ردّ إيران في قلب الكيان المحتل
أوفت إيران بوعدها، وتلقت إسرائيل الردّ بمؤازرة عربية بريطانية أميركية. فجر أمس، أعلنت القوة الجوفضائية، التابعة لحرس الثورة في إيران، استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة بعشرات الصواريخ والمسيّرات، رداً على عدوان الكيان الصهيوني ضد القنصلية الإيرانية في دمشق.
Table of Contents (Show / Hide)
وأكد البيان الصادر عن قيادة حرس الثورة أنّ العملية التي تحمل اسم “الوعد الصادق” تأتي “في إطار معاقبة النظام الصهيوني على جرائمه”، بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد القادة العسكريين والمستشارين الإيرانيين.
بدورها، أكدت الخارجية الإيرانية أنّ القوات المسلحة الإيرانية قامت بهجمات عسكرية على قواعد عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من حقها المشروع في الدفاع عن نفسها وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وقالت إنّ الهجوم جاء رداً على الاعتداءات المتكررة للكيان الصهيوني واستهداف المستشارين العسكريين الإيرانيين المدعويين من قبل الحكومة السورية، ولاسيما الهجوم الأخير على الأماكن الدبلوماسية الإيرانية في دمشق.
واستطردت بأنّ اعتماد إيران على الإجراءات الدفاعية لأعمال حقها في الدفاع المشروع يعكس نهجها المسؤول تجاه حفظ السلام والأمن الإقليمي والدولي، في حين يواصل الكيان الصهيوني جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، إضافةً إلى مواصلته اعتداءاته العسكرية المتكررة على دول الجوار وإشعال المنطقة أكثر.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن 3 موجات من الطائرات المسيّرة انطلقت من إيران نحو “إسرائيل”، وقال الناطق باسم “جيش” الاحتلال إنّ إيران أطلقت عشرات الطائرات المسيّرة، مساء السبت.
وذكرت مصادر إسرائيلية لإذاعة “الجيش” أنّ الهجوم الإيراني على “إسرائيل” سيتضمن صواريخ “كروز” أيضاً، وليس طائرات مسيرّة فقط، وهو ما أكده حرس الثورة في إيران، عبر قوله إنّ “الرد يشمل عشرات المسيّرات والصواريخ”.
وأكد المحلل السياسي في موقع “والاه” الإسرائيلي، باراك رافيد، نقلاً عن مسؤول أمني وصفه بـ “الكبير” في كيان الاحتلال، أنّ الهجوم الإيراني يتضمن مئات من الطائرات الهجومية من دون طيار.
ومنذ اللحظات الأولى لإعلان إيران، تداعى الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لمشاركة المقاطع المصورة من الأراضي المحتلة والتفاعل مع الحدث الذي يحصل للمرة الأولى في تاريخ الصراع الإيراني الصهيوني.
عضو الهيئة القايدية في “لقاء” المعارضة بالجزيرة العربية، الدكتور فؤاد إبراهيم رأى أن ” أهم مافي عملية ليلة البارحة أنها أسست لمرحلة جديدة، وأن ماكان يتوهمه الكيان والغرب معه بأنه خط أحمر قد غدا أخضرًا، والسن بالسن بات هو القاعدة وقد يكسرها المعتدى عليه..العالم ليس كما يتخيله الزنيم”
أما رئيس مركز وموقع “هنا عدن”، أنيس المنصور، كتب “سجلوا عندكم..الإعلام العالمي وصناع القرار ومراكز البحث لن يتحدثوا عن هجوم إيران من باب كيف ان الدفاعات والقواعد الامريكية ودول الطوق حالت دون وصول 100 مسيرة إلى اهدافها. ابدا هذاا هتمام سطحي بل سيذهبون إلى ماهو ابعد من هذا : ماذا لو ان إيران اطلقت الف أو الفي مسيرة دفعة واحدة اي دروع صاروخية ستمنعها؟! إيران استعرضت بالفعل والعروض والمناورات العسكرية واحدة من استراتيجية الردع . ارادت إيران أن تقول للعالم : أنا ملكة السلاح الجديد الاقل كلفة وحجما والأقوى فاعلية وتأثيرا”
وتداعى الكاتب والمدافع الحقوقي عادل السعيد لتبيان موقفه من الادعاءات العربية والغربية بأن العملية الإيرانية مسرحية متفق عليها بتفنيد أسباب هذا السلوك قائلا ” 1-لكي تستمر إيران هي عدوة العرب الأولى، التي تتآمر مع إسرائيل ضدنا (العدوة الكيوت). 2-لأن الاعتراف به وبحجمه سيضع أنظمة التطبيع في موقف محرج أمام شعوبها، خاصة أنها تقف مع العدو. 3-لأن الاعتراف به وبجرأته، سيرفع من أسهم محور المقاومة وسيدفع الجمهور للضغط عليها.”
