اليمن.. هل يفضي اتفاق الهدنة إلى نهاية لمعاناة الأسرى وأهاليهم؟
أحييت الهدنة القائمة حاليا في اليمن آمال ملايين اليمنيين بتوقف الحرب الطاحنة منذ ما يقرب من ثماني سنوات، لكنها أيضا بعثت إشارة أمل لأسر الأسرى والمعتقلين والمخفيين لدى أطراف الصراع. فماذا تم بشأن هؤلاء؟
Table of Contents (Show / Hide)
ماجد عبدالله هو أب لخمسة أطفال، يعمل في شركة خاصة ويسكن مع أسرته في أحد الأحياء الجنوبية لصنعاء، ومع موجة القصف الجوي التي شهدتها المدينة منذ مطلع العام 2022، يقول لـDW عربية، إنه اضطر لنقل عائلته إلى المنطقة الريفية التي ينحدر منها، وذلك لقرب سكنه في العاصمة من أحد المواقع العسكرية التي استهدفتها مقاتلات التحالف بقيادة السعودية أكثر من مرة، وبسبب التحذيرات التي أُطلقت لمطالبة السكان بالابتعاد عن المواقع العسكرية الخاضعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين).
وبينما كان يستعد لقضاء شهر رمضان بعيداً عن أسرته بسبب التزامه الوظيفي في صنعاء، جاء إعلان الأمم المتحدة عن موافقة الأطراف على الدخول بهدنة لمدة شهرين، لتسمح لأسرته بالعودة، وهي واحد من أعداد كبيرة من الأسر اليمنية، جاءت التهدئة لتسهم في تخفف معاناتهم، وخصوصاً في ظل شهر رمضان، بما يمثله من مناسبة هامة تلقي بظلالها على مختلف جوانب الحياة.
أسر المعتقلين تنتظر التبادل
وبينما أحييت الهدنة وما رافقها من دعوات للسلام منذ أسابيع، أمال اليمنيين بوقف الحرب، ما تزال العديد من جوانب الاتفاقات المعلنة تنتظر الانتقال إلى التنفيذ، إذ تحبس أسرة عبدالكريم عبده وهو جندي ثلاثيني أب لثلاثة أطفال، أنفاسها في انتظار الإعلان عن بدء تنفيذ صفقة مرتقبة لتبادل الأسرى والمعتقلين، تشمل أكثر من ألفي معتقل وأسير من مختلف الأطراف، وبينهم سعوديون وسودانيون يعملون ضمن قوات التحالف.
اعتقل عبده من قبل نقطة أمنية تتبع الحوثيين بينما كان متوجهاً من محافظة إب الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى مأرب وسط البلاد، وعلى الرغم من أن والده يقول لـDW عربية، إن البحث عن المرتب الحكومي كان هدفه انتقاله، إلا أن الجماعة رفضت إطلاق سراحه، فيما بدأ أقاربه التواصل مع لجنة الأسرى المشكلة من قبل الحكومة المعترف بها دولياً منذ شهور.
ومع الإعلان عن الصفقة المرتقبة، باتت أسرته تنتظر أن يرى النور قريباً ولم تتأكد ما إذا كان بالفعل قد أدرج اسمه، رغم الوعود التي تلقتها. في حين أن أسراً أخرى لم تجد طريقاً للتواصل باللجان المعنية بالتبادل، كما هو حال المعتقل عبدالله رورو، والذي يقول والده لـDW عربية إن ابنه اعتقل في صنعاء مطلع العام 2019، باتهامات يراها والده "ملفقة".
الأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة للمعتقلين في سجون القوات الموالية للحكومة، إذ أن عائلة ربيع، الذي اعتقل في محافظة مأرب وسط البلاد في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2020، وتقول زوجته لـDW عربية، إنه العائل الوحيد الوحيد لأسرته، وبعد أن فشلت مطالباتها السابقة بإطلاق سراحه، باتت تأمل أن تراه قريباً بعد أخبار غير مؤكدة بإدراج اسمه ضمن قوائم الأسرى والمعتقلين في صفقة التبادل المرتقبة.
