كان هذا خلاصة تحليل نشره "المركز العربي واشنطن دي سي"، وترجمه "الخليج الجديد"، تعليقا على قرار الخفض الجديد لإنتاج النفط.
وقال التحليل الذي كتبته باتريشيا كرم الزميلة غير المقيمة بالمركز، إن السياسة السعودية الجديدة لها آثار على السياسة المحلية والدولية، بما في ذلك تنويع شركاء البلاد الدبلوماسيين خارج الولايات المتحدة فقط، خاصة مع نمو النفوذ العالمي للصين وتحويل الولايات المتحدة تركيزها إلى آسيا وأوروبا.
وبناءً على ذلك، تقول الكاتبة إن القرار السعودي الأخير بخفض إنتاج النفط، بما يتجاوز مجرد تعزيز مكانة روسيا في وقت يحاول الغرب معاقبتهم، يؤكد نهاية علاقة السعودية أحادية الزواج في الغالب مع الولايات المتحدة وظهور تحالف جديد للمصالح، بالإضافة إلى إمكانية إقامة تحالفات طويلة الأمد بين الرياض وبكين وموسكو وطهران.
خطوة أولى
وبحسب الكاتبة، لا يمكن إنكار أن تخفيضات الإنتاج هي الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز مكانة السعودية الإقليمية.
وترى أن إعادة فحص لاحقة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة سوف تحتاج إلى الموازنة بعناية بين الدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذا التعديل وآثاره.
ومع وصول إجمالي الخفض إلى أكثر من مليون برميل يوميًا، أو ما يقرب من 1% من الإنتاج العالمي، بعد تنسيق السعودية مع تكتل "أوبك+"، سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى رفض الإعلان، معتبرا أن القرار" غير حكيم نظرًا لعدم اليقين الحالي في السوق". لكن التحليل يقول إن النتيجة "لن تكون بالسوء الذي يعتقده بايدن".
ورغم أنه بعد يوم واحد من الإعلان، ارتفع خام برنت بشكل حاد بنحو 6% ليصل إلى ما يقرب من 85 دولارًا للبرميل، فإن مع انخفاض الطلب، استقرت أسعار النفط منذ ذلك الحين عند حوالي 75 دولارًا للبرميل.
على هذا النحو، ترى الكاتبة أن خطوة السعودية الجريئة هي إشارة إلى الولايات المتحدة للنهج الصعودي الذي ستتبناه المملكة لرسم سياساتها الخارجية والطاقية الخاصة بها، وهذا أثناء تعزيز الرياض للتحالفات العالمية مع روسيا والصين وتطوير شراكات إقليمية مع المنافسين القدامى، مثل إسرائيل وسوريا وتركيا وحتى إيران لتعزيز الاستقرار والازدهار الإقليمي.
تباعد عن الولايات المتحدة
ومن دون ضمانات مؤكدة بأن الولايات المتحدة ستأتي للدفاع عن المملكة عند الحاجة، من الواضح أن الرياض مستعدة لاتباع استراتيجية طاقة وأمن قومي مختلفة عما تود واشنطن، لأنها تضع نفسها كقوة إقليمية، ومن الواضح أن الدافع وراءها هو "مصلحتها الذاتية"، تقول الكاتبة.
وعلى الرغم من الفوائد المحتملة للسعودية من خفض الإنتاج، فإن مبادرة تعزيز الأسعار ربما لا تزال أقل ارتباطًا بتوليد إيرادات أعلى، وأكثر ارتباطًا بالاحتياجات الداخلية المتغيرة للمملكة والموقع الجغرافي الاستراتيجي، حيث تسعى السعودية، المصممة حديثًا على استعادة موقعها كقوة حاسمة في تشكيل أسعار النفط، إلى التحوط من رهاناتها وتميل إلى الصين وروسيا وجيرانها الخليجيين من أجل حماية مصالحها.
وربطت الكاتبة أيضا قرار السعودية الأخير تخفيض إنتاج النفط، واتفاق استعادة العلاقات بين المملكة وإيران، بوساطة الصين، والذي جاء بعد أسابيع من زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى الرياض وتوقيعه هناك 34 اتفاقية استثمار عبر قطاعات متعددة، بما في ذلك الطاقة الخضراء والخدمات السحابية وتكنولوجيا المعلومات.
وتخلص الكاتبة إلى أن قرار خفض الإنتاج الجديد من السعودية هو بمثابة "خطوة براجماتية جوهرية" من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، للتكيف مع منطقة الخليج ما بعد الولايات المتحدة من خلال جمع شبكة أوسع من الشركاء والرعاة الذين يمكن للسعودية من خلالها أن تلعب دورًا حاسمًا في المنطقة.
ويؤكد القرار إلى أي مدى فقدت إدارة بايدن قدرتها على التأثير على المملكة، ما يدل على زوال معادلة "الأمن مقابل النفط" القديمة، لصالح نموذج تضع فيه المملكة نفسها كقوة لها طموحاتها الإستراتيجية الخاصة بها، ومستقلة عن الولايات المتحدة.