وردّ السعيد على السعودي عبدالله النفيسي، الأخير الذي أعرب عن استيائه من الهجوم الإيراني باعتباره يصرف النظر عن غزة وينقذ حكومة نتنياهو من السقوط فقال السعيد ” فعلا، الحب يعمي والبغض يعمي. ضربة إيران استراتيجية فاقت المتوقع، وسيكون لها التأثير على هذه الحرب ومستقبلها، لكن النفيسي لا يستطيع أن ينظر خارج منظار العداء لإيران.”
الباحث علي حسن مراد ذكر في منشور له على منصة “إكس” بأن ” أنظمة الدفاع الجوي الأميركية والأوروبية، والأهم «العربية»، تعاون الدفاعات الجوية الصهيونية في محاولة إسقاط المسيّرات والصواريخ الإيرانية المتّجهة إلى أهدافها الصهيونية في فلسطين المحتلة! كلاب الحراسة، من الأنظمة العربية، ليست إلا سواتر رملية للكيان!”
الصحافي اللبناني حسن علّيق كتب “هذا تاريخ يُصنع أمامنا، مباشرة على الهواء، ليل ١٣-١٤ / نيسان ٢٠٢٤. ثَبْتٌ أوليّ لوقائع الليلة الطويلة:
⁃لأول مرة تُضرب “إسرائيل” من داخل الأراضي الإيرانية، وإنْ كان هذا الهجوم رداً على تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق. وبما أن الهجوم ردٌ على عدوان إسرائيلي، كانت لدى إيران مشروعية داخلية وخارجية للقيام بهذه الخطوة غير المسبوقة من قبلها. ⁃كانت “إسرائيل” تتجهّز للضربة الإيرانية، ومعها الغرب الجماعي بطائراته ودفاعاته الجوية في الميدان. رغم ذلك، أغرقت إيران الأجواء الإسرائيلية بالمسيّرات والصواريخ، من كريات شمونه شمالاً إلى أم الرشراش (“إيلات”) جنوباً. على مدى أيام، انشغل الصهاينة والغربيون برفع سقف التوقعات بشأن الرد الإيراني، لجعله يبدو ضعيفاً بعد تنفيذه، فإذ بصافرات الانذار تشتعل ٧٢٠ مرة في فلسطين المحتلة، لتضيف سبباً جديداً إلى أسباب تراجع ثقة المجتمع الإسرائيلي بأمنه في فلسطين
⁃هذا الإغراق هدفه من جهة إظهار القدرة، ومن جهة ثانية السماح للصواريخ الإيرانية بالوصول إلى هدفين محددين مسبقاً (قاعدتين عسكريتين، إحداها القاعدة الجوية التي استخدمها جيش الاحتلال للاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق)
⁃رغم الاستنفار الغربي والإسرائيلي والأردني، ومبادرة هذه الدول وغيرها إلى التصدي للهجوم الإيراني دفاعاً عن “إسرائيل”، أصابت صواريخ إيرانية قاعدتين على الأقل لجيش الاحتلال الإسرائيلي. الحرس الثوري الإيراني أعلن أن صواريخه أصابت قاعدة جوية إسرائيلية على الأقل، قبل أن يعترف جيش الاحتلال بذلك. هذه الإصابات تحققت رغم أن إيران لم تكن في مواجهة كيان الاحتلال وحده، بل في مواجهة الغرب مجتمعاً والأنظمة التابعة له. كل أجهزة الاستخبارات ومنظومات الرصد والإنذار والتصدي التي بناها الغرب على مدى عقود وُضعت في الميدان في هذه الليلة، دفاعاً عن “إسرائيل”
