تركيا تحبس أنفاسها عشية انتخابات مصيرية.. العالم يترقب نتائجها
يتوجه الناخبون الأتراك، الأحد 14 مايو/ أيار الجاري، إلى صناديق الاقتراع لحسم انتخابات رئاسية وبرلمانية يعتبرها مراقبون "الأهم في تاريخ تركيا الحديث" في ظل استقطاب سياسي حاد وصعوبات اقتصادية لافتة وتحديات إقليمية ودولية عديدة.
Table of Contents (Show / Hide)
وتمثل تلك الانتخابات، التي يترقب العالم نتائجها، "نقطة تحول"، وتتزامن مع الذكري المئوية لتأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك في أكتوبر/تشرين الأول 1923.
ويخوض حزب العدالة والتنمية (الحاكم منذ عام 2002) اختبارا انتخابيا صعبا للغاية في ظل انتقادات لأداء حكومته في الأيام الأولى بعد زلزال مدمر ضرب جنوبي البلاد في 6 فبراير/ شباط الماضي، وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص بجانب دمار مادي هائل.
وضمن وضع عالمي، يعاني الأتراك من ارتفاع في أسعار السلع وغلاء المعيشة مع ارتفاع نسبة التضخم؛ جراء تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2002.
وتتوقع استطلاعات رأي في تركيا انتخابات رئاسية حامية تأخذ طابع استفتاء حول حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يواجه للمرة الأولى معارضة موحدة بعد 20 عاما على توليه السلطة.
وعود وإنجازات
وفي إطار حملة انتخابية محتدمة حتى السبت (يوم الصمت الانتخابي)، حشد كل من أردوغان ومرشح ائتلاف المعارضة الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو، قبل أيام من الاقتراع الحاسم، أنصارهما في إسطنبول، العاصمة الاقتصادية للبلاد.
ويأمل كل منهما في حسم الانتخابات لصالحه من الجولة الأولى. وبينما حضر عشرات الآلاف تجمع كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك، أعلن العدالة والتنمية عن مشاركة أكثر من مليون شخص في تجمعه.
ومقابل وعود المعارضة لتحسين الوضع الداخلي وتغيير السياسة الخارجية، أعلن أردوغان في الأيام الأخيرة عن إنجازات منها أول محطة للطاقة النووية (بشراكة مع روسيا)، وأول حاملة طائرات بدون طيار هجومية، وأول سيارة كهربائية، بالإضافة إلى اكتشافات للغاز الطبيعي، مع وعد بتوفير غاز مجانا للاستهلاك المنزلي يصل إلى 25 مترا مكعبا شهريا لمدة عام.
وتبلغ فترة ولاية كل من رئيس الجمهورية والبرلمان خمس سنوات. ويحق لـ60 مليونا و904 آلاف و499 ناخبا داخل تركيا الإدلاء بأصواتهم الأحد في 190 ألفا و737 مركز اقتراع، بحسب اللجنة العليا للانتخابات.
أما خارج تركيا، فقد دُعي 3 ملايين و286 ألفا و786 ناخبا إلى التصويت في 4 آلاف و969 مركز اقتراع بالخارج بين 27 أبريل/نيسان الماضي و9 مايو/أيار الجاري في البعثات الدبلوماسية، و14 من نفس الشهر في المعابر.
ووفقا لوكالة "الأناضول" التركية، بلغت نسبة المشاركة الرسمية 51%؛ حيث أدلى مليون و763 ألفا و361 ناخبا بأصواتهم في الانتخابات بالخارج والمعابر الحدودية.
الرئاسة
إذا لم يفز أي مرشح بأغلبية نسبية (أكثر من 50%) من الأصوات في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية في 28 مايو/أيار الجاري بين المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من أصوات الجولة الأولى.
وتقتصر ولاية الرئيس على فترتين مدة كل منهما 5 سنوات، لكن يُسمح له بفترة ثالثة إذا أُجريت انتخابات مبكرة قبل نهاية الفترة الثانية إما بدعم 60% من النواب أو بمرسوم رئاسي.
