ناجون يصفون عملية النصيرات بفيلم هوليودي معكوس.. "الإرهابي بعيش والبرئ يقتل"
بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ غارات جوية عنيفة ومكثفة مع حلول الساعة الـ 11:30 بتوقيت فلسطين (9:30 بتوقيت غرينتش) في الثامن من حزيران/ يونيو الجاري، وهو ما بات يعرف باسم "مجزرة النصيرات".
Table of Contents (Show / Hide)
ويوجد مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة ضمن المحافظة الوسطى، التي تضم البريج والمغازي ودير البلح، التي باتت تشكل مع شرق محافظة خانيونس ما ما بعرف باسم "المنطقة الآمنة" التي أعلن الاحتلال عنها مع عملية اجتياح رفح في السادس من أيار/ مايو الماضي، وهي تضمن الآن العدد الأكبر من النازحين داخل القطاع.
وجمعت "عربي21" شهادات من ناجين من المجزرة التي خلفت 274 شهيدا ومئات الجرحى والمصابين.
يقول سامي (35 عاما) إنه "مع حلول منتصف النهار تقريبا، الساعة 11:30 بدأ الضرب بشكل جنوني ولم نعرف في أي منطقة تحديدا، مدفعي وجوي وأعنف من كل الضرب المدفعي اليومي الذي اعتدنا عليه".
ويضيف سامي لـ "عربي21" أن هذا القصف العنيف استمر لساعات مع تضارب كبير في الأخبار عن تحديد مكانه، وانتشر الحديث عن عمليات توغل واسعة في الأجزاء الشرقية من المنطقة الوسطى، سواء في المغازي أو البريج.
ويكشف "بقينا على هذا الحال وتم قصف المنزل المجاور لنا واستشهد من فيه على الفور، ومن نجا من الموت استشهد بعد عدم وجود منظومة صحية لإنقاذه، تخيل اللي عاش ولا انصاب كان يتمنى الموت لأنه ما في مستشفى تعالجه ولا قريب ولا أخ يعتني فيه ويراعيه في مرضه".
بدوره، يقول محمود (30 عاما) إن "حديث الناس كان عن عملية كبيرة ستحدث في المنطقة منذ يوم الخميس، والله هي اللي صار، كثير من الناس كانوا يحكوا لي هذا الكلام، ما بعرف يمكن صدفة صارت معهم يمكن شي ثاني، لكن نفسيا كنا جاهزين لحدث كبير رح يصير".
ويؤكد أنس لـ "عربي21" أنه مع بداية القصف كل الناس اعتقدت أن "الأمر عبارة عن اجتياح وأحزمة نارية تسبق الدخول البري لمنطقة معينة، لكن بعد فترة معينة سمعنا أول خبر يحكي عن محاولة تحرير أسرى وعرفنا أنه كل اللي بصير تمويه من أجل عملية النصيرات".
ويضيف "طبعا هذه الساعات كانت مرعبة حرفيا، والله حسينا الأرض بتتحرك من تحتنا، وبتصير زي المجنون بس تعرف أنه حد من عيلتك كان طالع مشوار يدبر أكل ولا مياه ولا شي من برا".
من ناحيته، يقول عبد الله (40 عاما) إنه "بصراحة لم أخاف كثيرا لحظة بدء القصف، يمكن خلص بطل عنا إحساس أو تعودنا على الضرب المستمر، ضليت أتابع الأخبار زي كل يوم على أمل يكون في شي جديد".
ويكشف عبد الله لـ "عربي21" أنه ظل على هذا الحال وهو يتابع أخبار الشهداء والقصف المستمر حتى رن هاتفه النقال وكان الرقم يشير إلى شقيقته، قائلا: "طبعا إحنا دائما بنتصل على بعض خاصة أنه أبويا وأمي عندي، لكن وقتها حسيت إنه في شي غلط".
ويقول "قمت بالرد وجائني صوت أختي، وقتها على الأقل تطمنت قليلا أنه سمعت صوتها مش خبر عنها لا سمح الله، لكن صوتها كان واطي جدا وسط صوت الضجيج، واللي فهمته منها أنه القوات الخاصة الإسرائيلية فجرت الباب الأمامي للعمارة التي كانت تنزح فيها مع عائلتها في مخيم النصيرات، وبعدما ما سمعت شيء حتى انقطع الخط".
ويؤكد عبد الله "بعد هذه المكالمة شعرت أني انهرت، وليس في يدي شيء أعمله، وفكرت في كل السيناريوهات الصعبة والبشعة اللي ممكن تحصل، وبعد هيك ضليت أدعي وأحاول أتصل حتى تمكنت أخيرا من الاتصال فيها واطمنت أنهم كلهم بخير".
ويشير إلى أنه بعد ذلك تابع تفاصيل عملية إعادة الأسرى، والتي تمت عبر طائرات مروحية وبدعم أمريكي، قائلا: "تذكرت أفلام الأكشن اللي كنت أتابعها وأحبها قبل الحرب، واللي صار زي الأفلام بالزبط، تنكر وقوات داخلة واقتحام وعناصر إلهاء وهيك، لكن الفرق أنه في هوليوود البطل بنقذ الأسير والإرهابي اللي بموت، لكن عنا الإرهابي الإسرائيلي هو اللي بعيش والمدني الفلسطيني هو اللي بنقتل ولا حد في العالم سائل عليه".
ويقول "لكن لو تفكر فيها منيح، يمكن هم معتبرين أنه كلنا إرهابيين، وأنه حياة 4 أشخاص أهم من حياة كل قطاع غزة".
من ناحيتها، تقول أم علي (29 عاما) إنها في لحظة بدء القصف كانت تتواجد في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح من أجل متابعة بعض الأمور الصحية لرضيعها البالغ من العمر أربعة شهور فقط، وحينها جاءت معلومات تقول إن الاحتلال سيقوم بقصف محيط وساحة المستشفى.
وتضيف أم علي أنها في ذلك الوقت بدأت تجري لا تعرف إلى أين، مضيفة "كل الناس كانت من حولي كانت تجري.. عمري بحياتي ما بنسى هذا الوقت، زوجي كان يقول لي الليلة السابقة استني لبعد الظهر وأنا بوصلكم المستشفى وبضل معكم، قلتله لا بدي أوصل من بدري حتى أحصل دور وأنت روح شوف مصالحك".
وتشكف "كنت أجري وأفكر في كلامنا وأقول لنفسي يا ريت هو معي الآن، على الأقل لو استشهدنا بنموت مع بعض ولا حد فيها بتحسر على الثاني".
وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مروعة السبت في النصيرات، بعد أن شنت قصفا عنيفا على أجزاء واسعة من المدينة ومخيمها ومعظم المنطقة الوسطى من قطاع غزة، ما تسبب في استشهاد أكثر من 274 فلسطينيا على الأقل وإصابة المئات، بالتزامن مع توغل محدود في الأجزاء الشرقية والشمالية، أدى إلى استعداة أربعة أسرى إسرائيليين.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن "إسرائيل" حربا على غزة خلفت أكثر من 121 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل "إسرائيل" حربها رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
المصدر: عربي 21