أمريكا وأوروبا في مأزق.. الخطة العربية لإعادة تأهيل بشار الأسد
تحليل نشره موقع "أوراسيا ريفيو" اعتبر، أن المحاولات التي بدأها لوبي عربي تتزعمه الإمارات وتشارك به السعودية ومصر والأردن لإخراج النظام السوري من العزلة الدولية يضع الولايات المتحدة وأوروبا في مأزق، غير أن التحليل يقترح طريقة على الغرب للخروج من ذلك المأزق بمنافع كبيرة، في حال قررت التساوق مع الرغبة العربية بإعادة تأهيل نظام بشار الأسد.
Table of Contents (Show / Hide)
ويقول التحليل الذي كتبه الأكاديمي والباحث جيمس دورسي وترجمه "الخليج الجديد"، إن التوجه العربي لكسر العزل عن الأسد يهدف بشكل شبه رئيسي إلى مواجهة النفوذ الإيراني المتضخم في سوريا، وهو ما يشير إلى أن التقارب السعودي الإيراني الأخير، برعاية صينية، لم يفعل شيئا لتقليل المناورات الجيوسياسية للجانبين.
وفي أحسن الأحوال، ترسي الاتفاقية التي توسطت فيها الصين حواجز حماية لمنع المنافسات الإقليمية من الخروج عن نطاق السيطرة، وهو مبدأ من مبادئ السياسة الصينية تجاه الشرق الأوسط، بحسب دورسي.
مكاسب لجميع الأطراف
وأوضح أنه إذا تفاعلت أوروبا والولايات المتحدة مع المبادرة فسوف تشرع في عملية سياسية "يمكن أن تنتج حكومة سورية أقل تعاطفاً مع إيران".
كما أنه سيؤسس تواجدًا عسكريًا عربيًا في سوريا يهدف إلى منع إيران من بسط نفوذها تحت ستار تأمين عودة اللاجئين.
وبالنسبة لرئيس النظام السوري، فإن الجزرة هي عشرات المليارات من الدولارات اللازمة لإعادة بناء بلده الذي مزقته الحرب وتخفيف التداعيات الإنسانية للزلازل المدمرة التي ضربت شمال سوريا الشهر الماضي.
بسبب العقوبات، لا يملك داعمو الأسد الروس والإيرانيون الموارد الاقتصادية أو السياسية اللازمة لدفع الفاتورة.
ومع ذلك، من المرجح أن تواجه الاستثمارات الخليجية المحتملة عقبات حيث تضع العقوبات الأمريكية ضد روسيا وإيران الحواجز أمام السعودية والإمارات، ومن شأن هذه العقوبات، أيضاً، أن تحد من الدرجة التي تريد أن يُنظر إليها على أنها منتهكة للعقوبات، كما يقول الكاتب.
وعلاوة على ذلك، فإن مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا يجب أن تتجاوز المسألة المادية ولا تقتصر على التجارة والاستثمار في إعادة الإعمار، حيثث اكتسبت إيران على مر السنين قوة ناعمة كبيرة من خلال التركيز على ترسيخ نفسها في الثقافة والتعليم السوريين، وتقديم الخدمات الاجتماعية، والتبشير الديني.
المعضلة الأخلاقية
ويتحدث التحليل عن المعضلة الأخلاقية التي تقابل الولايات المتحدة وأوروبا وتمنعهم من قبول إعادة إدماج نظام الأسد، الذي ارتكب الفظائع ضد شعبه، بما فيها استخدام الأسلحة الكيماوية، معتبرا أن "الدفع العربي يحتمل أن يوفر للولايات المتحدة وأوروبا القدرة على تحقيق توازن معقول بين مبادئهما الأخلاقية السامية، ومبادئ حقوق الإنسان وبين المواقف الطارئة الأقل سوءًا لسياسة الواقعية".
ويضيف: يبدو أن شروط الاقتراح العربي للسماح لسوريا بالعودة إلى الحظيرة الدولية بعد عقد من الحرب الأهلية الوحشية التي أودت بحياة حوالي 600 ألف شخص وتشريد الملايين، وعززت بشكل كبير من البصمة الإقليمية لإيران، تأخذ ذلك في الاعتبار.
وبينما يرفض الأسد مبدأ الإصلاح السياسي ووجود المزيد من القوات الأجنبية على الأراضي السورية، فإن إضفاء الشرعية على نظام رجل متهم بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، هو "حبة يصعب ابتلاعها" بالنسبة للولايات المتحدة والدول الأوروبية.
لكن دورسي يرى أن الفشل في هزيمة النظام السوري، بعد 12 عامًا من شن الحرب بوحشية بدعم من روسيا وإيران، يشير إلى أن الوقت قد حان للتفكير خارج الصندوق.
البديل، بحسبه، هو الحفاظ على الوضع الراهن الذي يمكن أن يدعي الأخلاق العالية ولكن لا يحمل أي احتمال للتغيير أو التخفيف من محنة الملايين من الأبرياء.
ومن المؤكد أن الأخلاق ليست من شواغل الأنظمة العربية التي تسعى إلى إخراج الأسد من العزلة، حيث تهدف في الأساس إلى مواجهة إيران وإدارة الصراعات الإقليمية لمنعها من الخروج عن نطاق السيطرة.
نقطة قوة للغرب
ومع ذلك، من المحتمل أن يفتح الاقتراح العربي طريقا للخروج من المستنقع، حيث سيعزز نفوذ الولايات المتحدة وأوروبا لضمان أن الإصلاح السياسي هو حجر الزاوية في تعامل الأسد مع عناصر المعارضة السورية.
بعبارة أخرى، بدلاً من رفض أي حل لا ينطوي على تنحية الأسد من السلطة، يمكن للولايات المتحدة وأوروبا رفع العقوبات المتوقفة على الاتفاق وتنفيذ الإصلاحات.
وبالمثل، يمكن للولايات المتحدة وأوروبا أن تجعل تخفيف العقوبات مشروطًا بعودة آمنة ومنظمة وغير مقيدة للاجئين، يقول الكاتب.
ومع ذلك، "ستكون هناك تساؤلات حول قدرة واستعداد القوات العربية الموالية للأنظمة الاستبدادية لحماية هذه العملية بحيادية".
ويخلص الكاتب إلى أن القطار العربي لإعادة إدماج الأسد في المنظومة الدولية انطلق بالفعل، بدليل زيارات مسؤولين عرب إلى دمشق، بمن فيهم وزراء خارجية الإمارات ومصر والأردن، وزيارة الأسد نفسه إلى الإمارات وعمان.
لكنه ينبه إلى وجود تباينات عربية في تطبيق خطة تأهيل الأسد، حيث تتبنى الإمارات تأهيله بأي وسيلة، بغض النظر عن مسألة التخفيف عن محنة الضحايا واللاجئين، من أجل مواجهة إيران في سوريا، لكن دولا أخرى، أبرزها السعودية لا تستطيع تجاهل ملف الجرائم التي ارتكبها الأسد وتداعياتها المستمرة حتى الآن على المشهد الجيوسياسي.
ويتعلق جزء كبير من الطرح العربي بإغراء الولايات المتحدة وأوروبا ليكونا أكثر استيعابًا وأكثر ميلًا إلى رفع العقوبات المشروط.
لكن المشكلة، بحسب دورسي، هي أن الأسد سينظر إلى الأمر كأنه خدعة من الدول العربية وهو يعلم أن إيران هي ورقته الرابحة.