كل ما تريد معرفته عن محاكمة ترامب، أبرز المرشحين لانتخابات 2024.. إما العودة للبيت الأبيض أو السجن!
"غير مذنب"، هكذا رد ترامب في المحكمة على الاتهامات الموجّهة إليه، وغادر عائداً إلى فلوريدا، وسط انقسام حاد في أمريكا وتهديد بوجود "قنبلة"، فما مصير الرئيس السابق، وانتخابات 2024 برمتها؟
Table of Contents (Show / Hide)
مثُل الرئيس أمام محكمة فيدرالية في ميامي، الثلاثاء، 13 يونيو/حزيران، ودفع ببراءته من 37 تهمة جنائية تتعلق بسوء تعامله مع وثائق سرية في منزله بمنتجع مارالاجو. وكان المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية لعام 2024 قد سلّم نفسه إلى المحكمة الفيدرالية في ميامي، حيث تم توجيه التهم إليه، ودفع ببراءته منها.
كيف يرى الأمريكيون محاكمات ترامب؟
ربما يتبادر إلى الذهن سؤال بشأن مدى أهمية مشاكل ترامب القانونية لغير الأمريكيين، لكن الإجابة بديهية بطبيعة الحال، فالرئيس السابق هو حالياً المرشح الجمهوري الأوفر حظاً في انتخابات العام المقبل، وبالتالي فإن كل ما يتعلق برئيس محتمل للولايات المتحدة هو أمر مهم للغاية لجميع شعوب ودول العالم.
فالولايات المتحدة هي اللاعب الرئيسي على المسرح العالمي، وما تتخذه واشنطن من قرارات غالباً ما يؤثر بشكل مباشر على الكوكب بأكمله. فالحرب بين روسيا وأوكرانيا، على سبيل المثال، ما كان لها لتندلع من الأساس لو كان ترامب قد استمر في البيت الأبيض لفترة ثانية، بحسب ما يراه أغلب المحللين.
على أية حال، كيف يرى الأمريكيون محاكمة ترامب؟ تظهر استطلاعات الرأي انقساماً حاداً في الرأي العام الأمريكي بين من يوافقون على أن الرئيس السابق "أخطأ" في قصة الوثائق السرية وتعامله معها، ومن ثم تجب محاسبته، وبين من يرون أنه لم يرتكب أية أخطاء، وأن الأمر برمته "اضطهاد سياسي" من جانب الديمقراطيين برئاسة جو بايدن.
كما أظهر استطلاع للرأي، أجرته شبكة CBS الأمريكية الشريكة لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، أن 76% من الناخبين الجمهوريين الأساسيين المحتملين قلقون بشدة من كون لائحة الاتهام ضد ترامب ذات دوافع سياسية، أكثر من قلقهم من الوثائق التي تشكل خطراً على الأمن القومي.
كما أظهر استطلاع رأي آخر أن نحو نصف الأمريكيين يؤيدون توجيه لائحة اتهام للرئيس السابق دونالد ترامب، تتعلق بسوء تعامله المزعوم مع الوثائق السرية بعد ترك منصبه، فيما يعتقد كثيرون أيضاً أن دوافع سياسية وراء الاتهامات.
ووجد الاستطلاع، الذي أجرته شركة "إبسوس" بالتعاون مع شبكة "إيه بي سي"، أن 48% من الأمريكيين يعتقدون أن ترامب تم اتهامه على نحو مستحق في قضية حيازة الوثائق السرية، بينما لا يعتقد 35% أنه كان يجب توجيه الاتهام إليه، وقال نحو 17% من المشاركين في الاستطلاع إنهم غير متأكدين مما إذا كان ينبغي توجيه لائحة اتهام إلى الرئيس السابق للمرة الثانية أم لا.
وفيما يتعلق بالانتماءات الحزبية، قال 86% من الديمقراطيين و45% من المستقلين إنهم يؤيدون لائحة الاتهام، في حين اعترض غالبية الجمهوريين (تحديداً 67% منهم) على التهم الموجهة إلى ترامب.
وأعلن ترامب، الخميس، 8 يونيو/حزيران، أن المستشار الخاص جاك سميث أصدر بحقه لائحة اتهام تضم 37 تهمة فيدرالية تتعلق بالاحتفاظ غير القانوني بوثائق سرية، واصفاً التحقيق في تصريحات لشبكة Foxnews بأنه "أكبر عملية اضطهاد سياسي في التاريخ".
ما تأثير المحاكمة على الانتخابات الأمريكية 2024؟
بعيداً عما يواجهه ترامب من مشكلات قانونية متنوعة، بين ما هو مدني وما هو جنائي، من المستحيل استبعاد الشق السياسي المهيمن على محاكمته برمتها. فرجل الأعمال، الذي يحتفل الأربعاء، 14 يونيو/حزيران 2023، بعيد ميلاده، والبالغ من العمر 77 عاماً، دخل أروقة السياسة الأمريكية قبل أقل من 8 سنوات فقط، تمكن خلالها من الفوز بالرئاسة عام 2016، لكنه خسر انتخابات 2020 لصالح جو بايدن.
