ارتياح إسرائيلي من تغيير المناهج الدراسية في مصر.. لماذا
حالة من الارتياح في إسرائيل من التغيرات والتحديثات التي طرأت على المناهج المدرسية المصرية، لافتا إلى أن التغييرات تشير إلى تحسن الموقف تجاه اليهود، واتفاقية السلام الموقعة بين القاهرة وتل أبيب.
Table of Contents (Show / Hide)
وذكر تقرير صادر عن "معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي" (IMPACT-SE)، أنه "رصد في نظام التعليم المصري، وجود تحسينات كبيرة في المواقف تجاه اليهود واليهودية في الكتب المدرسية المنشورة حديثا"، وفق ما أورده موقع "بحدري حرديم" الإخباري العبري.
وأشار الموقع إلى أن هذه التحديثات على الكتب المدرسية في مصر، تعبر عن "تغيير في اتجاه مصر، التي عرفت ترديا في العلاقات مع اليهود لأسباب سياسية، ولم تشفع كثيرا اتفاقية السلام التي بادر إلى إبرامها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل بيني بيجين عام 1978".
وأوضح المعهد، وهو منظمة غير حكومية إسرائيلية تراقب محتوى الكتب المدرسية في إسرائيل والشرق الأوسط وحول العالم، أن "التقرير يسلط الضوء على واقع متغير، حيث إن مصر بصدد عملية إصلاح سنوية لمنهجها المدرسي الوطني، والتي بدأت في عام 2018 وستنتهي في عام 2030".
ومن المقاربات اللافتة لمناهج التعليم في مصر، وفق التقرير، أنه تم إبراز المكاسب السياسية والاقتصادية لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 الذي وقّع بين الرئيس السادات ومناحيم بيغن، بحيث صوّر هذه العلاقات على أنها علاقات ودية تعاونية بين دول الجوار، دون التطرق للسياق السياسي والعسكري من احتلال إسرائيل لأراضي سيناء.
كما يُطلب من الطلبة حفظ أحكام معاهدة السلام، وتصف الاتفاقية بأنها "علاقات ودية"، بعد أن كانت سابقاً توصف "بعلاقات طبيعية"، وأن العلاقة القائمة هي احترام كل جانب لسيادة الطرف الآخر واستقلاله، بدلاً من الاعتراف بسيادة كل جانب في النزاع على أراضيه.
كما تم الإسهاب، وفق التقرير الإسرائيلي، في شرح مزايا الاتفاق وكيف ستكون آثاره الاقتصادية على الاقتصاد المصري عند تحقيق الخطة الحالية في رفع قيمة التبادل التجاري لـ700 مليون دولار في العام 2025، مع وضع صور توثق لحظة توقيع الاتفاق في البيت الأبيض بين السادات وبيجين.
وتربط المناهج الجديدة أيضاً حق اليهود في أرض فلسطين، وتتحدث عن الصلة الدينية بأرض فلسطين التاريخية من خلال مصطلحات جديدة كـ "الأرض اليهودية".
كما استبدلت مصطلحات مدينة "القدس" أو "بيت المقدس" بمدينة "أورشليم"، وتبرز ارتباط اليهود بما يسمى "هيكل سليمان" على اعتبار أنه حق توراتي، وفق التقرير ذاته.
وتحاول المناهج الجديدة وضع الطلبة في حقيقة أن اليهود تعرضوا للظلم قبل 70 عاماً، وأنهم شعب بلا أرض، تعرضوا لأبشع جرائم القتل في تاريخ البشرية من خلال "الهولوكوست" الذي تسبب بمقتل 6 ملايين يهودي من قِبل النظام النازي في ألمانيا.
كما تمت إزالة مصطلح "الكيان الصهيوني" أو الدولة "غير الشرعية" من الكتب المدرسية، التي أقيمت بهدف التوسع على حساب الفلسطينيين، وتجنبت المناهج الجديدة إدراج خرائط تضع حدوداً لدولة إسرائيل، أو مناطق الدولة الفلسطينية.
