عالم سعودي يندد باحتيال جامعات المملكة لتحسين تصنيفها الدولي.. "غش يضر سمعتنا"
الباحث السعودي بجامعة الملك عبدالعزيز صخر الهذالي أدان ممارسة جامعات سعودية للاحتيال لرفع تصنيفها وجعلها ضمن أفضل 150 جامعة في العالم، عبر إدراج علماء أجانب بقائمة الانتماء الأساسي لها دون أن يكونوا ضمن فريقها الأكاديمي في الحقيقة.
Table of Contents (Show / Hide)
واعتبر الهذالي أن "هذه الممارسة غش يضر بسمعة الأكاديميين والمواطنين السعوديين الشرفاء"، مشددا على ضرورة اجتذاب الجامعات السعودية للباحثين من ذوي الاستشهادات العالية بالأوراق العلمية المنشورة، من خلال السماح لهم بالانتقال إلى المملكة والعمل فيها، وليس من خلال الاستفادة من أوراقهم عن بعد، وفقا لما أورده تقرير نشرته صحيفة "إلبايس" الإسبانية وترجمه "الخليج الجديد".
ويعتقد الهذالي أن التعاون الأكاديمي مع السعودية يجب أن يتم بالطريقة الصحيحة، "بناءً على تبادل المعرفة وليس الانتماءات"، مشددا على أن التعزيز المصطنع للترتيب الأكاديمي "يعيد الجامعات السعودية إلى الوراء، وليس إلى الأمام"، حسب قوله.
وندد الهذالي بالكيفية التي يحصل بها بعض الباحثين الأجانب على التمويل السعودي وإجرائهم لمعظم تجاربهم خارج المملكة، "بينما يتقاضى طلاب الدكتوراه الشباب المحليون بالكاد حوالي 450 يورو شهريًا".
وأعرب الهذالي عن أمله في أن يؤدي الكشف عن هذه الممارسة الاحتيالية إلى تنبيه وسائل الإعلام والجمهور في السعودية.
7 آلاف باحث
وبحسب الصحيفة الإسبانية، فإن جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود تدفعان للعلماء الأجانب مقابل "الكذب في قاعدة بيانات كلاريفيت"، والادعاء بأنهم أكاديميون يعملون فيها، دون حضورهم إلى المملكة أو إجرائهم لأي من تجاربهم فيها مقابل حصولهم على آلاف الدولارات شهريا.
وتضم قاعدة بيانات كلاريفيت 7 آلاف باحث، غالبًا ما يستشهد أكاديميون آخرون بدراساتهم، ويتم تصنيف ترتيب الجامعات حول العالم بناء على عدد المنتمين لها من هذه القاعدة، وهو الترتيب المعروف إعلاميا بتصنيف شنغهاي.
وكشف تحقيق سابق للصحيفة الإسبانية أن أقدم جامعتين في السعودية (الملك عبدالعزيز والملك سعود) تدفعان ما يصل إلى 77 ألف يورو سنويًا لباحثين أجانب، ضمن قائمة كلاريفيت، لتغيير انتمائهم الأكاديمي الأساسي إليها، ما ساهم في صعود ترتيب الجامعتين ضمن أفضل 150 جامعة في العالم.
وعلى مدى العقد الماضي، قام 210 باحثين أجانب بإدراج الجامعات السعودية ضمن قائمة الانتماء المؤسسي الأساسي لهم، معظمهم من الصين (44) وإسبانيا (19) والولايات المتحدة (16) وتركيا (14) والهند (13) والمملكة المتحدة (12) وإيطاليا (11) وألمانيا (11).
ووفق تحليل "إلبايس" للقائمة كلاريفيت لعام 2022، فإن ما يقرب من 10% من الباحثين بقائمة كلاريفيت في إسبانيا يكذبون بشأن انتمائهم المؤسسي.
((3))
عرض للترقية
وفي 31 يناير/كانون الثاني الماضي، تلقى الهذالي، الباحث في علم الصيدلة، رسالة من أحد العلماء الذين كذبوا بشأن انتمائهم في قاعدة بيانات كلاريفيت، وهو خبير بيئي، قال في رسالته: "عزيزي صخر الهذالي، لقد تم ترشيحك كمساعد بحثي في جامعة الملك عبدالعزيز، يجب علينا الاتصال [كذا] للتنسيق. يمكنني مساعدتك في عملك ويمكنني أيضًا تضمينك في عدة أسطر من بحثي المعملي. من فضلك قدم لي إجابة موجزة وأخبرني برأيك وأفكارك حول تعاوننا".
ورفض الهذالي عرض الخبير الإسباني، الذي يُجري أبحاثًا في إمبريال كوليدج لندن، وتملكه شعور بالصدمة لتشجيع جامعته السعودية له على "العمل مع أكاديميين عشوائيين للحصول على تأليف مجاني"، بحسب الصحيفة الإسبانية.
وأرسل الهذالي على الفور رسالة إلى أساتذة كبار في جامعة الملك عبدالعزيز، جاء فيها: "هذا ليس تعاونًا متبادلًا، إنه غير أخلاقي. هل من المفترض أن تتم ترقيتي بهذه الطريقة؟".
وفي السياق، تشير "إلبايس" إلى أن 77% من الباحثين، الذين يدرجون جامعة سعودية باعتباره مكان عملهم الأساسي في قاعدة بيانات كلاريفيت، يدرجون أيضًا انتسابًا ثانويًا في بلد آخر يكون عادةً هو موطن عملهم الفعلي.
ومن هؤلاء، أومبرتو بوستينس، أستاذ علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في جامعة نافاري العامة (إسبانيا)، الذي أقر بكذبه عام 2018 بشأن مكان عمله الأساسي، عبر تسجيله جامعة الملك عبدالعزيز، رغم أن قدمه لم تطأ المملكة العربية السعودية.
ويعلق الهذالي على ذلك قائلا: "إذا أرادت الجامعات السعودية جذب الباحثين المتميزين، فعليها فعل كل ما في وسعها للسماح لهم بالانتقال إلى المملكة، كما جرى مع لاعب كرة القدم [البرتغالي] كريستيانو رونالدو".
يشار إلى أن الهذالي أمضى 13 عامًا في الدراسة والعمل بمؤسسات بحثية بريطانية وفرنسية بمنحة من الحكومة السعودية، ولذا علق على تحقيق الصحيفة الإسبانية بقوله: "لست بحاجة إلى دفع أي شخص مقابل تضميني بدراسات عشوائية".