“بلبلة” في إسرائيل: ماذا بعد امتناع واشنطن عن استخدام “الفيتو” ؟
صدام معلن تشهده إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، بالتوازي مع امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن الدولي المطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
Table of Contents (Show / Hide)
ردّ نتنياهو على الخطوة الأميركية غير المسبوقة في مجلس الأمن، أتى سريعا من خلال إعلانه الامتناع عن إرسال الوفد الإسرائيلي السياسي والأمني الذي كان سيتوجّه إلى واشنطن لإجراء مناقشات مع الأميركيين حول العملية العسكرية المفترضة في رفح، والبدائل منها، كردّ فعل على ما اعتبره تراجعاً أميركياً. موقف نتنياهو لم يدم طويلا، إذ أعلن “البيت الأبيض”، أمس، صراحةً، أن “مكتب نتنياهو وافق على إعادة جدولة زيارة الوفد الإسرائيلي لواشنطن لبحث عملية رفح”.
لم يستوعب نتنياهو ولا الزمرة التي تحيط به في حكومة الحرب الموقف الأميركي، اعتبر رئيس حكومة العدو أن التراجع (الأميركي) يمسّ أيضاً بالجهود الحربية، وبالجهود للإفراج عن المخطوفين، لأنه يُعطي حماس الأمل بأن الضغوط الدولية ستسمح لها بالحصول على وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن مخطوفينا، في حين نقلت القناة 13 عن مصدر سياسي مقرّب من نتنياهو، قوله إن ترحيب حركة حماس بقرار مجلس الأمن، يقول كلّ شيء.
وقد اتهم رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان حكومة نتنياهو بأخذ إسرائيل إلى العزلة، وقال في تصريح نقلته قنوات إسرائيلية “نحن معزولون، وهذا إخفاق أمني وسياسي ودبلوماسي لم يسبق أن كنا في وضع مثله”.
ورأت مراسلة الشؤون السياسية في القناة الـ13 موريا أسرف وولبيرغ أن “مسار الصدام بين الولايات المتحدة وإسرائيل يتجه نحو مزيد من التدهور”، مشيرة إلى أن هناك غضبا شديدا في مكتب رئيس الحكومة من قرار مجلس الأمن الدولي، وأن مسؤولين كبارا في محيط نتنياهو وجهوا انتقادات شديدة لإدارة بايدن.
ومن جهتها، صرحت محللة الشؤون السياسية في القناة الـ12 دانا فايس بأن المواجهة ليست بين إسرائيل والولايات المتحدة، بل هي مواجهة سعى إليها نتنياهو مع الرئيس بايدن.
وكشفت نيريا كراوس، مراسلة القناة الـ13 في الولايات المتحدة، عن أن مسؤولين أميركيين أكدوا لها أن القرار الأميركي بعدم استخدام الفيتو ضد قرار مجلس الأمن “هو قرار خارج عن العادة يظهر مدى خيبة الأمل لدى الأميركيين من نتنياهو بعد أن قدم بايدن كل ما باستطاعته بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي”.
ووصفت كراوس هذه الأزمة بأنها الأعمق بين حكومة إسرائيل وإدارة بايدن منذ بداية الحرب على غزة، وقالت إن المسؤولين في البيت الأبيض أكدوا أنهم محبطون جدا من قرار إسرائيل عدم إرسال وفدها إلى واشنطن، والذي يرون أنه قرار أحادي الجانب من نتنياهو بهدف تعميق الأزمة بدوافع سياسية حزبية داخلية.
وحسب محلل الشؤون السياسية في القناة الـ12 عميت سيغال، “فإن الأميركيين الذين قدموا الدعم الكامل لدولة إسرائيل في الحرب على غزة يتراجعون تدريجيا، والآن لا يشترطون وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح المخطوفين”.
وبرأي ألون بن ديفيد، محلل الشؤون العسكرية في القناة 13، فإن كلا الرجلين، بايدن ونتنياهو، يخاطبان قاعدتهما الانتخابيتين، وكلاهما يسهم في هذه الأزمة، حسب قوله.
بدورها رأت صحيفة هآرتس أن الحدث يشكل فشلا جديدا لسياسة نتنياهو، واعتبرت أن الأخير أضاف إلى قائمة “إخفاقاته المجيدة”، أزمة دبلوماسية مع أقرب حلفاء إسرائيل وحاميتها في الخارج، التي بذلت قصارى جهدها للوقوف إلى جانبها منذ بداية الحرب.
وبدلا من الاعتراف بفشله، وتغيير موقفه من واشنطن، والاعتذار للإسرائيليين عما جلبه عليهم والاستقالة، اختار نتنياهو الاستمرار في شجب واستفزاز الأميركيين، وفقا لهآرتس.
ومن دون أدنى قدر من التواضع، ألغى نتنياهو إرسال وفد كان مقررا إلى واشنطن، واتهم أميركا بالتخلي عن “الموقف الأميركي الثابت” وبالتالي “الإضرار بالمجهود الحربي”، واتهم مكتبه واشنطن بتقويض الجهود الرامية إلى تحرير الرهائن وإعطاء نفس داعم لحماس، في خطوة تعني “اتهام الأميركيين بدعم الإرهاب”، وفقا لهآرتس.
أما يديعوت أحرونوت فأنحت باللائمة على واشنطن، وقالت إن اختيارها عدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن، حتى دون إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، يمثل تدهورا ملحوظا في العلاقات بين البلدين، ويشير إلى تحول ملحوظ في موقف إدارة بايدن التي أيدت بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن النفس وجهودها لتفكيك حماس عسكريا وسياسيا.
ورأت الصحيفة في هذه الخطوة تحذيرا لإسرائيل، ينذر باتخاذ إجراءات أكثر جذرية، مثل تقليل أو وقف شحنات الأسلحة والذخيرة إليها.وقالت إن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات، حتى لو كان ذلك يعني الانحراف عن الأعراف السياسية الراسخة في العلاقات الثنائية. ورأت أن القرار الأميركي، بدلا من المساعدة في تسريع نتيجة الحرب، يخاطر بإطالة أمدها، وأن المستفيدين الرئيسيين من هذا التحول هم حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية في غزة. وخلصت هذه الصحيفة إلى أن على إسرائيل أن تستغل الوضع الحالي لشن عملية عسكرية في رفح بهدف تفكيك كتائب حماس الأربع في المنطقة، أو البدء بحملة عسكرية تستهدف ما تبقى من قوات حماس في وسط قطاع غزة، لتدرك الولايات المتحدة أن هذه المعادلة ذات طرفين، رغم القوة الساحقة والمساعدات السخية التي يقدمها طرف للآخر.
وتأتي هذه الأزمة، بالتوازي مع تراكم الانتكاسات داخل الكيان حيث أعلن رئيس حزب “اليمين الوطني”، جدعون ساعر، الإثنين استقالته من حكومة بنيامين نتنياهو بعد عدم ضمه إلى مجلس وزراء الحرب.
المصدر: مرآة الجزيرة