سوق العقارات بإسرائيل مهدد بالانهيار بسبب الحرب، والحكومة ستعقد اجتماعاً طارئاً.. انخفاض بالبناء ونقص بالعمالة
من المتوقع أن تعقد وزارة المالية الإسرائيلية جلسة نقاش طارئة، بشأن الوضع الخطير الذي وصل إليه سوق العقارات في تل أبيب، لا سيما بعد أن شهد انخفاضاً في بناء الوحدات السكنية، ونقصاً حاداً في عمال البناء نتيجة لغياب العمال الفلسطينيين ورحيل العمال الأجانب، وارتفاعاً في أسعار المواد الخام والنقل، متأثراً بالحرب على غزة.
Table of Contents (Show / Hide)
صحيفة Ynet الإسرائيلية نشرت تقريراً، أكد أن عشرات من شركات المقاولات الصغيرة في إسرائيل تتعرض لخطر الإفلاس، بعد مواجهتها صعوبات مالية، وذلك في ظل ارتفاع الفائدة وانخفاض الطلب على السكن.
الصناعة "معرضة للانهيار"
تقرير الصحيفة أشار إلى تحذير جمعية المقاولين ومسؤولين كبار في صناعة البنية الأساسية والذي أكد أن الصناعة "معرضة للانهيار" .
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تعقد وزارة المالية الإسرائيلية جلسة نقاش طارئة يوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول، بشأن الوضع الخطير الذي وصلت إليه الصناعة، إذ وصف كبار المسؤولين الحكوميين هذه الأزمة بأنها أصعب أزمة تتعرض لها الصناعة منذ عقود.
التقرير أوضح أنه من المتوقع أن يشارك في الاجتماع كبار المسؤولين الماليين، منهم المدير العام لوزارة المالية شلومي هيسلر، وكبار المسؤولين في قسم الميزانية الذي يرأسه يوغيف جيردوس، ومسؤولون كبار آخرون في الهيئات الاقتصادية ومصلحة الضرائب.
"الوضع خطير"
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في وزارة المالية: "الوضع خطير، وهذا واضح لنا جميعاً"، مؤكداً أنه لا خيار سوى مساعدة مختلف القطاعات وحل أزمة العمل، وخفض أسعار المواد الخام. وأعرب مسؤول حكومي كبير عن أمله في أن يخفض بنك إسرائيل في يناير/كانون الثاني المقبل، أسعار الفائدة بنسبة نصف بالمئة.
ووفقاً للصحيفة، فإنه من المتوقع أيضاً أن يشارك رئيس جمعية البنّائين راؤول سارجو، في مناقشة وزارة المالية الطارئة. وقال: "كثير من الشركات العقارية المعروفة، وبعضها حكومية، تعرضت لأضرار مالية بسبب الحرب. وبعض الشركات كانت في وضع سيئ حتى قبل الحرب نتيجة زيادة أسعار الفائدة، وأنا لا أقول إن هذه الشركات على وشك الانهيار، لكنها بالتأكيد تفكر 10 مرات قبل أن تشتري قطعة أرض وتبدأ عليها مشاريع بناء".
سارجو حذر قائلاً: "إذا لم تعمل الحكومة على تسهيل الأمور على الصناعة الآن، فسوف نشهد مأساة حقيقية. ونرى البنوك تشدد الشروط على المطورين الذين فازوا بمناقصات سلطة الأراضي الإسرائيلية. والشركات الكبيرة التي لم تدفع بعدُ ثمن الأرض تدرس إن كانت ستدفع أم ستطلب التأجيل، لأن الظروف حالياً لا تشجع على الشراء. فهل ستصمد صناعة البناء في هذا الوضع؟ اليوم احتمال تعرضها لانهيار شامل أكبرُ من أي وقت مضى".
النقص الحاد في العمالة
كما أكد سارجو ضرورة زيادة جلب العمال الأجانب إلى الصناعة بسرعة وبأعداد كبيرة، واصفاً هذه الأزمة بالأخطر. ورغم إعادة فتح مواقع البناء، لا يزال الإنتاج عند مستوى 30% فقط، وهي نتيجة واضحة لغياب نحو 80 ألف عامل بناء فلسطيني.
ومع ذلك، تواجه إسرائيل أيضاً مشكلة ندرة العمال الأجانب في قطاع البناء. وتواجه البلدان التي يأتي منها هؤلاء العمال، الصين ومولدوفا بصفة رئيسية، صعوبات، بحسب الصحيفة.
فقد عارضت الصين دخول عمال جدد بسبب التوترات الجيوسياسية، وكان جلب عدد كافٍ من عمال البناء من مولدوفا صعباً أيضاً. وبينما وافقت الحكومة على زيادة حصة العمالة الأجنبية من 30 ألفاً إلى 50 ألفاً عبر اتفاقيات ثنائية، دفعت الإجراءات المطولة إلى اتخاذ قرار باستقدام 10 آلاف عامل إضافيين عبر اتفاقيات خاصة.
من جانيه، أكد إلداد نيتسان، رئيس رابطة شركات القوى العاملة في صناعة البناء، التزام الرابطة بتوظيف 10 آلاف عامل من خلال اتفاقيات خاصة إلى حين إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة مع دول مثل سريلانكا وأوزبكستان. ويعتبر نيتسان هذا النقص في العمالة "فشلاً"، وشدد على ضرورة الإسراع بإدخال العمال إلى السوق.