لم يعترف ترامب أبداً بخسارة الانتخابات السابقة، ولن يعترف على الإطلاق، فالرئيس السابق مصرّ على أن جو بايدن سرق الانتخابات، ورغم أن ترامب لم يقدم دليلاً واحداً يدعم مزاعمه، فإن الأغلبية الساحقة من قاعدته الانتخابية مقتنعون تماماً بكل ما يقوله، وهذا في حد ذاته يمثل جرس إنذار يقلق جميع المراقبين والمحللين الأمريكيين "المستقلين"، وهذا هو لب القضية.
فالانقسام في المجتمع الأمريكي، منذ ظهور ترامب على الساحة السياسية، أصبح حقيقة واقعة، وطال جميع مناحي الحياة الأمريكية سياسياً واقتصادياً وقانونياً وثقافياً واجتماعياً، وينعكس هذا الانقسام في صناديق الانتخابات. إذ يكاد يكون الكونغرس، بمجلسيه النواب والشيوخ، منقسماً بشكل كامل، حيث الأغلبية للديمقراطيين في الشيوخ بنسبة 51% تقريباً والأغلبية في مجلس النواب للجمهوريين بنفس النسبة تقريباً.
وفي هذا السياق، تنعكس محاكمة ترامب بشكل مباشر على الانتخابات الأمريكية 2024، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، يرصد كيف أن المحاكمة غير المسبوقة للرئيس السابق تلقي بظلال كثيفة على الانتخابات الرئاسية، كون ترامب أوفر المرشحين الجمهوريين حظاً من جهة، وكون مشاكله القضائية هي العنوان الأبرز في الحملة الانتخابية، التي بدأت قبل موعدها بأشهر طويلة.
فما يحدث مع ترامب يعني أن هذه ستكون ثالث انتخابات رئاسية على التوالي تشوبها التحقيقات والمحاكمات الجنائية والمدنية بحق مرشحين رئيسيين فيها، وذلك بعد انتخابات 2016 وما شهدته من تسريبات ضخمة للبريد الإلكتروني الخاص بالمرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون، وانتخابات 2020 وما شهدته من اقتحام أنصار ترامب للكونغرس في الفضيحة الأكبر في التاريخ الأمريكي الحديث.
صحيح أن الحشود التي تجمعت خارج المحكمة الفيدرالية بميامي الثلاثاء، من معارضي ترامب ومؤيديه، كانت صغيرة، وصحيح أن سلطات المدينة استعدت لاضطرابات محتملة، لكن عمدة المدينة، فرانسيس سواريز، قال للصحفيين إنه لم تكن هناك أي مشاكل أمنية، إلا أن مجرد الحديث عن "شبهة وجود قنبلة" أثار فزعاً كبيراً.
وعلى الرغم من تبادل الاتهامات بين المعسكرين، الديمقراطي والجمهوري، بشأن المسؤولية عما وصلت إليه الأمور في الولايات المتحدة من نقطة فاصلة وخطيرة، فإن الأمر الوحيد المؤكد هو أن ترامب سيظل ومشاكله القضائية ستكون العنصر الأبرز حتى ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، والتي على الأرجح سيكون الرئيس السابق أحد طرفيها، بحسب ما تشير إليه جميع المعطيات الحالية.
فمثول ترامب أمام المحكمة للمرة الثانية خلال أقل من شهرين ساهم بشكل لافت في رفع شعبيته، أو بالأحرى إظهارها، بين الجمهوريين، رغم وجود قائمة طويلة من المنافسين، كنائبه مايك بنس وحاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، وغيرهما كثيرين.
إذ يعتقد نحو 42% من الأمريكيين أن التهم الموجهة إلى الرئيس السابق خطيرة للغاية، بينما لا يعتقد 28% أنه يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وكشف أحدث استطلاع رأي أن كلاً من ترامب والرئيس جو بايدن، المرشحين للانتخابات الرئاسية في 2024، يتمتعان بتأييد إيجابي بنسبة 31% بين الناخبين.
ترامب يرفع راية التحدي
على الرغم من أن ترامب بدا مستسلماًوشارداً خلال جلسة محاكمته الأخيرة،فإن جميع المؤشرات تؤكد أن نتيجتها تصب في صالحه بشكل لافت، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية عنوانه "دراما محاكمة ترامب تصبّ في صالح حملته الانتخابية".
ويبدو أن ترامب يشعر بذلك، ويراه رأي العين، فبمجرد مغادرته قاعة المحكمة تعهد بملاحقة الرئيس الحالي جو بايدن وعائلته قضائيا، في حالة أُعيد انتخابه في الانتخابات الرئاسية القادمة، ووصف ترامب بايدن، في كلمة ألقاها من ناديه بيدمينستر بولاية نيوجيرسي، فجر الأربعاء، 14 يونيو/حزيران، بأنه "شخص فاسد".
