خبير أمريكي: العالم على أبواب كارثة اقتصادية مثلما شهدت 2008
أستاذ الاقتصاد في كلية ستيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك، والخبير الاقتصادي الأمريكي، "نورييل روبيني"حذر، من انعكاسات التناحر الجيوستراتيجي على العالم، مشيرا إلى مؤشرات تشي بكارثة اقتصادية ستعاني منها جميع الدول.
Table of Contents (Show / Hide)
وذكر "روبيني"، في مقال نشره بموقع صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن العالم سيواجه "تهديدات كبرى" في العقود القادمة، من شأنها تعريض الأصول المالية والسلام والازدهار للخطر، مشيرا إلى أن عالم الساسة لا يكترث كثيرا لهذه التهديدات، وينحاز أكثر إلى التخطيط قصير المدى.
وأوضح أن التهديدات الاقتصادية الضخمة تتمثل في التضخم والركود وأزمات الديون، إضافة إلى شيخوخة كثير من المجتمعات في الدول الكبرى، التي "ستدمر أنظمة المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية لديها".
وأشار "روبيني" إلى أن مستويات الدين العام والخاص في كثير من الدول بلغت مستويات قياسية، وهو ما سيمثل تكرارا لما سبق أن توقعه في السنوات التي سبقت الأزمة المالية لعام 2008.
وأضاف الخبير الأمريكي: "توقعت آنذاك بشكل صحيح أن دوراتنا الخبيثة من الازدهار والكساد ستؤدي إلى انهيار اقتصادي شامل. أخشى أن نواجه هذا الاحتمال مرة أخرى".
وعن ما يمكن أن تبدو عليه الأزمة الاقتصادية المتوقعة هذه المرة، ذكر "روبيني" أن "الركود العالمي سيكون شديداً وطويلا، وستؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة حادة في مشاكل خدمة الديون".
وتوقع "روبيني" تخلف كثير من الأفراد والشركات والمؤسسات المالية والحكومات عن سداد أقساط وفوائد الديون، ما سيضطر البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة لمواجهة التضخم. كما توقع الخبير الأمريكي أن "تنفجر فقاعات الأسهم الخاصة والعملات المشفرة بعد أن انتهى عصر الأموال الرخيصة".
ويرى "روبيني" انعكاسا سياسيا قاتما لهكذا توقعات، مشيرا إلى أن رد الفعل العالمي الحالي ضد الديمقراطية الليبرالية وصعود الأحزاب الراديكالية الاستبدادية من اليمين واليسار المتطرفين كان مدفوعًا جزئيًا بالارتفاع الحاد في عدم المساواة بالدخل والثروة.
وأضاف أن التهديدات الجيوستراتيجية تمثل عائقا أساسيا أمام معالجة الخطر الاقتصادي الداهم، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، التي جددت خطر الحرب الباردة بين الغرب وقوى مثل الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية.
ونوه "روبيني" إلى أن "التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة ويمكن أن تتصاعد أكثر. وقد يؤدي الخطر المستمر للصراع بين إيران وإسرائيل إلى زعزعة استقرارنا جميعًا".
أما أكثر التهديدات خطورة، حسبما يرى "روبيني"، فهي أزمة المناخ العالمية، التي "ستؤدي إلى كوارث اقتصادية وبشرية لا توصف ولا رجعة فيها إذا استمر تجاهلها" حسب رأيه.
وأوضح أن الكوارث الطبيعية بسبب تغير المناخ أدت، هذا العام وحده، إلى نزوح ملايين اللاجئين، مشيرا إلى أن موجات الجفاف والحر اجتاحت الهند وباكستان وأفريقيا جنوب الصحراء وغرب الولايات المتحدة.
وأضاف: "إنها مجرد علامة على أشياء قادمة، ومع ذلك فإن الأقوياء لا يفعلون شيئًا يذكر لمعالجتها (..) هذه ليست سوى بعض العلامات المشؤومة الحالية لمخاطر ضخمة، أسوأ بكثير في العقد المقبل (..) ومن الواضح أن الهدوء النسبي بالسنوات الـ 75 الماضية مهدد الآن".
وأشار "روبيني" إلى أن التهديدات التي يحذر منها "تتغذى على بعضها البعض في حلقة مدمرة"، ما يمكن أن يؤدي إلى "الفوضى الاقتصادية وعدم الاستقرار" عبر انهيارات وصراعات أسوأ مما يعرفه العالم بالفعل.
وشدد الخبير الأمريكي على أن استمرار السياسيين في نهجهم الحالي "سيجعل حياة الناس في جميع أنحاء العالم أسوأ"، داعيا إياهم إلى عدم تجاهل التهديدات المحدقة بمجتمعاتهم والتعامي عنها لصالح رؤى حزبية وأيدولوجية ضيقة.
لكن "روبيني" اختتم مقاله بتوقعات متشائمة حول استجابة السياسيين لدعوته: "طالما أن السياسات المختلة والاستقطابية والتناحر الجيوسياسي يمنعان التعاون العالمي، الذي تشتد الحاجة إليه، فإن المسار البائس يبدو أكثر ترجيحًا".
المصدر: الخليج الجديد