انخفاض الطلب على الوحدات السكنية
ووفقاً لدراسة أجراها معهد رسم الخرائط الجغرافية في إسرائيل، شهد نوفمبر/تشرين الثاني الماضي انخفاضاً كبيراً في الطلب على الشقق، خاصة في المدن التي كان الطلب عليها كبيراً قبل الحرب.
وتكشف البيانات عن تغيُّر التفضيلات، مع انخفاض ملحوظ بنسبة 83%، و45%، و50% في الطلب على الشقق في عسقلان، وأسدود، وتل أبيب، على التوالي.
من جهتها ِأشارت الدكتورة رينا ديجاني، مستشارة الاقتصاد الحضري وصاحبة معهد رسم الخرائط الجغرافية الذي أجرى الدراسة، إلى حدوث تغيير في أنماط البحث عن العقارات. ففي السابق، كان الأفراد يستكشفون موقعين أو ثلاثة، بينما يركزون الآن على 1.5 موقع في المتوسط.
فيما تشير بيانات أخرى إلى أن نحو 30% ممن يخططون للانتقال من منازلهم يعزون قرارهم إلى الحرب. وتحول الاعتبار الأهم في اختيار مكان العيش إلى الشعور بالأمان في المبنى ومحيطه، وليس عوامل أخرى مثل عدد الغرف، والقرب من العائلة والأصدقاء، ومستوى التعليم، والقرب من مكان العمل.
في السياق، يلاحظ دان كاتشانوفسكي، الرئيس التنفيذي للمركز العقاري، تحولاً في خريطة الطلب على الوحدات السكنية. وينعكس الشعور بالأمان بين الإسرائيليين الآن في سوق الإسكان، الأمر الذي أدى إلى إعادة النظر في مشاريع جديدة بمناطق مضطربة، مثل الجنوب والمناطق الحدودية في الشمال.
"سيناريو صعب"
إلى ذلك وصف درور أوبيه تسيون، الرئيس التنفيذي ومالك شركة Dra Marketing Real Estate، سيناريو صعباً عام 2023، ينخفض فيه الطلب على الوحدات السكنية بنسبة 90% في أعقاب ارتفاع أسعار الفائدة وشهر سبتمبر/أيلول مضطرب.
وظلت أحجام المعاملات أقل بنسبة 50% في نوفمبر/تشرين الثاني عن العام السابق. ويتكيف المطورون مع السوق عبر اللجوء إلى استراتيجيات مثل عمليات التمويل والقروض المدعومة، لكن الصراعات المستمرة وبيئة أسعار الفائدة المرتفعة تشكل تحديات خطيرة لبعض الشركات.
مصانع مهددة بالإغلاق
ومن جانبها، أشارت صحيفة Israel Hayom إلى أن المصانع على الحدود الشمالية والجنوبية مهددة بالإغلاق بعد اندلاع الحرب على غزة. فمنذ الشهر الماضي، تواجه العديد من المصانع نقصاً حاداً في العمال أو نقصاً في الطلبيات
ورغم أن جميع الشركات الواقعة على مسافة تصل إلى 7 كيلومترات من الحدود (مثل عسقلان) يحق لها الحصول على تعويض بنسبة 100% من الخسارة التي تكبدتها، فمن الواضح أن الدولة بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لضمان بقاء الصناعة المحلية ونموها المستقبلي، وفقاً للصحيفة.
الصحيفة أوضحت أن بعض المصانع في مناطق القتال فقدت زبائنها من الخارج (من لا يريدون المخاطرة)، وبعضها عاجز عن إعادة العمال بعد إجلائهم إلى الفنادق واستلام أجورهم، والبعض يطالب بجلب عمال أجانب بدلاً من العمال الفلسطينيين الذين ربما لن يعودوا إلى إسرائيل قريباً. والبعض يتساءل عن كيفية التعامل مع الاستثمار الجديد الذي خططت له في الوقت الذي لا تعمل فيه بكامل طاقتها.
وهناك أيضاً، وفقاً للصحيفة، مصانع لم يتعافَ أصحابها بعد من صدمة 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهم ليسوا جاهزين نفسياً وجسدياً للتنقل بين ضريبة الأملاك والتأمين الوطني وخدمة التوظيف.
"انهيار المبادئ الاقتصادية"
من جهته، وجه المدير العام لوزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، أمنون مرحاف، انتقادات حادة لمسؤولي المالية، وقال لصحيفة Israel Hayom إن "المبادئ الاقتصادية انهارت أيضاً في هذه الحرب".
وأشار إلى أن قسم الموازنة بوزارة المالية يواصل ارتكاب أخطاء كبيرة في إدارة الحملة الاقتصادية، فبدلاً من أن يشجع الاستثمارات في الصناعة والمشاريع وتسريع نمو الاقتصاد ودعم الأنشطة التجارية التي من شأنها توليد الإيرادات وزيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل، يقتطع مئات الملايين من تمويل هذه القطاعات.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية ليست الوزارة الوحيدة التي واجهت تخفيضات بالميزانية في ما تبقى من موازنة 2023، والهدف واضح ومفهوم: تخصيص الأموال للحرب.
المصدر: العربي الجديد