وقال الرئيس السابق: "سأعين مدعياً خاصاً لملاحقة أكثر الرؤساء فساداً في تاريخ الولايات المتحدة؛ جو بايدن وجميع أفراد عائلته الإجرامية. عندما أعيد انتخابي، سأقضي تماماً على الدولة العميقة"، معرباً عن ثقته البالغة في إعادة انتخابه لولاية جديدة في 2024.
وانتقد ترامب أيضاً الديمقراطيين، قائلاً إن لائحة الاتهام ضده تهدف إلى "تشتيت الانتباه عن مخطط رشوة، يزعم تورط أسرة بايدن فيه". وتابع: "يريدون صرف الانتباه عن الجرائم الحقيقية، يقولون: دعونا نخرج ونوجه اتهامات للرئيس ترامب، حتى لا يتحدثوا عن الرشوة البالغة 5 ملايين دولار".
وجدد ترامب الإشارة إلى أن القضية المرفوعة ضده "ذات دوافع سياسية"، واصفا لائحة الاتهام الموجهة إليه بأنها "أبشع وأقسى إساءة لاستخدام السلطة في تاريخ الولايات المتحدة، وبمثابة تدخل في الانتخابات".
وبالتالي فالسؤال الآن: ماذا لو تم الحكم على ترامب بالسجن قبل موعد الانتخابات المقبلة؟ فالتهم ال37 الموجهة للرئيس السابق تبلغ مجموع العقوبة فيها نحو 136 عاما خلفا القضبان. الإجابة هي أن ذلك لا يمنع ترامب، من الناحية القانونية، من مواصلة سعيه للعودة إلى البيت الأبيض.
نعم، فشروط الترشح للرئاسة بحسب الدستور الأمريكي تنطبق على ترامب، وهذه الشروط ثلاث: 1- ألا يقل سن المرشح عن 35 عاماً. 2- أن يكون مواطناً أمريكياً. 3- أن يكون قد عاش في أمريكا لمدة 14 عاماً على الأقل، بحسب تقرير لموقع Axios الأمريكي.
أما السؤال الأخطر، في ظل ما تشهده أمريكا من انقسام واستقطاب حادين، فهو: ماذا لو تكرر سيناريو انتخابات 2020 بحذافيره؟ أي أن يحظى ترامب بترشيح الحزب الجمهوري ويخوض الانتخابات ضد جو بايدن، وتظل النتيجة معلقة ليفوز جو بايدن مرة أخرى؟
ربما تكمن الإجابة في تحقيق استقصائي نشرته مجلة Newsweek الأمريكية بعنوان "ملايين الأمريكيين غاضبون ومسلحون استعداداً للسيطرة على البلاد حال خسارة ترامب عام 2024″، يرصد كيف أن الجماعات اليمينية المتطرفة المسلحة من أنصار ترامب قد لا يكونوا التهديد الأخطر الذي تواجهه البلاد.
مايك نيزناني، مواطن أمريكي يبلغ من العمر 73 عاماً، وهو من المحاربين القدامى في فيتنام، ويعاني من إعاقة تمنعه من السير دون عصاه، لكن إعاقته لم تمنعه من التوجه من مقر إقامته في غينزفيل بولاية جورجيا إلى واشنطن العاصمة، وهو مسلح ومستعد "للقيام بواجبه" في الإطاحة بالحكومة الأمريكية، بحسب تحقيق نيوزويك.
ويعتبر نيزناني نفسه واحداً من ملايين المتمردين الذين يصفهم "بالقنبلة الموقوتة" التي تستهدف الكابيتول (مقر الكونغرس).. "هناك كثير من الناس المسلحين جيداً يتساءلون عما يحدث لهذه البلاد. هل سنترك بايدن يواصل تدميرها؟ أم هل لا بد أن نتخلص منه؟ لن نتحمل أكثر مما تحملنا قبل أن نرد بقوة"، ويضيف نيزناني أن انتخابات 2024 ستكون "لحظة الانفجار".
نيزناني ليس "ذئباً منفرداً"، بحسب تحقيق المجلة الأمريكية، إذ تحظى منشوراته على منصة Quora للتواصل الاجتماعي بملايين المتابعات والتعليقات والأغلبية الساحقة منها مؤيدة ومستعدة للمشاركة. وهؤلاء الملايين ينتمون للتيار اليميني المتطرف في الحزب الجمهوري (تيار ترامب)، وجميعهم يمتلكون أسلحة ويتحدثون بشكل علني عن الاستعداد للإطاحة بالحكومة الفيدرالية، التي يرونها "غير شرعية ومعادية للحرية الأمريكية".
الخلاصة هنا هي أن ترامب سيظل الرقم الأصعب على الساحة الأمريكية، سواء حُكم عليه بالسجن أو عاد للبيت الأبيض مرة أخرى رئيساً عام 2024.