لماذا لا يستطيع رونالدو وبنزيما ونيمار جذب الجماهير في الدوري السعودي؟
جماهير أصغر من المأمول، تعني أن السعودية قد تضطر إلى إعادة التفكير في طموحاتها، في أن يتمتع دوري النجوم، بنفس قوة الجذب التلفزيوني العالمية مثل الدوري الإنجليزي الممتاز.
Table of Contents (Show / Hide)
هكذا يتحدث تحليل لموقع "ميدل إيست آي" بعد صيف مزدحم ومثير للقلق من عمليات الاستحواذ واللعب القوية، في الدوري السعودي للمحترفين، والذي حاولت فيه المملكة على العمل باستراتيجية تحويل الروايات العالمية واهتمام وسائل الإعلام نحو الوافدين من الأسماء الكبيرة وبعيدًا عن السياسات القمعية للنظام السعودي.
إلا أن هذه الاستراتجية تواجه المنظمة تحديات كبيرة، وبات المشروع بعيدًا عن تحقيق طموحاته.
في العامين الماضيين فقط، تشير التقديرات إلى أن السعودية أنفقت ما لا يقل عن 6.3 مليارات دولار (4.9 مليارات جنيه إسترليني) على الصفقات الرياضية، بدءًا من كرة القدم والجولف والملاكمة إلى "فورمولا 1" والرياضات الإلكترونية.
وقدمت التصريحات العامة للسلطات السعودية، بما في ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمحات عن بعض التطلعات وراء المشروع، حتى زعم الحاكم الفعلي للمملكة في مقابلة حديثة مع شبكة "فوكس نيوز"، أن مساهمة الرياضة في الاقتصاد السعودي زادت من 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.5%.
وقال بن سلمان، خلا المقابلة: "إذا كنت ترغب في تطوير السياحة، فإن جزءًا منها هو الثقافة، وجزء منها هو قطاع الرياضة، لأنك تحتاج إلى إنشاء تقويم".
وحددت السعودية لنفسها هدف جذب 70 مليون سائح دولي سنويا بحلول عام 2030.
والوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت استضافة مثل هذه الأحداث الرياضية ستساعد البلاد على تحقيق أهدافها السياحية أم لا.
ومع ذلك، فإن استراتيجية إنشاء "تقويم" للأحداث الرياضية لجذب الزوار على مدار العام، بدأت تتشكل بالفعل.
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الرياض مباراة ملاكمة بين البطلين في الوزن الثقيل بمجلس الملاكمة العالمي تايسون فيوري وفرانسيس نجانو خلال الشهر الجاري.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، تستضيف مدينة الدمام الشرقية، بطولة دولية لكرة اليد، وهي "سوبر جلوب".
وقبل نهاية العام، ستقام نهائيات كأس العالم للأندية، وأول حدث للتنس في السعودية.
ووفقا للرئيس التنفيذي للاستراتجية السعودية كارلو نهرا، فإن هدف كرة القدم في السعودية هو أن تصبح "مساهمًا صافيًا في الناتج المحلي الإجمالي وعدم تكلفة أموال البلاد".
وفي حين أن هذا هو الهدف طويل المدى، إلا أن العائد الأولي على الاستثمار كان متواضعًا للغاية.
كبداية، يُظهر متوسط الحضور الجماهيري لمباريات الدوري السعودي، نتائج مختلطة.
ففي حين أن متوسط الحضور قد تضاعف بأكثر من الضعف في استاد الملك فهد الدولي التابع للهلال، ليصل إلى 25,850 متفرجًا مقارنة بالموسم الماضي، إلا أنه لا يزال أقل بكثير من سعة الملعب البالغة 68,752 متفرجًا.
وعلى العكس من ذلك، انخفضت إلى النصف في مدينة الملك عبدالله الرياضية، موطن البطل الحالي الاتحاد.
وتحظى كرة القدم بشعبية كبيرة وراسخة منذ فترة طويلة في السعودية، لذلك من المحتمل أن حداثة حضور مباراة لرؤية أحد النجوم العالميين الجدد، مثل كريستيانو رونالدو أو كريم بنزيمة، قد بدأت بالفعل في التلاشي.
وهناك نظرية أخرى مفادها أن التدفق المفاجئ للأحداث الثقافية والرياضية قد أدى إلى تشبع النمو المحتمل في أي مجال من مجالات قطاع الرياضة.
وهناك أيضًا ما يمكن قوله حول قيام صندوق الاستثمارات العامة، توجيه استثماراته من خلال 4 من أكبر الأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، مما خلق مسابقات غير متكافئة، وأقل إثارة، مثل فوز النصر 5-0 على الفتح، وفوز الهلال على الرياض 6-1.