التزام نسبي
دخلت الهدنة التي أعلن عنها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ حيز التنفيذ في الثاني من أبريل/نيسان الجاري، وينص الاتفاق المعلن على أن يستمر وقف العمليات العسكرية الهجومية داخل اليمن وخارجه لمدة شهرين، إلى جانب إجراءات أخرى، شملت أبرزها السماح بتسيير رحلتين جويتين إلى مطار صنعاء المغلق منذ سنوات، والسماح بدخول 18 سفينة مشتقات نفطية إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وخلال ما يقرب من ثلاثة أسابيع، صمدت الهدنة على صعيد العمليات العسكرية الواسعة بما في ذلك وقف الحوثيين الهجمات باتجاه السعودية وتوقف الغارات الجوية للأخيرة، ومع ذلك فإن الخروقات تستمر بوتيرة شبه يومية في جبهات المواجهات الداخلية، ويتبادل فيها الطرفان الاتهامات.
وفيما دخلت دخلت العديد من سفن المشتقات النفطية بالفعل إلى الحديدة، ما يزال مطار صنعاء ينتظر آلية التشغيل لتدشين رحلتين أسبوعياً بعد سنوات من الإغلاق، وبالمثل فإن الاتفاق الذي أُعلن عنه قبل أكثر من أسبوع على بدء الهدنة، ويشمل تبادل أكثر ألفي معتقل وأسير من الطرفين.
وفي حديث خاص لـDW عربية، يتهم عضو الوفد الحكومي المفاوض في فريق الأسرى، ماجد فضائل، الحوثيين بعدم الالتزام باتفاق الهدنة ، ويقول إنه "لم يتم فتح منافذ ومعابر تعز ولا أيضا توقفت الحرب في مأرب"، ومع ذلك يشدد على أنه "متفائل باستمرار الهدنة رغم الخروقات".
وبشأن اتفاق تبادل الأسرى يقول فضائل إنه جاء نظير جهود سابقة لعامين، ويضيف "منذ بدء كورونا ونحن في اجتماعات مباشرة عبر الزووم أو مع مكتب المبعوث بشكل منفرد وأيضاً مع مليشيا الحوثي بشكل او اخر"، حيث "تمخضت هذه الجهود بالاتفاق الأخير" على إطلاق سراح 2223 أسيراً، في حين "تبقى عدد لا بأس به من الأسرى والمختطفين".
"قضية المعتقلين إنسانية"
من جانبها، تقول رئيسة "رابطة أمهات المختطفين "، أمة السلام الحاج في حديث خاص لـDW عربية، إن الأمهات يتطلعن "إلى أي انفراجة"، بما فيها ذلك التبادل "مع أن هذا التبادل فيه اجحاف لأبنائنا المدنيين، لأنه يتم مبادلة المختطف المدني الذي أخذ من بيته ومن مقر عمله ومن الشارع بمقاتل حمل السلاح واستخدم العنف".
وتشير الجاح التي ترأس الرابطة التي نظمت وقفات احتجاجية في العديد من المدن خلال الأعوام الماضية، إلى أن هناك من المعتقلين والمختطفين من مضى عليهم ثماني سنوات. وتضيف "يتم تعذيبهم وامتهانهم واسرتهم تعاني المعاناة الشديدة من الفقر والجوع"، وكذلك "نحن نشد على أيدي من وضع هذه الصفقة وجلس على طاولة التفاوض لإخراج أبنائنا إحلال السلام في اليمن".
على ذات الصعيد، يذهب المحامي والحقوقي اليمني عبدالمجيد صبرة إلى أن "قضية المعتقلين والمختطفين هي قضية إنسانية وكان يجب أن لا تخضع لمناكفات الأطراف وخلافاتهم السياسية والمفترض أن يتم الإفراج عنهم فورا"، وذلك طالما وان اعتقالهم كان بسبب آرائهم وتوجهاتهم وأنهم لم يرتكبوا أي جريمة".
ومع ذلك يقول صبرة "نحن كمحامين وناشطين في حقوق الإنسان نرحب بهذه العملية ونتمنى أن تتم عملية تبادل الكل مقابل الكل بين جميع الأطراف دون تجزئه أو تأجيل". وذلك "نظرا لما نلمسه من معاناة المعتقلين والمختطفين المدنيين والصحفيين على وجه الخصوص في المعتقلات".