نزاع حقل الدرّة.. 3 دول مرشحة لوساطة بين طهران والكويت والرياض
للحفاظ على العلاقات المستعادة قبل أشهر بين السعودية وإيران، فإن نزاع طهران مع الكويت والرياض بشأن ملكية حقل الدرّة للغاز الطبيعي في شمال غربي مياه الخليج يستلزم الاستعانة بوسيط لتسويته عبر محادثات ودية.
Table of Contents (Show / Hide)
تلك القراءة قدمها الباحثان علي نجاة ومحمد الهاشمي، في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، الحقل الذي يُسمى "آراش" في إيران "تقع أجزاء منه في حدود مائية غير محددة بين إيران والكويت".
وتابعا أن "البلدين انخرطا منذ عام 1960 في محادثات متتالية ومتقطعة لحل مسألة ملكية الحقل، لكن التعقيدات الجيوسياسية والمسائل التقنية والجوانب القانونية للقضية، مثل التفسيرات المتضاربة للقانون البحري الدولي، جعلت النزاع على الطاقة مستعصيا على الحل حتى الآن، واستمرت الجولة الأخيرة من المحادثات لسنوات، كان آخرها بطهران في مارس/ آذار الماضي، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق".
ولفتا إلى أن الكويت والسعودية اتفقتا العام الماضي على تطوير الحقل، وهو اتفاق أدانته إيران باعتباره "غير قانوني"، مشددة على أن أي استخراج من الحقل يتطلب إذنا منها أيضا، فيما أعلنت الكويت مؤخرا عن خطة مدتها أربع سنوات (2023-2027) لتزويد معدات البنية التحتية اللازمة لاستخراج النفط والغاز من الحقل، وفي المقابل أعلنت إيران أنها على وشك بدء الحفر فيه.
وذلك الاتفاق وقَّعته الكويت والسعودية قبل أن تستأنف الأخيرة وإيران علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي؛ ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في المنطقة.
دافع الضرورة
ويجادل محللون إيرانيون بأن الكويت، وليس السعودية، هي المسؤولة بشكل أساسي عن التحركات الأخيرة فيما يتعلق بالحقل المتنازع عليه، ويتكهنون بأن الكويت "جرت المملكة إلى النزاع في محاولة لتعزيز ورقة مساومتهم ضد إيران، لذلك، تُنصح طهران بالتصرف بنضج وتجنب تصعيد الموقف"، بحسب نجاة والهاشمي.
واعتبرا أن "رد الفعل الذي أبدته كل من طهران والرياض فيما يتعلق بالنزاع على الحقل يشير إلى أن أيا من الجانبين ليس على استعداد للعودة فورا إلى التوتر الذي كان عليه قبل 2023".
وأردفا أنه "على الرغم من انتقاد إيران للاتفاق السعودي الكويتي في ذلك الوقت (العام الماضي)، فإن استعادة العلاقات مؤخرا يمكن أن تساعد في تسوية النزاع البحري بين إيران والكويت".
و"إحدى النقاط الرئيسية التي يجب تسليط الضوء عليها هي أن إيران والسعودية أنهتا توتراتهما بدافع الضرورة"، كما تابع نجاة والهاشمي.
وأوضحا أنه "في محاولة لإنهاء الحرب في اليمن (مستمرة منذ 2014) وتهيئة الظروف الآمنة للاستثمار وفقا لرؤية 2030 (التنموية)، احتاجت السعودية إلى تطبيع العلاقات مع إيران، فيما سعت الأخيرة أيضا إلى تحسين علاقاتها مع الدول المجاورة في محاولة للهروب من العزلة الاقتصادية".
وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على إيران، في ظل اتهامات إقليمية وغربية لها بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها النووي ممصم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.
الصين وقطر وعمان
ومن المرجح أن يمثل الخلاف حول حقل الدرّة أول اختبار للعلاقات المستعادة بين السعودية وإيران، بحسب نجاة والهاشمي اللذين اعتبرا أن الوضع "يستلزم أكثر من أي وقت مضى إشراك وسيط للمساعدة في إنهاء الخلاف".
وقالا إنه "يمكن أن تتمكن الصين وقطر وسلطنة عمان من القيام بهذا الدور، إذ لعبت الصين دورا فعالا في التقارب بين إيران السعودية ويُنظر إليها على أنها ضامن السلام بين البلدين، ونُقل عن السفير الصيني لدى الكويت تشانغ جيانوي قوله مؤخرا إن الخلاف يجب تسويته عبر المحادثات والمشاورات الودية وليس الإكراه أو القوة".
وأردفا: "وإذا رفضت الصين التوسط، فإن عمان وقطر لاعبان إقليميان رئيسيان آخران تربطهما علاقات ودية مع الدول الثلاث، وكلاهما في وضع جيد لمساعدة الثلاثي على إنهاء الأزمة".
و"من شأن التسوية الدبلوماسية والسلمية للنزاع على حقل الدرّة أن تساعد في رفع مستوى التعاون بين إيران والكويت، تماما كما حدث في تسوية خلافات سابقة بين السعودية والكويت ما نتج عنه تعاون في حقلي الخفجي والوفرة النفطييين، كما تشترك إيران وقطر في حقل غاز جنوب بارس البحري العملاق، وهو مثال جيد آخر يجب اتباعه"، وفقا لنجاة والهاشمي اللذين لافتا إلى أن الرياض وطهران تشتركان في 4 حقول للغاز الطبيعي.
وشددا على أن "التسوية الدائمة للنزاع على حقل الدرّة، بغض النظر عن الجانب الأكثر استفادة، ستوفر مكاسب غير متوقعة للدول الثلاث، وفرصة لتحويل التنافس إلى تعاون، مما يمهد الطريق إلى علاقات أفضل في مجالات إضافية".