ما القصة.. ماكور ريشون: ابن سلمان يسلك طريقا خاطئا أثناء التطبيع
سلطت صحيفة ماكور ريشون العبرية الضوء على رؤية ابن سلمان تجاه إقامة الدولة الفلسطينية في ضوء احتمالات قرب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة الخليجية.
Table of Contents (Show / Hide)
وادعت صحيفة “ماكور ريشون” أن السعودية كانت تتجاهل -في مسار تطبيعها مع إسرائيل- مسألة "إقامة الدولة الفلسطينية"، لكنها لاحقا -تحت ضغط من شعبها والولايات المتحدة- أعادت التركيز عليها، ووضعتها على الطاولة.
وتحاجج بأن مسألة "إقامة دولة فلسطينية" لن تكون في مصلحة السعودية أمنيا، ولا في صالح الإسلام ثقافيا.
ومن مدخل ثقافي، تقول الصحيفة إن "الدولة الفلسطينية مضادة للقيم الإبراهيمية، لأنها لا تقوم على التعايش والوحدة الإنسانية"، في إشارة إلى اتفاقيات أبراهام التطبيعية الشهيرة بين إسرائيل ودول عربية.
وأشارت بذلك إلى أن الإسلام في مفترق طريق ثقافي منذ الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918)؛ ما بين قيم مؤسس الجمهورية التركي مصطفى كمال أتاتورك، وقيم مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا.
فأي الطريقين سيسلك محمد بن سلمان في ظل الحديث السعودي عن قرب إبرام اتفاقية التطبيع؟
مفترق طرق
ومنذ بدء توقيع اتفاقات "أبراهام" عام 2020 بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب والسودان، تنظر السعودية إلى قضية "الدولة الفلسطينية" كهدف بعيد المنال، بحسب الصحيفة العبرية.
ومع ذلك، في الأسابيع الأخيرة، غيرت المملكة موقفها الرسمي بشأن هذه المسألة، استجابة لضغوط أميركية وأجزاء من المجتمع السعودي، وفق زعم الصحيفة.
إذ تعد "الدولة الفلسطينية" جزءا من خطة المبادرة العربية لعام 2002 التي تضم أيضا الأردن ومصر وقطر والإمارات والسلطة الفلسطينية.
وعن موقفه، تلفت الصحيفة إلى أن "ابن سلمان يعود إلى الصفقة القديمة لأسلافه مع الإخوان المسلمين"، وهو ما وصفته بأنه "خطأ إستراتيجي سعودي يمكن أن يهدد العالم العربي والإسلامي بأسره".
وكانت الصفقة أن "الرياض ستمول البنية التحتية للإرهاب بعيدا عن حدود البلاد -على سبيل المثال في أفغانستان- مقابل السلام في الداخل ووعد بعدم تنفيذ أي أعمال ضد النظام السعودي".
ويبدو أن الصحيفة تشير هنا إلى ارتباط تاريخ السعودية بدعم الجهاد الأفغاني بعيد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان عام 1979. ومع انتهاء الحرب برز تنظيم القاعدة الذي وصم بالإرهاب، وتحولت الرياض من دعمه إلى محاربته.
وبنفس الشكل، تدعي أن "حكام المملكة في الماضي تعاملوا مع (زعيم تنظيم القاعدة) أسامة بن لادن وقادة حركة طالبان".
ولكن رغم ذلك، تعتقد أن "هذه الإستراتيجية حتى لو نجحت إلى حد ما مع القاعدة، فإنها لن تنجح مع الفلسطينيين".
ولفهم تحركات ابن سلمان، تبرز الصحيفة العبرية أنه من الضروري العودة بالزمن إلى مفترق طرق واجه العالم الإسلامي بعد الحرب العالمية الأولى، حيث تواجه مع زعيمين؛ أتاتورك والملك السعودي فيصل بن عبد العزيز.
وأسهم الملك فيصل، الذي حكم بلاده من عام 1964 الى 1975 في لم شمل العرب بعد هزيمة 1967 من إسرائيل، كما أنه أول من استخدم سلاح النفط في وجه المعادين للحق العربي والإسلامي في فلسطين وغيرها.
وفيما يخص أتاتورك، تقول الصحيفة: “من خلال الإصلاحات الجذرية التي روج لها في تركيا، وأدت إلى ازدهار كبير، دفع بالإسلام من رؤية سيطرة الخلافة على العالم بالقوة البربرية إلى الاقتراب من القيم الإبراهيمية الحقيقية؛ مثل الاعتراف بالهوية الوطنية وحقوق الشعوب وحرياتها”.