ومع ذلك، إذا لم يملأ المشجعون السعوديون الملاعب في جميع أنحاء البلاد بشكل منتظم، فإن هذا يخلق العديد من المشكلات.
ويظل دخل يوم المباراة من إيرادات البوابة ثابتًا بدلاً من الزيادة بشكل كبير، كما أن الأجواء أقل جاذبية للجماهير الدولية الزائرة.
والأهم من ذلك، أنه يؤثر على جودة المنتج كمشهد إذا كانت الأجواء مسطحة والملعب نصف فارغ، وبالتالي يكون له تأثير غير مباشر على صفقات البث الخارجية.
وكلفت رابطة الدوري السعودي مجموعة الإدارة الرياضية الأمريكية (IMG) ببيع حقوقها الإعلامية دوليًا، وهي نفس الشركة الرياضية العالمية التي تعمل مع الدوري الإنجليزي الممتاز (EPL)، مما يقدم تلميحًا للمنافسة التي يرغب السعوديون في تكرارها.
ويحقق الدوري الإنجليزي الممتاز ما يزيد عن 11 مليار دولار من صفقات البث العالمية، مما يجعله دوري كرة القدم الأكثر ربحًا في العالم.
ولكن أحد الأسباب الرئيسية للصفقات التلفزيونية العالمية هو الجماهير المتحمسة التي تملأ الملاعب وتخلق أجواء تأسر المشاهدين.
في أغسطس/آب، توسطت (IMG) في صفقة مع منصة البث العالمية للاشتراك (DAZN)، التي اشترت الحقوق الحصرية لعرض الدوري السعودي في المملكة المتحدة وألمانيا والنمسا، وهي المرة الأولى التي تشتري فيها محطة بث خارجية موسمًا كاملاً من كرة القدم السعودية.
وبحسب ما ورد، دفعت (DAZN) مبلغ 500 ألف دولار مقابل صفقة مدتها عام واحد لبث ما يصل إلى 3 مباريات حية أسبوعيًا، بالإضافة إلى أبرز الأحداث.
في الوقت الحالي، سيتعين على السعوديين الاكتفاء بالتعرض العالمي المتزايد، لأنه من حيث الجدوى المالية والنمو، فإن الصفقة لا تغطي حتى يومين من راتب نيمار المعلن في الهلال.
ووفق التحليل، يمكن للمرء أن يفهم لماذا قد يبدو قانون الدوري السعودي، بمثابة مقامرة منخفضة المخاطر نسبيًا بالنسبة لهيئة البث.
ومع ذلك، في حين أن (DAZN) لا تزال تنشر أرقام المشاهدة لمباريات الدوري، التي يتم بثها على منصتها، فإن متابعة الجمهور لأهم الأحداث الرقمية على موقع (YouTube) كانت مخيبة للآمال، وكانت أقل بكثير من المسابقات الإقليمية الأكثر رسوخًا، مثل الدوري المصري لكرة القدم.
وتمت مشاهدة أبرز أحداث المباراة الافتتاحية لموسم 2023/24 بين الأهلي والحزم، والتي تضمنت بعضًا من أكبر التعاقدات الصيفية، مثل رياض محرز وروبرتو فيرمينو نحو 7000 مرة فقط خلال شهرين تقريبًا.
وبالمقارنة، اجتذبت أبرز أحداث المباراة الأخيرة للأهلي المصري ربع مليون مشاهدة في 3 أيام.
وربما اعترافًا بالحاجة إلى التراجع والتنافس على المشاهدين من المنطقة الأوسع، بعد 6 مباريات في الموسم، أضاف المذيع السعودي وصاحب حقوق الدوري المعلق الرياضي المصري المخضرم مدحت شلبي، إلى صفوفه.
وبحسب ما ورد كان شلبي يتلقى 50 ألف دولار لكل مباراة مقابل تعليقه.
وهذا يوضح التحديات التي تنتظر الدوري، إذا أراد أن يصبح منتجًا ناجحًا مدرًا للدخل يتم مشاهدته في جميع أنحاء العالم.
لكن في المقابل، يجب التأمل في صور النجوم المشهورين عالميًا، وهم يرتدون الزي السعودي التقليدي ويحتفلون باليوم الوطني في 23 سبتمبر/أيلول.
ويختتم التحليل بالقول إن "الدعاية الإيجابية وغسل السمعة من مثل هذه الأحداث، هو بيت القصيد.. وبالنسبة للسعوديين، فهو يستحق كل ريال".