سياحة العلا: لا احترام لميزانية المواطنين ولا لعقيدتهم
زار موقع الـ”ميدل إيست آي مونيتور” منطقة العلا في شبه الجزيرة العربية لتعود بتقييم لتجربة السياحة في منطقة العُلا.
Table of Contents (Show / Hide)
تلفت الصحفية في نقل تجربتها إلى ما لحظته من تزايد أعداد النساء الأجنبيات غير المحجبات مع رجال يرتدون السراويل القصيرة في مشهد غير معتاد في البلد، إلى جانب تواجد الكثير من الثنائيات من السياح الأجانب الذين يأخذون أماكن سكن واحدة دون أن يُصرّحوا بالوثائق عن طبيعة علاقتهم،
على عكس ما اعتيد عليه من إلزام من يرتادون غرف نوم واحدة من كِلا الجنسين أن يمتلكوا مبررا قانونيا إما زواج أو قرابة. ولكن تحت السطح يكمن عيب واضح في حملة السياحة في المنطقة، وهو وفقا للموقع أن جزءا كبيرا من الخدمات مخصص إلى حد كبير للمسافرين الأثرياء وأولئك الذين يستطيعون إنفاق مئات الدولارات في الليلة في المخيم.
يتوسع الموقع في شرح هذا العيب أنه بالنسبة لأي مسافر منفرد أو مسافر يخطط للبقاء ليلاً – كما هو منطقي، نظرًا لحجم العلا الهائل – عليهم أن يتهيّؤوا لفكرة أنهم سيتكلفون مبالغ كبيرة مقابل عدد أماكن إقامة محدودة، على عكس ما هي عليه المناطق المشابهة في في صحاري الأردن والمغرب، حيث يمكن حجز هذه الإقامة بأقل من 10 دولارات في الليلة، إلى جانب خيارات أكثر تكلفة وفخامة.
أشار الموقع إلى عدم توفر فرصة زيارة الأماكن السياحية إلا من خلال الحجز وشراء التذاكر. مقدما أحد الأمثلة على ذلك هو مسرح المرايا الواقع في واد وسط جبال “العلا”، وهو مغطى بالكامل بالزجاج العاكس ويعمل كمرآة ضخمة تمتزج مع الوادي. يتعين على الزائر إما شراء تذكرة لحضور حفل موسيقي أو حدث يقام هناك، أو حجز مكان لتناول وجبة في أحد مطاعمها الفاخرة.
في حين أن حجز أرخص وجبة بسعر 40 دولارًا للمقعد الذي قد لا يكون مناسبًا للمسافر ذي الميزانية المحدودة. في التقرير جرى تسليط الضوء على نقطة هي واحدة من أكثر التقاط التي وصمت المكان، وهي ذات بعد ديني تتعلق بتاريخ المكان الذي يعود إلى زمن قوم ثمود حيث كانت تُعرف بـ “مدينة الحجر” وكانوا قوم ثمود يتخذونها موطنا لهم قبل أن يُنزل الله عليهم البلاء بعد أن عقروا الناقة التي أرسلها الله لهم آية لكي يؤمنوا لكنهم ارتدوا عن إيمانهم بعد ذلك فأهلكهم الله بالصيحة.
ومع اتخاذ النظام السعودي للمنطقة كمكان للاستثمار السياحي، عاد إلى الأذهان فتاوى كانت تصدر من “رجال دين” تابعين لتوجيهات الحكومة السعودية، تحرّم الدخول إلى مدن صالح/ الحجر لأنها شهدت هلاك قوم ثمود؛ مستندين إلى أحاديث عن النبي تحرّم دخول مدن من نزل عليهم عذاب الله. الأمر الذي أثار استياء الكثير من المسلمين معربين عن إدانتهم خطوة السعودية افتتاح المكان أمام السياح. وفقا لتوصيف الموقع: سيكون من الخطأ التغاضي عن عائق رئيسي آخر محتمل لمشروع العلا، على الرغم من أنه يقتصر على المسافرين المسلمين الأجانب والسياح السعوديين المحليين.
وكما أخبرني أحد المقيمين في المملكة بعد ذلك، “لقد ذهبت إلى هناك مرتين [إلى العلا]. ولكن بما أنني سمعت بعض الأحاديث عنها، فأنا خائف جدًا من زيارتها مرة أخرى. وكانت بلومبيرغ قد أتمت رحلة مشابهة إلى العلا، التي نقلت حالة “الإنفصال” عن المحيط الذي يحكم منتجعات العُلا، حيث ” يكمن العالم الحقيقي المغبر خارج حدود المنتجع، وليس بعض التجارب الفاخرة.. فسوف تجد في المدينة منازل بدائية، بدلاً من المتاجر الأنيقة أو المطاعم الحديثة “.
كما أن سكن العلا نفسه وفق تقديرها؛ يفتقر إلى وسائل الراحة المتوفرة في العديد من المنتجعات، مثل أجهزة التلفزيون وخدمة الغرف والصحف اليومية. “إنه الشعور بالانفصال الذي يمنح هذا المكان جوًا إضافيًا من الغموض”، وفق توصيف إليوت.
أشارت الوكالة وفقا لحوار أجرته مع أحد مدراء المكان، أن ما يزيد عن 80% من زائريه هم من السعوديين. كمالفتت إلى تكلفة الليلة المترفعة في منتجعات المكان، التي تصل إلى ما يزيد عن ألف دولار لليلة واحدة. كما لفتت إلى ان نسبة العاملين من السعوديين في المنتجعات لا تتجاوز ثلث نسبة العمال على عكس ما حاولت السعودية تروجيه عن أن هذه المراكز سوف تفتح مجالات عمل للسعوديين وتقلل من نسبة البطالة.
وفي هذا السايق قالت وكالة بلومبيرغ أن “المملكة تتطلع إلى تقاسم العبء المالي لخططها لتصبح واحدة من الوجهات الأكثر زيارة في العالم”. وأضافت أنه خلال عام 2023، سجلت السعودية أكثر من 100 مليون سائح، ولكن في الحقيقة كان معظمهم من المواطنين والمقيمين، أما الزوار من خارج البلاد فقد سجّلوا ربع السياح فقط (27 مليون)، وكان أغلبهم مرتبط بالسياحة الدينية او بعمل تجاري، ويُعتقد أن الرحلات الترفيهية لم تشكل سوى نسبة ضئيلة من هذا الرقم.
المصدر: مرآة الجزيرة