطبيع والتحالف مع إسرائيل يعتبر أهم لدى حكام الإمارات من دماء الفلسطينيين ومن الضغط الفعلي لوقف المجازر الدموية بحقهم.
Table of Contents (Show / Hide)
وقال المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في واشنطن في تحليل مطول، إنه على الرغم من الحرب الإسرائيلية على غزة التي أسفرت عن قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، إلا أن أبوظبي متمسكة باتفاقية التطبيع مع إسرائيل.
وجاء في التحليل “يبدو أن الحفاظ على العلاقات وضمان العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية والأمنية بين تل أبيب وأبوظبي يمثل أولوية أعلى للقادة الإماراتيين من الضغط على إسرائيل لإنهاء مذبحة الفلسطينيين في غزة”.
وتناول التحليل تأثير الأزمة الأمنية في البحر الأحمر وتأثيره على الإمارات، أشار فيه إلى أنه على الرغم من أن الأزمة الأمنية في البحر الأحمر قد تعزز مصالح الإمارات في المنطقة وفي الاقتصاد إلا أن عدم الاستقرار في هذا الممر التجاري الدولي سيظل مصدر قلق رئيسي لأبوظبي.
ومثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا ترحب الإمارات بعدم الاستقرار في البحر الأحمر الذي يهدد استثماراتها في اليمن ودول شرق أفريقيا، وفقا للتحليل.
ومع ذلك يؤكد التحليل أنه وعلى الرغم من مشاركة أبوظبي وجهة نظر واشنطن بأن عمليات الحوثيين التخريبية تشكل تهديدا خطيرا للتجارة البحرية، يبدو أن الإمارات غير راغبة في التعاون عسكريا مع الولايات المتحدة لمواجهة هجمات الحوثيين.
وإلى أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، من غير المرجح أن يتغير موقف أبوظبي.
للتطبيع الأولوية على مذبحة غزة
وأشار إلى أن أبوظبي تشعر بالقلق من أنه إذا توسع الصراع في غزة إلى حرب إقليمية كاملة، فإن هدفها المتمثل في بناء إمبراطورية بحرية تجارية على طول القرن الأفريقي وخليج عدن وساحل البحر الأحمر سيكون في خطر.
وعلى مدى العقدين الماضيين، وسعت أبوظبي بشكل مطرد سيطرتها على الموانئ والمراكز اللوجستية والقواعد العسكرية في اليمن وشرق أفريقيا، ودعمت الجماعات المسلحة التي ساعدتها على ممارسة نفوذها السياسي في تلك المواقع.
وكانت موانئ دبي العالمية، وهي شركة لوجستية متعددة الجنسيات مقرها في دبي، “القوة الدافعة” لهذه الإمبراطورية الناشئة.
وبحسب التحليل: لذلك تخشى الإمارات أن يؤدي قطع العلاقات مع إسرائيل بشأن غزة إلى تهديد مشروعها التوسعي.
اهتمام الإمارات بخفض التصعيد
على خلفية تراجع ثقة أبوظبي في واشنطن باعتبارها الضامن الأمني النهائي للدولة ومنطقة الخليج فإن قرارها عدم الانضمام لعمليات “حارس الرخاء” وحملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة في اليمن هو قرار منطقي لثلاثة أسباب على الأقل كما يقول التحليل جورجيو كافييرو في تحليله بالمركز العربي للأبحاث.
أولاً: تدرك أبوظبي قدرة جماعة الحوثي على إلحاق ضرر جسيم بأمنها الوطني واقتصادها. وشن الحوثيون عدة هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على أبو ظبي في يناير 2022، فضربوا امتداداً لمطار أبوظبي الدولي قيد الإنشاء ومنشآت التخزين التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية.
وتعتمد قدرة الدولة على البقاء مركزاً تجارياً ومالياً رئيسياً في الشرق الأوسط على سمعة البلاد باعتبارها واحة من الرخاء والاستقرار في منطقة مضطربة.
ويقول التحليل: ومع وجود نموذج اقتصادي يعتمد على الحفاظ على السلام والأمن في الداخل، فإن المسؤولين الإماراتيين مصممون على تجنب أي أعمال قد تدفع الحوثيين إلى استئناف الهجمات ضد أهداف إماراتية.
ثانياً: لدى الإمارات -مثل السعودية- مصالح خاصة في استمرار الانفراج مع إيران. تعتبر إدارة التوترات بين أبوظبي وطهران أولوية بالنسبة للقيادة الإماراتية.
