هل توشك السعودية على إعلان التطبيع الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي؟
يرى مركز دراسات إيطالي أن مسألة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية تشكل أحد ملفات السياسة الخارجية الرئيسة التي ستتعامل معها الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
Table of Contents (Show / Hide)
وقال مركز "الدراسات الجيوسياسية" في مقال نشره موقعه الإلكتروني، أن السؤال هو متى سيحدث ذلك؟ لا إن كان سيكون هناك تطبيع للعلاقات من عدمه.
وأضاف أن "هناك حماسا واسعا في الرأي العام الإسرائيلي، وكذلك بين القوى السياسية الرئيسة في البلاد للمرحلة الجديدة التي افتتحت بالتوقيع على اتفاقيات التطبيع مع عدد من الدول العربية عام 2020".
فالمؤسسة السياسية العسكرية الإسرائيلية، وفق الموقع، ترى أن دخول السعودية المحتمل إلى هذا الإطار التطبيعي للعلاقات يعد القطعة المفقودة من الفسيفساء القادرة على تغيير التوازن الإقليمي لصالحها، بحسب تعبير الموقع الإيطالي.
وعليه فإن أي حكومة ستتشكل يتوقع منها الاستمرار في الاستثمار في عملية التطبيع مع الرياض، وفق قوله.
من جانبها، لا تزال المملكة العربية السعودية تماطل، وفضلت الاستثمار في مسار تقارب تدريجي سيتكشف على مدى فترة زمنية أطول، يشير مركز الدراسات.
أسباب التقارب
أوضح المركز أن الحوار الإسرائيلي السعودي الخفي يعد جزءا من عملية التكامل الإقليمي الإسرائيلي الخليجي بكونه محورها الأساسي، خاصة بعد إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد فك الارتباط الأميركي.
وأشار إلى أن الرئيس الأسبق باراك أوباما كان قد شرع في عملية انسحاب أميركي تدريجي من هذا الربع الإقليمي على إثر التدخل من سلفه جورج بوش الابن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، لتركيز اهتمامه الدولي على تحدي الهيمنة الذي فرضته الصين في مناطق أخرى.
وبحسب الموقع، في مواجهة هذا السيناريو أدرك حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط الحاجة الملحة لتحمل قدر أكبر من المسؤولية في إدارة هيكل إقليمي يتماشى مع مصالحهم.
واستنتج بأن فك الارتباط الأميركي التدريجي بمنطقة الشرق الأوسط أقنعهم بتعميق العلاقات المتبادلة.
وأكد أن النتيجة الرئيسة لهذا التغيير المنهجي تتمثل على وجه التحديد في تجاوز "حق النقض" ضد إسرائيل من قبل الممالك الخليجية وما يترتب على ذلك من إدراج الكيان في آليات التعاون الإقليمي.
وذكر بأن الإمارات والبحرين وقعتا على الاتفاقيات الإبراهيمية للتطبيع عام 2020 بإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل.
من جانبها، شرعت المملكة العربية السعودية في مسار أكثر حذرا وتهدف مع ذلك إلى تحقيق نفس النتيجة، يضيف الموقع.
استشهد الموقع بما ذكره العديد من ممثلي الدولتين بأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية سيمر عبر خريطة طريق، أي مسار متشكل من خطوات متدرجة طويلة الأمد.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود في أبريل/نيسان 2021 إن "التطبيع مع إسرائيل داخل منطقة الشرق الأوسط سيحقق فوائد هائلة للمنطقة كلها"، وسيكون مفيدا للغاية اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
من الجانب الإسرائيلي، أعرب الرئيس إسحاق هرتسوغ، في مقابلة مع صحيفة "إسرائيل هيوم"، بأنه "سيكون سعيدا بزيارة المملكة العربية السعودية علنا".
وأردف مركز الدراسات الإيطالي بأنه بعد أشهر من المفاوضات، أعلن عن أولى الثمار الملموسة لعملية التقارب الإسرائيلية السعودية بمناسبة جولة كان قد أداها الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط في يوليو/تموز 2022.
وكانت النتيجة الأولى حصول شركات الطيران الإسرائيلية على الموافقة لعبور الأجواء السعودية.
ثانيا، أبدت السلطات الإسرائيلية استعدادها لمنح الضوء الأخضر لنقل السيادة عن جزيرتي تيران وصنافير، من مصر إلى السعودية، مع ما يترتب على ذلك من انسحاب لقوات حفظ السلام التابعة للقوة المتعددة الجنسيات والمراقبين.
بنية أمنية
أكد الموقع أن الجانب الدفاعي هو الأهم في العلاقات العربية الإسرائيلية؛ إذ أصبح التعاون على هذه الجبهة ممكنا بفضل قرار وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لعام 2021 بنقل إسرائيل إلى نطاق عمل القيادة المركزية الأميركية.
وقال إن "نقطة التحول هذه أعطت الضوء الأخضر لمشاركة القوات المسلحة الإسرائيلية في مختلف التدريبات متعددة الجنسيات بمشاركة شركاء عرب".
وأردف بأنه في الأشهر الأخيرة تعمل الإدارة الأميركية على إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني لتسريع خطط بناء بنية ردع ودفاع عربية إسرائيلية بين الدول و"إن كانت بحساسيات مختلفة، تعد السياسة الإقليمية الإيرانية تهديدا لأمنها القومي".
وألمح إلى أن أكثر المشاريع الملموسة في الوقت الحالي هو مشروع نظام دفاع جوي متكامل سيبنى تحت رعاية أميركية، ويعرف باسم "تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط".
واستبعد إنشاء "ناتو الشرق الأوسط" الأكثر تنظيما والذي جرى الحديث عنه خلال العام الأخير بين أنظمة عربية وإسرائيل.
ولفت إلى أنه لا توجد معلومات بشأن الدول المشاركة، ولكن من المحتمل أن تشارك الرياض أيضا إلى جانب إسرائيل والدول العربية التي لديها بالفعل علاقات دبلوماسية معها.
يرى مركز الدراسات الإيطالي بأنه من الصعب تصور التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية في أقصر الآجال.
ويشرح بأنه إذا كان الوقت قد حان بالنسبة للجانب الإسرائيلي، فإن المتغيرات المحلية بدلا من الدولية تحد من هامش المناورة السعودي في هذا الملف.
وأشار إلى أن على رأسها مسار الخلافة الدقيق الذي قاده ولي العهد محمد بن سلمان المنشغل في التحضير لتوليه العرش منذ سنوات.
ويضيف "بسبب القرب السعودي التاريخي من القضية الفلسطينية، ودورها في حماية المقدسات الإسلامية، يمكن استخدام اتفاق متسرع مع الدولة اليهودية كذريعة لبروز أشكال من المعارضة الداخلية".
واستنتج أنه "إذا كان التعاون الإسرائيلي السعودي يسير على قدم وساق وراء الكواليس، تظل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة قيد الانتظار ما لم يحدث تغيير مفاجئ في قيادة المملكة".
في الختام، أكد الموقع أن السؤال الذي يجب الإجابة عليه ليس "ما إذا كان" التطبيع يمكن أن يحدث أم لا، ولكن "متى" يمكن أن يتحقق هذا السيناريو، وهو في الواقع محتمل تماما.
المصدر: الخليج اونلاين