"الضغط السعودي".. هل تقف الرياض وراء اعتراف دول أوروبية بفلسطين؟
أعلنت ثلاث دول أوروبية قبل أيام، الاعتراف بدولة فلسطين في قرار أثار ردود فعل عالمية، وأغضب الاحتلال الإسرائيلي بشدة.
Table of Contents (Show / Hide)
اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج، بدولة فلسطين، والذي يبدأ سريانه بعد غد الثلاثاء، رافقته حملة سعودية منظمة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، تدّعي أن هذه الخطوة لم تكن لتتم "لولا الضغط السعودي".
ونشرت وسائل إعلام شبه رسمية، وحسابات شهيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي جملة من الأخبار، تشير إلى أن "الضغط السعودي" هو السبب في كل انتصار دبلوماسي حققته فلسطين منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ورغم ذلك، فإنها لم تعلن أيّ من الدول الثلاث ولا وزارة الخارجية السعودية نفسها، أن جهودها أو "ضغوطاتها" هي التي دفعت إسبانيا وإيرلندا والنرويج إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
وثمّنت الخارجية السعودية قرار الاعتراف "الذي يؤكد الإجماع الدولي على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وتدعو بقية الدول إلى المسارعة في اتخاذ نفس القرار".
وتجاهل الإعلام السعودي التركيز على بيان وزارة الخارجية، أو البيانات الرسمية للدول التي لم تتطرق إلى أي دور للرياض في اعترافها بدولة فلسطين، باستثناء بيان النرويج.
وأطلقت وسائل إعلام سعودية حملة بعنوان "الضغط السعودي"، لم تقتصر على ربطها باعتراف الدول الثلاث، بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك بربط اعتراف عشرات الدول الأخرى بفلسطين بضغط الرياض عليها.
"بعد الضغط السعودي"
تضمنت الحملة السعودية عدة أخبار مغلوطة، أبرزها نشر قوائم لدول على أنها "اعترفت بفلسطين بعد الضغط السعودي"، رغم أن بعضها لم يعترف بفلسطين بالأصل، أو اعترف منذ سنوات طويلة.
ونشر حساب "الأحداث الأمريكية" السعودي، والمتابع من قبل مليوني شخص عبر "إكس"، عدة أخبار حول اعتراف دول بفلسطين، ونية أخرى الحذو حذوها، مرفقا ذلك بعبارة "بعد ضغط سعودي".
بدوره، قال حساب "الردع السعودي" المتابع من قبل 1.4 مليون عبر "إكس": "بفضل الله ثم الضغط السعودي على دول العالم للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة".
ونشر الحساب قائمة ضمت 43 دولة أجنبية قال إنها اعترفت بفلسطين بعد الضغط السعودي، ومن بينها الأرجنتين التي اعترفت بالسلطة الفلسطينية عام 1995، وبدولة فلسطين عام 2010، إلا أنها صوتت بالرفض على طلب عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نحو أسبوعين، بسبب موقف رئيسها الجديد خافيير مايلي المنحاز للاحتلال.
وضمت القائمة دولا معترفة بـ فلسطين منذ سنوات طويلة، على غرار ماليزيا وإندونيسيا وكوبا، وغيرها، والتي لم يكن للسعودية أي دور في قرارتها حينها.
في حين ضمت القائمة دولا لم تعترف بـ فلسطين، ولا تربطها علاقة بها، على غرار كوسوفو التي اشترطت فلسطين نقل سفارتها من القدس المحتلة إلى "تل أبيب"، كشرط لتبادل العلاقات الثنائية بينهما.
الحكومة النرويجية
النرويج كانت الدولة الوحيدة المعترفة بفلسطين، التي أشارت ضمنا إلى دور سعودي غير مباشر، ساهم في التوصل إلى هذا القرار.