وأظهرت أعمال “التخريب” التي وقعت عام 2019 قبالة الساحل الشرقي للدولة، بالإضافة إلى الهجوم غير المسبوق بطائرات بدون طيار على منشآت الطاقة السعودية، قدرة إيران أو الجهات الفاعلة المرتبطة بها على إلحاق ضرر جسيم باقتصادات دول مجلس التعاون.
ولهذا السبب، فتحت الإمارات بحذر باب الحوار مع النظام الإيراني في عام 2019، وأعادت أبوظبي سفيرها إلى طهران في عام 2022، مما أدى إلى حقبة جديدة من الانفراج في العلاقات الإماراتية الإيرانية. ولا تريد القيادة الإماراتية أن تؤدي الأزمات الإقليمية إلى عرقلة هذا الانفراج.
ثالثاً: على الرغم من أن الإمارات لم تظهر أي علامات على أنها ستنسحب من اتفاقيات التطبيع رداً على الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أنه يجب على أبو ظبي أن تظل منتبهة للجماهير المحلية والإقليمية.
وبينما أعرب العديد من المواطنين العرب عن دعمهم لهجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن التي يُزعم أنها متجهة إلى إسرائيل قبالة الساحل اليمني، تدرك الإمارات أن أي دعم لإجراءات واشنطن ضد الحوثيين يمكن أن يخاطر بجعل أبوظبي تبدو متواطئة في الحرب الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة على اليمن وبالتالي “غزة”.
ويضيف التحليل: وعلى الرغم من أن المسؤولين في أبوظبي يحكمون بإحكام دولة بوليسية رقمية صغيرة، إلا أنهم لا يستطيعون أن يكونوا غير مبالين تماما بالرأي العام المحلي. ومع تفاقم معاناة الفلسطينيين وسط الحرب الإسرائيلية على غزة، ستصبح اتفاقيات التطبيع قضية حساسة بشكل متزايد في الخليج.
مصالح أبوظبي في القرن الأفريقي واليمن
وقال التحليل إنه على مدى العقدين الماضيين، استثمرت دولة الإمارات بشكل كبير في البنية التحتية والطرق والخدمات اللوجستية في البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
وأضاف: ومن خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية والأسواق الاستهلاكية المتنامية في منطقة تقع بجوار طريق بحري رئيسي، كان وجود السياسة الخارجية لدولة الإمارات في هذا الموقع ذي القيمة الاستراتيجية أساسية لقدرة أبو ظبي على بسط نفوذها خارج منطقة الخليج.
وتابع: تعتقد الإمارات أن ترسيخ حضورها الكبير في القرن الأفريقي سيسمح لها بالاستفادة من تدفقات التجارة البحرية عبر ممر باب المندب المائي، وهو رابط تجاري حيوي بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.
ومن بين الاستثمارات البحرية والتجارية المهمة للإمارات في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، منصات لوجستية مختلفة وموانئ رطبة وجافة.
وتشمل هذه المناطق السخنة وسفاجا في مصر، وبربرة في أرض الصومال، وبوصاصو في بونتلاند، وكلاهما من الولايات الصومالية الاتحادية، وأبو أمامة في السودان.
ولحماية هذه المصالح الاقتصادية، قامت الإمارات ببناء قاعدة جوية وبحرية في عصب بإريتريا، ثم قامت بتفكيكها في عام 2021 عندما توقفت المشاركة الإماراتية في حرب اليمن.
ويشير التحليل إلى أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات في القرن الأفريقي كانت مثيرة للجدل، خاصة فيما يتعلق بالصومال. فعلى مر السنين، اعتبرت الحكومة في مقديشو أبوظبي بمثابة تهديد لسيادة الصومال ووحدته واستقلاله.
وعلى الرغم من توقيع الإمارات والصومال على اتفاقية أمنية في أوائل عام 2023 أدت إلى تحسين العلاقات الثنائية، إلا أن عدة عوامل تسببت في احتكاك بينهما.
وفي الآونة الأخيرة، أظهر مقتل أربعة جنود إماراتيين وضابط بحريني على يد حركة الشباب الصومالية الإرهابية في قاعدة الجنرال جوردون العسكرية في مقديشو في 11 فبراير، مزيداً من العداء تجاه الإمارات في الصومال وأماكن أخرى في القرن الأفريقي.
