خلال الأسبوع الفائت عُقد مؤتمر الطاقة السنوي في هيوستن في الولايات المتحدة الأميركية المُسمّى "أسبوع سيرا"، كان للرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين ناصر مداخلة فجّر فيها جديد ما توصّلت إليه بلاده في موضوع الطاقة البديلة. كان على طول مداخلته محامياً عن النفط وتاليا عن الدول النفطية، حيث أعرب عن أسفه لأن "صناعتنا يتم تصويرها على أنها العدو اللدود للمرحلة الانتقالية"، واصفاً صناعة النفط والغاز بأنها "بطل مفترى عليه كذبًا". تفوّه الناصر بهذا في الوقت الذي ثبت بما لا لُبس فيه ضلوع شركات الوقود الأحفوري في تعميق أزمة المناخ العالمية.
يتحدث ناصر نيابة عن مصالح الحكومات والمصالح النفطية العالمية، ويُرجع حجته في هذا الطرح إلى فكرة مفادها أن مصادر الطاقة البديلة لم تكن قادرة على الحلول محل الوقود الأحفوري على نطاق واسع، على الرغم من إنفاق العالم أكثر من 9.5 تريليون دولار على تحول الطاقة في العقدين الماضيين. وقال "يتعين علينا أن نتخلى عن خيال التخلص التدريجي من النفط والغاز، وأن نستثمر فيهما بالقدر الكافي، بما يعكس افتراضات واقعية للطلب".
وكان ديفيد فيكتور، أستاذ السياسة العامة في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، في "أسبوع سيرا" وقال إن خطاب ناصر لقي استحسانًا من قبل العاملين في صناعة النفط والغاز الذين يشكلون نسبة كبيرة من الحضور. فيكتور كاتب ومحلل غزير الإنتاج لسياسة وتكنولوجيا الطاقة النظيفة.
وتابع فيكتور قائلا أن بهذا الخطاب فإن ناصر كان "يقول أشياء يفكر فيها الكثير من المديرين التنفيذيين الآخرين ولكنهم لا يستطيعون قولها بصوت عالٍ لأنهم لا يديرون شركة مملوكة للدولة مقرها في الخليج العربي، لكنهم يديرون شركات مطروحة للتداول العام، مع المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين الذين يرغبون في الاستمرار في تعزيز تحول الطاقة، ولا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم مستسلمون لإيجاد حلول لهذه المشكلة العالمية".
ويقدّم دليلاً على عدم صحة تقدير ناصر عن عدم جدوى مساعي التحول، والدليل على ذلك موجود في صعود الاستثمار العالمي في تقنيات تحول الطاقة إلى 1.8 تريليون دولار في العام الماضي مقارنة بـ 1.1 تريليون دولار للوقود الأحفوري، وفقًا لبلومبرغ.
وسبق هذا الاعتراف، ما جرى نهاية العام الفائت خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ في دبي COP28، حيث ناقشت الدول ما إذا كانت ستدعو إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري من أجل مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، ظهرت "السعودية" كأكبر معرقل للتوصل إلى اتفاق.
حيث عارض الوفد السعودي بشكل قاطع أي لغة في الصفقة من شأنها أن تذكر الوقود الأحفوري، كما اعترض الوفد أيضًا على بند، أقرته 118 دولة على الأقل، يهدف إلى مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2030.
كما نقلت وسائل إعلام أميركية وبريطانية عن عشرات الأشخاص الذين كانوا داخل مفاوضات مغلقة، كيف كان الدبلوماسيون السعوديون ماهرين بشكل خاص في عرقلة المناقشات وإبطاء المحادثات.
حيث سُجّل تباطؤا من الوفد السعودي في تنفيذ بند يهدف إلى مساعدة البلدان الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ، كما قام الوفد بتنظيم انسحاب في اجتماع جانبي، ورفض الجلوس مع المفاوضين الذين يضغطون من أجل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وفي دليل آخر على زيف ادعاءات "المملكة" اهتمامها بإيجاد حلّ لمشكلة المناخ العالمية، فقد كشف تحقيق سري بريطاني أجراه مركز تقارير المناخ وتم عرضه حصريا على القناة الرابعة الإخبارية البريطانية، أن مسؤولين من “برنامج استدامة النفط في المملكة العربية السعودية" (OSP) يعترفون بأن "الحكومة السعودية" تخطط لتعزيز الطلب في إفريقيا وآسيا على منتجات البنزين والنفط والديزل، كجزء من برنامج عام لوزارة الطاقة.
وذكر المسؤولون -الذين أدلوا بهذه المعلومات دون معرفتهم بأنهم يتحدثون مع مراسلين يجرون تحقيقا- أنهم يهدفون إلى مواجهة حوافز السوق والدعم للسيارات الكهربائية على المستوى العالمي، للحفاظ على الاعتماد الدولي على الوقود الأحفوري، وخاصة في الأسواق الناشئة مثل أفريقيا. وقال المسؤولون للمراسلين السريين، إن أحد معايير اختيار مشاريع ODSP البالغ عددها 46 مشروعًا هو “تعزيز إمكانية الطلب المتزايد على النفط”، مع قيام البرنامج بتيسير التمويل المطلوب للمشاريع.
المصدر: مرآة الجزيرة