رفح تثير جدلا بين تل أبيب وبريتوريا.. قضية جديدة أمام العدل الدولية ضد إسرائيل
من المتوقع أن يشارك عدد غير مسبوق من الدول والمنظمات الدولية في جلسات الاستماع الشفهية التي ستعقدها محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 57 عاما للأراضي الفلسطينية، يأتي ذلك في وقت تصاعد الجدل بين إسرائيل وجنوب أفريقيا مجددا، بشأن القضية التي تم النطق بالحكم فيها قبل أسابيع.
Table of Contents (Show / Hide)
ووفق منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإنه من المقرر أن تشارك 52 دولة و3 منظمات دولية في جلسات الاستماع الشفهية، وهو عدد أكبر من أي قضية أخرى منذ بدأت أعلى محكمة في العالم عملها في عام 1946.
وتبدأ جلسات الاستماع في 19 فبراير/شباط الحالي، وستستمر 6 أيام.
واعتبرت "رايتس ووتش"، أن المشاركة الواسعة "تعكس الزخم العالمي المتزايد لمعالجة الفشل المستمر منذ عقود في ضمان احترام القانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة".
وقال كبير المستشارين القانونيين في "رايتس ووتش" كلايف بالدوين، إن محكمة العدل "ستنظر للمرة الأولى على نطاق واسع في العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ ما يقارب 6 عقود وسوء معاملة الشعب الفلسطيني".
ودعا الحكومات التي تقدم حججها إلى المحكمة، إلى "اغتنام هذه الجلسات التاريخية لتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والمتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد".
وأوضحت المنظمة أن الجلسات المرتقبة تأتي استجابة لطلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2022، للحصول على رأي استشاري من المحكمة بشأن العواقب القانونية لسياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأشارت إلى أن الجلسات ستشكل فرصة للنظر في ممارسات إسرائيل وسياساتها التي تنتهك الحظر القانوني الدولي ضد التمييز العنصري، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد، وتقييم المسؤوليات القانونية للدول الأخرى والأمم المتحدة لمعالجة تلك الانتهاكات.
وقالت "رايتس ووتش"، إنه على الرغم من أن آراء محكمة العدل الدولية غير ملزمة، فإنها يمكن أن تحمل سلطة أخلاقية وقانونية كبيرة، ويمكن أن تصبح في نهاية المطاف جزءا من القانون الدولي العرفي، وهو ملزم قانونا للدول، وتوقعت أن تصدر محكمة العدل الدولية رأيها القانوني قبل نهاية العام الحالي.
وأوضحت أن الجلسات، تختلف عن القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا إلى المحكمة نفسها بشأن انتهاك إسرائيل اتفاقية الإبادة الجماعية.
يأتي ذلك في وقت نددت جنوب أفريقيا، بما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية الفلسطينييْن، وفي رفح مؤخرا، لافتة إلى انه يؤكد الادعاءات التي قدمتها إلى محكمة العدل الدولية بأن الإبادة جماعية تحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا ناليدي باندور، إن خلال اجتماع المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية، الخميس، إن إسرائيل تنتهك قرارات محكمة العدل بمواصلة هجماتها في غزة.
كما أكدت الوزيرة أن ما يثير القلق حقا هو أن العالم سمح لإسرائيل بتجاهل هذه القرارات ولم يتخذ أحد أي تدابير، مثل نشر قوة لحفظ السلام "لحماية المدنيين الأبرياء".
كما أدانت باندور الجرائم الإسرائيلية بحق الصحفيين، حيث قالت "لو قُتل أكثر من 170 صحفيا في نزاع بأفريقيا، فإنني أتخيل أن العالم كله ووسائل الإعلام ستتحدث عن ذلك، لكنه يعتبر مقبولا عندما تقوم إسرائيل بذلك".
والثلاثاء، تقدمت جنوب أفريقيا، بطلب عاجل لمحكمة العدل لاستخدام سلطاتها الكاملة من أجل وقف العملية العسكرية التي تخطط إسرائيل لشنها في مدينة رفح جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأثار طلب بريتوريا استياء تل أبيب وجعلها تطلب الخميس من المحكمة الدولية رفض هذا الطلب، معتبرة أن الإجراءات الطارئة التي صدرت قبل 3 أسابيع تغطي بالفعل "وضع الأعمال القتالية في غزة ككل" ويجب على المحكمة رفض هذا الطلب.
وقال الرد الإسرائيلي الذي نشرته المحكمة: "تأسف إسرائيل لأن جنوب أفريقيا تسعى مرة أخرى إلى إساءة استخدام حكم المحكمة بشأن التدابير المؤقتة"، في إشارة إلى قرار المحكمة الشهر الماضي الذي يطالب إسرائيل باتخاذ كافة التدابير لمنع ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة ومحاسبة مرتكبيها وتحسين الوضع الإنساني في القطاع.
وأضاف الرد الإسرائيلي أن جنوب أفريقيا "تشير في طلبها إلى (تطور كبير في الوضع في غزة)، ولكن لم يكن هناك شيء من هذا القبيل".
وتابع: "ليس من الضروري تفصيل كل ما ورد من تحريفات مختلفة في طلب جنوب أفريقيا فيما يتعلق بالوضع في رفح، ولكن أحد تلك التحريفات الصارخة هو تصوير عملية محدودة ليلة 11 فبراير/شباط، والتي كانت موجهة ضد أهداف عسكرية ومكنت من إطلاق سراح رهينتين إسرائيليتين... باعتبارها هجوما عسكريا غير مسبوق".
وذكر أيضا أن جنوب أفريقيا تجاهلت إبلاغ المحكمة بأن "حماس أبدت ازدراءها للقانون، بما في ذلك من خلال رفضها إطلاق سراح الأسرى على الفور ودون قيد أو شرط".
وتابعت نل أبيب: "كما لم يرد أي ذكر لجهود التفاوض الجارية التي تبذلها الأطراف المعنية سعيا لإطلاق سراح الرهائن الذي قد يهيئ الظروف لهدنة إنسانية في الأعمال القتالية".
وخلف العدوان الإسرائيلي على غزة 28 ألفا و775 شهيدا فلسطينيا وأصاب قرابة 70 ألفا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب السلطات الفلسطينية.
كما تسبب في دمار هائل وأزمة إنسانية كارثية غير مسبوقة، مع شح إمدادات الغذاء والماء والدواء، ونزوح نحو مليوني فلسطيني، أي أكثر من 85% من سكان القطاع، بحسب الأمم المتحدة.
وللمرة الأولى منذ قيامها عام 1948، تخضع إسرائيل للمساءلة أمام العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية أممية، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.
المصدر: الخليج الجديد