وعلى حد وصفها، فإن "الاختبار المركزي للثقافة الإسلامية، والذي استمر منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، يتمثل في الاختيار بين طريق أتاتورك أو حسن البنا".
وفي هذا السياق، تسلط الضوء على أن “معارضة البنا للصهيونية وإسرائيل هي جزء فقط من مدرسة الإخوان المسلمين”.
وتعزو كون الصهيونية الهدف الأول لهذه الجماعة إلى أن "إسرائيل تمثل قيم الحداثة وتقع في قلب دار الإسلام وتتحدث باسم الله وأنبيائه".
وأكملت مزاعمها بالادعاء بأن "بنك أهداف الجماعة يشمل أيضا باريس وروما وواشنطن، عاصمة (الشيطان الأكبر)".
المشروع الفلسطيني
وفي إطار ما أشارت إليه سابقا، تدعي "ماكور ريشون" أن "العلاقة مع إسرائيل فرصة للعالم العربي والإسلامي لإبراز أسس الرحمة والعدالة المشتركة بين الشعوب".
وفي رأيها، فإن هذه الأسس بدأت تظهر في اتفاقيات أبراهام، كما ظهرت عندما دعم الأمير فيصل نجل الشريف حسين في عام 1919 إعلان بلفور (إنشاء وطن قومي لليهود)، كما قالت.
وأردفت: "بطبيعة الحال، تدمر مسألة الدولة الفلسطينية هذه الفرصة، فهي لا تمثل أي شيء سوى عدم الاعتراف بإسرائيل والسعي إلى تدميرها".
وبالنظر إلى الواقع، توضح أن "المشروع الفلسطيني الرسمي أو ذلك الذي تتبناه حركة المقاومة الإسلامية حماس، تحول إلى عامل رئيس دائم في إبعاد العالم العربي والإسلامي عن تراث أبراهام وإلى مركز دولي يدعو إلى إبادة إسرائيل".
ولتوضيح الفارق، تقول: “على عكس الدول العربية الأخرى التي نشأت بعد اتفاقية سايكس بيكو (بين فرنسا وبريطانيا على اقتسام تركة الدولة العثمانية على الأراضي العربية الواقعة شرقي المتوسط عام 1916)، لا تمثل فلسطين هوية ذاتية”.
وزعمت أن فلسطين “أنشئت منذ البداية كنفي، وهذا جوهر وجودها. ففي كل مكان تعمل فيه، أصبحت عاملا محرضا ومزعزعا ومفككا؛ في لبنان والأردن ومصر”.
وبناء على ذلك، تستخلص ما زعمت أنه "معنى إستراتيجي وأمني يتعين على السعوديين إدراكه"؛ وهو أن "الدولة الفلسطينية" أقرب إلى مكة بكثير مما يبدو.
وتابعت: "على العكس من منظمة تعمل من جبال أفغانستان أو باكستان، فإن إنشاء مثل هذه الدولة (أي الفلسطينية) يعني خلق أكبر معسكر تدريب في الشرق الأوسط للإرهاب الفلسطيني الإسلامي"، على حد وصف الصحيفة.
ومن وجهة نظرها، "سيكون الهدف الأول الأردن؛ فبالتعاون مع الإيرانيين -الذين يسعون بالفعل لتقويض النظام الهاشمي هناك- ومع الأغلبية الفلسطينية في الأردن نفسها، ستنهار المملكة وتُحتل من الداخل".
وبعد ذلك، تدعي أن "مكة، بجانب الدول الأخرى أيضا، ستصبح هدفا للإرهاب الفلسطيني، وبذلك، ستحقق الأيدي الفلسطينية طموح السيطرة الإيرانية على أقدس رمز حقيقي للإسلام"، ، وفق تعبيرها.
وفي النهاية، تطالب الصحيفة ابن سلمان بـ "تعزيز قيم العقل والأخلاق والحرية في الفكر الإسلامي، وقيادة العالم الإسلامي نحو مستقبل أفضل وأكثر أمانا".
"ولهذه الغاية، يجب عليه إزالة عقبة (الدولة الفلسطينية) من جدول الأعمال، والتي تشكل خطرا على مستقبل المنطقة والعالم كله".
المصدر: الاستقلال