في بيانها الذي أعلنت فيه الاعتراف بدولة فلسطين، قالت النرويج في تصريحات لرئيس وزرائها جوناس جار ستور، إن قرارها جاء بسبب العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى استشهاد الآلاف، وأن بلاده تدعم حل الدولتين ليعيش الفلسطينيون والإسرائيليون بـ"أمان وسلام".
ولفت إلى أن من بين الأسباب التي أوجدت بيئة مناسبة للاعتراف بفلسطين، هي اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا ينص على أن فلسطين مؤهلة تماما لعضوية دائمة، بأغلبية 143 دولة.
وتابع بأن الجهود جارية لصياغة رؤية عربية شاملة للسلام، وتشارك عدد من الدول العربية في هذا الأمر، و"تتعاون النرويج بشكل وثيق مع السعودية وتتخذ خطوات نشطة لحشد الدعم الأوروبي لرؤية المبادرة العربية للسلام".
شكر فلسطيني
"عربي21" تتبعت التصريحات الرسمية الصادرة عن المسؤولين المعنيين في هذا الملف، ووجدت أن مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن رياض منصور أشار إلى دور سعودي عربي إسلامي ساهم ضمن جهود أخرى بهذا الاعتراف.
وقال منصور لبرنامج "هنا الرياض" على قناة "الإخبارية" الرسمية إن الاعترافات "جاءت بعد جهد متواصل على مستويات عديدة، بما فيها اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، التي يقودها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في التأثير على مجموعة من الدول الأوروبية".
ولم يشر رياض منصور إلى دور سعودي منفصل، أو وحيد في التأثير على الدول الأوروبية، ورغم ذلك فقد عنون الحساب الرسمي لبرنامج "هنا الرياض": "رياض منصور: الاعتراف بفلسطين نتيجة جهود سعودية".
ولاحقا، قالت الحكومة الفلسطينية في بيان إن "رئيس الوزراء محمد مصطفى بحث مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان جهود وقف العدوان على شعبنا، وثمّن جهود المملكة العربية السعودية في حشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين".
استشهاد بسفراء دول أخرى
نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية تقريرا تحت عنوان "الجهود السعودية تقود للاعتراف بفلسطين"، استشهدت فيه على الدور السعودي بتصريحات لسفراء دول أفريقية ومسؤول فلسطيني.
واستدلت "الشرق الأوسط" على الدور السعودي في اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج، بـ فلسطين، بتصريحات حصلت عليها من سفير جيبوتي لدى المملكة ضياء الدين بامخرمة، والذي قال إن الرياض قامت بدور فاعل في الآونة الأخيرة، لا سيما منذ القمة العربية الإسلامية غير العادية التي عقدت في العاصمة السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
ونقلت عن السفير الموريتاني لدى السعودية محمد النبوت، قوله إن الاعتراف الدولي بفلسطين مرتبط بـ"الدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية، والذي يعد مهما ورياديا".
ونقلت "الشرق الأوسط" عن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، قوله إن "الرياض توظف ثقلها العربي والإسلامي والدولي عبر دبلوماسيتها الهادئة، وبالشراكة مع الأشقاء العرب، والأصدقاء في العالم لتجنيد كل هذا التحرك من أجل عزلة إسرائيل، وإدانة سلوكها ومواقفها من جهة، ودعم الحق الفلسطيني من جهة أخرى".
محصلة
اعترفت 7 دول بفلسطين منذ نيسان/ أبريل الماضي، وهي باربادوس وجامايكا وترينداد وتوباغو وباهامس، إضافة إلى إسبانيا وإيرلندا والنرويج.
في البيانات السبع لهذه الدول، لم يتم التطرق إلى الدور السعودي أو دور أي دولة أخرى، باستثناء النرويج التي أشارت بشكل غير مباشر إلى أن الجهود المشتركة مع المملكة هي أحد دوافع القرار.
يشار إلى أن عدد الدول التي تعترف بفلسطين رسميا ارتفع إلى 146، ومن المتوقع أن يزداد بانضمام دول أخرى قريبا.
المصدر: عربي 21