عقبتان رئيسيتان أمام نجاح تطبيع السعودية وإسرائيل.. الفيل في العرية
القضية الفلسطينية والتقارب بين الرياض وطهران هما العقبتان الرئيسيتان أمام عملية التطبيع الجارية ببطء بين السعودية وإسرائيل.. هكذا ترى المحللة والكاتبة كارولين روز، في تحليل نشره موقع "جيوبولوتيكال فيوتشرز".
Table of Contents (Show / Hide)
وتقول روز إنه من الواضح أن هناك جهودًا جادة جارية للتوصل إلى تطبيع بوساطة أمريكية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، والحوافز لجميع الأطراف واضحة، حيث سيوفر التقارب فرصة فريدة لموازنة التطبيع السعودي الإيراني في المنطقة، والتحوط من الطموحات النووية الإيرانية والتصعيد من خلال الميليشيات بالوكالة، والحصول على تنازلات سياسية أو أمنية من كل طرف لتحقيق أهداف كل منهما.
ومع ذلك، هناك حدود صارمة لمدى التقارب الذي يمكن أن يصل إليه، قياسا إلى ملفات عالقة بين الجانبين، وفقا للتحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد".
من المشاحنة إلى التقارب
ولطالما كانت العلاقات بين إسرائيل والسعودية مشحونة.
في الواقع، لم تقم الدولتان بتأسيس علاقات دبلوماسية.
ومنذ البداية، كانت المملكة العربية السعودية معارضًا صريحًا لاقتراح الأمم المتحدة عام 1947 لتقسيم فلسطين البريطانية إلى دولتين عربية ويهودية.
وبعد إنشاء إسرائيل في عام 1948، دعمت المملكة تطلعات العرب الفلسطينيين لإقامة دولة ودعت باستمرار إلى انسحاب إسرائيل.
كما عارضت انخراط الجيران العرب في مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين.
على سبيل المثال، انتقدت مصر وعلقت العلاقات بشأن دور القاهرة في اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978.
لكن مع مرور الوقت، تطورت إسرائيل لتصبح فاعلًا أمنيًا هائلاً في المنطقة، كما تقول الكاتبة، واستمرت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية بالفشل، وضاعفت إيران من موقفها المتشدد الذي يميل إلى الأمام بعد الثورة الإسلامية عام 1979 - مع التركيز على إسرائيل والسعودية كأهداف محتملة.
نتيجة لذلك، عدل الإسرائيليون والسعوديون مواقفهم، وأجروا مناقشات سرية، بل وانخرطوا في تعاون محدود حول المصالح المشتركة.
وأصبح تصعيد إيران من خلال شبكتها الواسعة بالوكالة، الممتدة من جبال زاجروس إلى البحر الأبيض المتوسط، وبرنامجها النووي الموسع، مصدر قلق مشترك للرياض وتل أبيب.
صعود إسرائيل كقوة تكنولوجية
وبينما تسعى السعودية إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وتعزيز البنية التحتية الإقليمية والتكامل التجاري، فإن إسرائيل - كمركز صاعد لمشاريع ربط الطاقة والتكنولوجيا العالية - هي شريك محتمل، قادر على تقديم فرص تجارية مربحة وبنية تحتية ومالية.
ومع ذلك، لم ترغب السعودية في أن تكون الدولة الخليجية الأولى التي تغوص مع إسرائيل.
وعلى الرغم من أنها تتصرف كزعيم فعلي للمنطقة عبر مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الرياض لديها عادة القيادة من الخلف، حيث أخذت الإمارات زمام المبادرة للتطبيع مع إسرائيل، وانضمت البحرين، ثم المغرب والسودان.
وعلى الرغم من أن تفاصيل صفقة التطبيع الإسرائيلية السعودية المبدئية غامضة، إلا أن المطالب العريضة واضحة.
وبعد أن ابتعدت عن إسرائيل لعقود بسبب القضية الفلسطينية، طالبت السعودية بتنازلات إسرائيلية فيما يتعلق بالمستوطنات، وكذلك القدرة على تقديم حزم المساعدات في الضفة الغربية.
تسعى السعودية أيضا للحصول على موافقة إسرائيلية وأمريكية لبناء برنامج نووي مدني، وهو ما عارضته إسرائيل منذ فترة طويلة، لكنه قد يساعد في موازنة تخصيب اليورانيوم الإيراني.
أخيرًا، تريد الرياض اتفاقية دفاعية وأمنية مع واشنطن تمكنها من شراء أسلحة أمريكية متطورة، مثل نظام الدفاع الصاروخي الباليستي "ثاد"، وتضمن حماية الولايات المتحدة في حالة وقوع هجوم على الأراضي السعودية.
يعكس هذا العنصر الأخير عدم ثقة المملكة العربية السعودية المستمر في إيران على الرغم من مناقشات التطبيع المستمرة ويمنح الولايات المتحدة وإسرائيل فرصة لدق إسفين في المحادثات التي تتوسط فيها الصين، كما يقول التحليل.
أين يكمن التعقيد إذن؟
تقول كارولين إن هناك عدة عوامل يمكن أن تحد من المدى الذي يمكن أن يقطعه الجانبان نجو التطبيع.
أحد القيود هو القضية الفلسطينية، حيث تقول الكاتبة إن أية خطوة محتملة من جانب إسرائيل – مثل تجميد بناء المستوطنات، أو التعهد بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، أو التلميح بإحياء مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية - ستكون بمثابة تنازل سياسي رئيسي لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبعد أن شرع للتو في إجراءات بحق الجهاز القضائي مثيرة للجدل، أثار احتجاجات على مستوى البلاد ومقاطعات وحتى رد فعل عنيف من وحدات الاحتياط العسكري، يخشى نتنياهو ووزرائه من فعل أي شيء قد يؤدي إلى تأثر قاعدتهم أو قد يفسره النقاد المحليون على أنه ضعف.
وإذا كانت الصفقة تعني تنازلات بشأن القضية الفلسطينية، فقد تضع الحكومة بقاؤها السياسي على الهدف الأوسع للبلاد المتمثل في تحقيق تحالف مناهض لإيران.
الفيل في العربة
قيد آخر - بمثابة الفيل في الغرفة - وهو مناقشات التطبيع السعودية الإيرانية الموازية التي توسطت فيها الصين، حيث ستجد الرياض صعوبة بالغة في موازنة المسارات الدبلوماسية المتزامنة مع منافسين إقليميين.
وترى الكاتبة أنه إذا انجرف أحد المسارين إلى جانب لا تشعر إيران أو إسرائيل بالارتياح تجاهه - على سبيل المثال، اتفاقية تعاون عسكري - فقد يؤدي ذلك إلى عرقلة كلا المناقشات.
لكن السعودية تؤكد أن الحوارات الموازية تعكس أجندة سياستها الخارجية المتنوعة، لكن التعقيد قد يبطئ وتيرة التقدم أو حتى يأتي بنتائج عكسية.