⁃لم تستخدم إيران أفضل ما لديها من المسيّرات، بل ربما تكون هذه الجولة قد اقتصرت على أبطأ المسيّرات الإيرانية. كأن إيران تقول “هذا ما يمكنني فعله بأقل من مئتي مسيّرة من هذا النوع، وأنا مستعدة لاستخدام الأكثر تطوراً في حال تم الاعتداء على الأراضي الإيرانية، فلا تتمادوا”
⁃الردع الإسرائيلي في أسوأ حالاته. ولن يرممه رد عسكري إسرائيلي على إيران، داخل الحدود الإيرانية. فأي رد إسرائيلي قاسٍ على الداخل الإيراني سيستدعي رداً إيرانياً أقسى من الذي شهدته فلسطين المحتلة اليوم، كماً ونوعاً. ثمة ما انكسر ولا يمكن جبره سوى بهزيمة تامة لأعداء “إسرائيل”، وهو ما ليس بمتناول يد محور الإبادة
⁃بعد السابع من أكتوبر، قالت “إسرائيل” إنها متجهة إلى تغيير “الشرق الأوسط”. العدوان على القنصلية الإيرانية في دمشق كان في هذا السياق، نقلة نوعية تتجاوز كل الخطوط الحمراء. لكن الرد الإيراني على الداخل المحتل أحبط الهدف الإسرائيلي. صارت “إسرائيل” مضطرة إلى التراجع عما حاولت فرضه بقصف القنصلية
⁃أظهرت وقائع الليلة الماضية، كما طوفان الأقصى، هشاشة الواقع الإسرائيلي، وحاجة الكيان الحيوية للحماية الغربية، ولو للتصدي لأقل من ٤٠٠ مسيرة وصاروخ، رغم التباهي الإسرائيلي والأميركي بطبقات الدفاع الجوي في كيان الاحتلال. في مواجهة محدودة كالتي وقعت الليلة الماضية، كانت “إسرائيل” بحاجة إلى جيوش الغرب وعرب التطبيع، للدفاع عن نفسها، رغم أن كل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي كانت في الأجواء للتصدي للصواريخ الإيرانية، كما لحمايتها من الضرر الذي قد يلحق بالقواعد الجوية في كيان الاحتلال
⁃بعد الرد الإيراني، ابتلع بنيامين نتنياهو الموسى. الرجل بنى مسيرته السياسية كاملة على قاعدة مواجهة الخطر الإيراني. وعندما أتت إيران لتوجه ضربة تاريخية للكيان (وصْف “تاريخية” صدر من “إسرائيل” نفسها)، كان يجب عليه أن يرد بقسوة على إيران، داخل حدودها، بلا تردّد. لكنه وجد نفسه أمام معضلة أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” تدركان تماماً أن أي استهداف للأراضي الإيرانية سيُقابَل برد أقسى مما شاهدناه الليلة الماضية. وبالتالي، بات من الصعب توقّع القرار الأميركي الذي سيصدر في الساعات المقبلة بشأن السماح لـ”إسرائيل” بالاعتداء على الأراضي الإيرانية او عدمه، علماً بأن ما تسرّب في الساعات الأخيرة يوحي بأن بايدن لا يحبّذ رداً إسرائيلياً، خشية ردود إيرانية وجولة من الردود المتبادلة التي قد تشعل كامل الإقليم. (الرد على القنصلية جعل إيران ترد بهذه الطريقة، فكيف سيكون الرد على أي هجوم على الداخل الإيراني؟)
⁃مسألة أخيرة: الرد الإيراني سيساهم في تدعيم موقف المقاومة الفلسطينية في غزة في المفاوضات التي تخوضها لتحقيق وقف لإطلاق النار. فالهجوم الإيراني يفاقم من التوتر الإقليمي الذي تسعى واشنطن إلى ضبطه منذ السابع من أكتوبر الماضي.” لمتابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي
المصدر: مرآة الجزيرة