هل يحدد برميل النفط مصير استثمارات الرياضة.. تحدٍ سعودي
باستثماراتها الضخمة في رياضات عديدة، تسعى السعودية إلى تحقيق حزمة أهداف بينها جذب السياح وتوفير فرص عمل، لكن في حال انخفضت أسعار النفط، فربما يتراجع اهتمام المملكة بتلك الاستثمارات لصالح أولويات أعلى.
Table of Contents (Show / Hide)
تلك القراءة تضمنها تقرير لبول ماكينيس، في صحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى استثمارات الرياض في كرة القدم والمصارعة والتنس والكريكيت والملاكمة والجولف وسباقات السيارات والخيل والرياضات القتالية والمائية والشاطئية والشتوية والشطرنج.
وعادة ما تواجه السعودية اتهامات بممارسة "الغسل الرياضي"، أي محاولة تحسين صورتها دوليا، في ظل انتهاكات لحقوق الإنسان والحرب المستمرة في جارها اليمن منذ عام 2014، وهو ما تنفي المملكة صحته.
وعبر استثماراتها في قطاعات متنوعة، أبرزها الرياضة والسياحة والثقافة والفنون، تهدف السعودية، ضمن استراتيجية رؤية 2030 التنموية، إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
وقال أندريا سارتوري، وهو مستشار رياضي ساهم في تطوير استراتيجية قطر الرياضية: "إنها فرصة للسعودية، بتكلفة منخفضة نسبيا، لتعيد وضع نفسها بسرعة في السوق الدولية".
سارتوري تابع: "إنهم يحاولون الدفع من أجل تطوير صناعة السياحة، وهي صناعة يمكنهم من خلالها بسهولة نسبيا تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز الطبيعي، وأعتقد أنها استراتيجية ذكية للغاية".
سعر النفط
ووفقا لبحث أجرته "ذا جارديان" مؤخرا، أنفقت السعودية أكثر من 6.3 مليارات دولار على مشاريع متعلقة بالرياضة منذ أوائل 2021.
لكن "لا يجب أن تنظر فقط إلى الأموال المستثمرة، بل إلى السرعة التي تتغير بها آراء الناس.. في السنوات الأربع أو الخمس المقبلة سيغيرون طريقة تفكيرنا وتصورنا للبلد (السعودية)، وهو شيء استغرق الآخرون عقودا لتحقيقه"، كما قال سارتوري.
وأردف: "نعم، ربما أنفقوا 20 مليار دولار، 30 مليار دولار (على الرياضة). لكن ما هذا في ميزانية المملكة؟ إنه لا شيء".
واستدرك: "لكن هناك خطر، فإذا انخفض سعر النفط، ربما يمكن أن يتغير مزاج ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان) ويمكن أن تصبح الاستراتيجية أكثر تحفظا. أقول هذا لأنني رأيت ذلك يحدث في قطر قبل 10 سنوات. يمكن أن يتضاءل الحماس تجاه الرياضة لأن لديهم أشياء أكبر تدعو للقلق".
وفي 2022 سجل اقتصاد السعودية نموا بلغ 8.7%، وهو الأسرع بين دول مجموعة العشرين، وحققت الرياض أول فائض في الميزانية منذ نحو 10 سنوات بفضل ارتفاع أسعار النفط إلى متوسط 100.94 دولارا للبرميل.
لكن من المتوقع أن تقلص تخفيضات إنتاج النفط الطوعية التي تتبناها المملكة من نمو اقتصادها إلى 2.1% في 2023. ومنذ 7 أسابيع يستقر سعر النفط الخام فوق 80 دولارا للبرميل، وهي أطول فترة ارتفاع منذ أكثر من عام، مع صعود بنحو 20% منذ أواخر يونيو/ حزيران الماضي.
تعزيز الاستثمار
تيرينس بيرنز، وهو مستشار رياضي رائد عمل في عدد من ملفات طلب الاستضافة الناجحة في الألعاب الأولمبية من بكين إلى لوس أنجلوس، قال إن "السعودية، كما هو متوقع، ارتبطت باستضافة الأولمبياد وكأس العالم ربما بداية من 2030، وهي تتبع ما فعلته الدول الغربية".
وزاد بأن "دولا مثل السعودية لم يكن لديها الوسائل أو القدرة منذ 20 عاما على استثمار هذا القدر الكبير من الأموال في الرياضة، إذ كانوا يبنون اقتصاداتهم، والآن لديهم المال، والرياضة استثمار كبير إذا تم القيام بالأمر بشكل صحيح".
بيرنز أردف أن "الاستثمار في الأحداث والبطولات يفعل شيئين: يجذب السياحة ويوفر فرص عمل، كما أن البنية التحتية التجارية التي تدعم الرياضة تعود بالفائدة على البلاد".
غير أنه شدد على أن "مثل هذا الاستثمار يتطلب تعزيزا ثابتا كي تستمر آثاره على المدى الطويل. ومثلما تدفقت الأموال إلى الرياضة على مدى السنوات الخمس الماضية، يمكن أن يتوقف بذلك".
و"الأمر بسيط جدا بالنسبة لي: بمجرد أن لا تحقق هذه الاستثمارات العائد المتوقع، فإنها ستتوقف.. إنه عمل، وفي اللحظة التي لا يحصلون فيها على عائد من الاستثمار فسيتوقف"، كما ختم بيرنز.