ويخوض سباق الانتخابات الرئاسية أربعة مرشحين هم:
- رجب طيب أردوغان (69 عاما)
مرشح تحالف الشعب، ويتواجد في الحكم منذ عشرين عاما، حيث أسس "العدالة والتنمية" في 2001 وقاده إلى الفوز بالانتخابات في العام التالي، ثم ترأس الحكومة في 2003، ويتولى رئاسة الجمهورية منذ 2014.
- كمال كليتشدار أوغلو (74 عاما)
زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح "تحالف الأمة" المعارض، وهو سياسي محنك، لكن يرى منتقدون أنه يفتقر إلى الكاريزما.
- محرم إنجه (59 عاما)
انشق عن حزب الشعب الجمهوري، ويتزعم حزب البلد القومي اليميني الذي أسسه. خسر انتخابات 2018 أمام أردوغان، ودعت المعارضة إلى سحب ترشيحه حتى لا يفتت أصواتها، لكنه يعتقد أنه سيتأهل إلى الجولة الثانية.
- سنان أوغان (56 عاما)
من أصل أذربيجاني، وكان عضوا في حزب الحركة القومية، ويتزعم حاليا "الأجداد" وهو تحالف يضم أحزابا قومية متطرفة، أهمها "النصر". وهو الأقل شعبية بين المرشحين للرئاسة، وفقا استطلاعات رأي.
البرلمان
من بين 122 حزبا سياسيا مسجلا في تركيا، يخوض انتخابات الأحد 36 حزبا بالإضافة إلى 151 مرشحا مستقلا، وسيتم انتخاب 600 نائب في البرلمان من خلال نظام نسبي في 87 دائرة انتخابية.
ولدخول البرلمان يجب أن يجتاز الحزب العتبة البرلمانية وهي حصوله على 7% على الأقل من الأصوات، لكن في حال تحالفت أحزاب في الانتخابات، فيكفي أن يحصل التحالف مجتمعا على الـ7%.
وتتنافس في الانتخابات التحالفات التالية:
- تحالف الشعب
يضم أحزاب العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية والقضية الحرة، وهو حزب إسلامي كردي سني.
- تحالف الأمة
يتكون من 6 أحزاب مختلفة أيديولوجية وهي: الشعب الجمهوري، والجيد، والسعادة، والمستقبل، الديمقراطية والتقدم، والديمقراطي.
- تحالف العمل والحرية
ائتلاف يساري من أحزاب الشعب الديمقراطي، والعمال، والعمل، والحركة العمالية، والحرية المجتمعية، واتحاد الجمعيات الاشتراكية.
- تحالف الأجداد
تحالف يميني أسسه منشوقون عن حزب الحركة القومية، ويضم أحزاب النصر والعدالة، والوطن، والتحالف التركي.
- اتحاد القوى الاشتراكية
يضم أحزاب اليسار، والشيوعي، والشيوعية التركية، والثورة.
أهمية الانتخابات
سيحدد الناخبون مسار تركيا السياسي والاقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة، فإما أن تفتح المعارضة صفحة جديدة في الحكم أو يستمر العدالة والتنمية الذي يقود البلاد منذ 21 عاما، حيث فاز في كل الانتخابات منذ 2002.
وتواجه تركيا تحديات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، فضلا عن التوترات في العلاقات بين أنقرة وبعض دول الشرق الأوسط والدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ونظرا إلى أهمية تركيا كقوة إقليمية، فسيكون لنتائج الانتخابات آثارها على المنطقة بأكملها والعلاقات الدولية؛ فلكونها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تلعب أنقرة دورا مهما على المستويين الإقليمي والدولي، بما في ذلك الأزمة في سوريا (الجار الجنوبي لتركيا) والصراع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب الأهلية في ليبيا والحرب الروسية الأوكرانية.
ويقول سياسيون ومسؤولون سابقون في تركيا إن عواصم غربية، في مقدمتها واشنطن، تحاول التأثير على الانتخابات لضمان عدم فوز حزب العدالة والتنمية، لعدم رضاهم عن المسار المستقل الذي ينتهجه أردوغان لتحقيق مصالح بلاده، لاسيما عبر تنويع علاقاتها الخارجية وخاصة مع روسيا.
ياسين مهداوي
المصدر: الخليج الجديد