والجدير بالذكر أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تستهدف فيها الميليشيا الجهادية المتمركزة في الصومال الإماراتيين: ففي يونيو 2015، حاولت حركة الشباب قتل دبلوماسيين إماراتيين في العاصمة الصومالية.
ويتابع جورجيو كافييرو: كما أدت أجندات أبوظبي في القرن الأفريقي إلى احتكاك مع مصر والسودان. وكانت هناك خلافات بين أبوظبي والقاهرة بشأن نزاع سد النهضة الإثيوبي الكبير وحرب تيغراي في إثيوبيا.
وفي السودان، وقفت الإمارات إلى جانب قوات الدعم السريع شبه العسكرية، بقيادة أمير الحرب محمد حمدان دقلو، ضد الجيش السوداني.
ويقول التحليل: بعد فترة وجيزة من شن التحالف الذي تقوده السعودية حربه ضد الحوثيين في مارس 2015، أرسلت أبوظبي قوات ومركبات لاحتلال جزيرة سقطرى، الأرخبيل اليمني في بحر العرب، وأقامتها كموقع استيطاني شبه عسكري عند مدخل الحدودخليج عدن).
وفي عام 2023، ورد أن الإمارات فرضت شروطًا على السفر إلى الجزر من خلال مطالبة الزائرين بالحصول على تأشيرات من أبوظبي قبل الوصول.
وأشار إلى أنه في جنوب اليمن، قامت أبوظبي باستثمارات كبيرة بهدف تعزيز نفوذها على المدى الطويل هناك. حيث أنشأت الإمارات شبكة من الوكلاء في جنوب اليمن، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي – وهي جماعة انفصالية تتحدى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً – وقوات النخبة الشبوانية في محافظة شبوة، وقوات النخبة الحضرمية.
وتعمل هذه الميليشيات على تعزيز نفوذ أبوظبي على المواقع البحرية اليمنية في عدن وحضرموت وميون وسقطرى وشبوة وتعز، وكلها مهمة للإمبراطورية البحرية الإماراتية.
تجاوز البحر الأحمر عبر ممر “دبي -حيفاء”
يشير التحليل إلى مصلحة الإمارات في اضطرابات البحر الأحمر، حيث تم الكشف عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) الذي تدعمه الولايات المتحدة في العام الماضي.
وهو ممر عابر للقارات يهدف إلى تعزيز الاتصال عبر القارات وتسريع التكامل الاقتصادي بين آسيا وأوروبا من خلال خطوط الشحن والبنية التحتية للطاقة والكابلات عالية السرعة والسكك الحديدية.
وتنظر الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إلى هذا الممر الاقتصادي، الذي يعتمد على استخدام الموانئ والمراكز اللوجستية والطرق الإماراتية، كوسيلة لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ويتابع التحليل: ومن خلال جعل التجارة الآسيوية الأوروبية أقل اعتمادًا على البحر الأحمر، يمكن للممر البري الذي يربط الإمارات بالاحتلال الإسرائيلي عبر السعودية والأردن ضمن إطار (IMEC)أن يغير الخريطة الاقتصادية للمنطقة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
في التحليل النهائي، على الرغم من أن الأزمة الأمنية في البحر الأحمر قد تعزز المصالح الوطنية لدولة الإمارات أمام الممر الاقتصادي معه الهند (IMEC)، إلا أن عدم الاستقرار في هذه المسطحات المائية سيظل مصدر قلق رئيسي لأبوظبي.
ومثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا ترحب الإمارات بعدم الاستقرار في البحر الأحمر الذي يهدد استثماراتها في اليمن ودول شرق إفريقيا.
ومع ذلك، وعلى الرغم من مشاركة واشنطن وجهة نظرها بأن عمليات الحوثيين التخريبية تشكل تهديدًا خطيرًا للتجارة البحرية، يبدو أن الإمارات غير راغبة في التعاون عسكريًا مع الولايات المتحدة لمواجهة هجمات الحوثيين. وإلى أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فمن غير المرجح أن يتغير موقف أبوظبي.
يختتم التحليل بالقول: إنه على الرغم من أن الأزمة الأمنية في البحر الأحمر قد تعزز مصالح دولة الإمارات إلا أن عدم الاستقرار في هذا المسطح المائي سيظل مصدر قلق رئيسي لأبوظبي. ومثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا ترحب الإمارات بعدم الاستقرار في البحر الأحمر الذي يهدد استثماراتها في اليمن ودول شرق أفريقيا.
المصدر: امارات 71