وتتحدث كتب التربية الإسلامية الجديدة عن الإيجابية في العلاقات بين اليهود والديانات الإسلامية والمسيحية، باعتبارها المصدر الرئيسي لحقوق الإنسان والحريات العامة، وأن الوصايا العشر التي نقلها سيدنا موسى لقومه، هي الأرضية التي يجب التمسك بها في العلاقات بين الشعوب بغض النظر عن الهوية والدين والعرق.
كما يتعلم الطلبة أن أعظم أشكال التعايش بين الديانات الثلاثة، هي زواج الرجال المسلمين أو المسيحيين من النساء اليهوديات، وفق التقرير.
كما وضعت المناهج الجديدة اليهود في مرتبة متساوية مع المسلمين، عبر الاستشهاد بنصوص تدعي اعتراف الإسلام بالتوراة ككتاب مقدس، وأن الإسلام يبيح أكل طعام "الكوشر"، وهو الأكل الحلال في الدين اليهودي.
و"لسوء الحظ" أنه حسب المعهد الإسرائيلي، فإن "التغيير في مصر تدريجي، وهذا يعني أن الملايين من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية لا يزالون يتعرضون للصور النمطية البغيضة والمعادية لليهود في موادهم المدرسية".
وأضاف التقرير: "هذا يشمل لوم اليهود على التسبب في معاداة السامية في أوروبا؛ ووصفهم بأنهم مجموعة عرقية تعمل في مجال التمويل؛ وكراهية يهودية جماعية للمسلمين"، منوها إلى أنه "لا يتم تدريس الهولوكوست، على الرغم من أن أحد كتب التاريخ يلقي باللوم على الصهاينة لاستغلالهم، والادعاء بأن 6 ملايين يهودي قتلوا أو أحرقوا على أيدي النازيين من أجل تبرير هجرة اليهود إلى فلسطين على حساب العرب".
ونبه التقرير إلى أن "المواد المنقحة تقدم صورة مختلفة"، معتبرا أنه "من الواعد، أن الكتب المدرسية في المدارس الابتدائية التي أعيدت كتابتها منذ 2021، لا تتضمن الصور النمطية التقليدية الضارة مثل عزو الأفعال الشريرة والسمات السلبية مثل عدم الولاء والاحتيال والجشع وانتهاك العقود مع اليهود، حيث إنه استبدل بها قيم التسامح والتعايش بين الإسلام واليهودية، وإبراز الأرضية المشتركة".
ورأى الرئيس التنفيذي لـ"معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي" ماركوس شيف، أن "الحكومة المصرية في عهد (الرئيس عبدالفتاح) السيسي أوفت بوعدها لـ"إصلاح" المناهج الدراسية".
وقال: "تمتلك مصر أكبر نظام تعليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إنه يوجد 25 مليون طفل ملتحقين بالمدارس، وبالتالي فإن عملية إزالة "معاداة السامية" وغيرها من الكراهية من الكتب المدرسية هي مساهمة كبيرة في ظهور مجتمع وإقليم مصري متسامح"، وفق قوله.
ولفت إلى أنه "تحت زعامة السيسي، نمت العلاقات بين مصر والدولة اليهودية (إسرائيل) بقوة، وأصبحت القاهرة الآن الوسيط الأول بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة".
فيما قال نائب مدير معهد الأبحاث الإسرائيلي إريك أجاسي إن "إصلاح المناهج الدراسية في مصر شجاع ورائد".
وأضاف: "إزالة الدوافع المعادية للسامية وعبارات الكراهية من الكتب، مثل التغييرات الإيجابية في الموقف تجاه إسرائيل في بلد يزيد عدد طلابه عن 20 مليون طالب، سيكون له إسهام كبير في المجتمع وفي قيادة مصرية أكثر تسامحًا في المستقبل".
المصدر: الخليج اونلاين