هل تؤدي محاكمات ترامب إلى “تدمير” الانتقال السلمي للسلطة في أمريكا.. مؤامرات لتزوير الانتخابات
كان هناك اعتقاد بـ"الاستثنائية الأمريكية"، وأنَّ النظام السياسي الأمريكي فريد من نوعه ويعكس ديمقراطية راسخة، فهل تكون ملاحقة دونالد ترامب قضائياً بداية النهاية لهذا التصور؟
Table of Contents (Show / Hide)
تناولت مجلة Foreign Affairs الأمريكية هذا السؤال في تحليل عنوانه "الحرب السياسية تصل إلى الوطن"، يرصد التأثير الدائم لما تشهده أروقة السياسة في واشنطن منذ انتخابات 2020، التي خسرها الرئيس السابق ترامب لصالح الرئيس الحالي جو بايدن، ومحاولات الأول الفاشلة لتغيير النتائج أو تزييفها.
الآن يواجه ترامب 4 لوائح اتهام، تشمل 91 تهمة جنائية في أربع ولايات قضائية. لكنَّ لائحتي الاتهام الأخيرتين هما اللتان تتعلَّقان بمحاولته سرقة انتخابات 2020، وبالتالي مهاجمة قلب الديمقراطية الأمريكية.
وعلى الرغم من أن السياسة الأمريكية طالما اتسمت بالخشونة والقسوة، فإنها لم تكن قد تضمَّنت حتى الآن مؤامرة مُوجَّهة من البيت الأبيض لإلغاء نتائج انتخابات رئاسية. ومثلما توضح أحدث لائحتي اتهام بحق ترامب، فإنَّ أمراً مختلفاً تماماً ونوعياً قد حدث عقب خسارته انتخابات عام 2020.
الجدل الانتخابي ليس غريباً على أمريكا
يعج تاريخ العالم بأمثلة للحكام الذين رفضوا التخلي عن السلطة حين فقدوا تفويض الشعب، لكنَّ الكثير من الأمريكيين والمعجبين الأجانب بالولايات المتحدة كانوا يفترضون أنَّ البلاد مُحصَّنة نوعاً ما من المشكلة التي ربطها كثيرون بالعالم النامي. ونبع هذا الاعتقاد من إيمان طويل بـ"الاستثنائية الأمريكية"، أي فكرة أنَّ النظام السياسي الأمريكي فريد ونموذج للجميع كي يتبعوه.
لكن بعد خسارة ترامب الانتخابية في 2020، اختار الرئيس السابق اختبار المعيار الديمقراطي للانتقال السلمي. والآن ستختبر لوائح الاتهام تلك والمحاكمات التي يُرجَّح أن تتلوها المحاسبة الرئاسية كما لم تُختَبَر من قبل.
إلا أن المتابع للتاريخ الأمريكي يدرك أن انتخابات 2020 لم تكن الانتقال الرئاسي الأول المشوب بالتوتر في الولايات المتحدة. ففي مارس/آذار 1861، حين كانت 7 ولايات قد انفصلت بالفعل، أمرت إدارة الرئيس المنصرف جيمس بوكانان الجيش الأمريكي بتسيير دوريات في عاصمة البلاد، لمنع الانفصاليين من قتل أبراهام لينكولن، الرئيس المنتخب آنذاك. لكن لربما حدث انتقال السلطة الأكثر إثارة للجدل بعد 15 عاماً، وكان في هذه المرة نتيجة للسلام المضطرب الذي أعقب الحرب الأهلية.
إذ وضعت انتخابات عام 1876 صمويل تيلدن، الديمقراطي، في مواجهة رذرفورد هايز، الجمهوري. وتدخَّل المرشحان الديمقراطي والجمهوري في فرز الأصوات. واستخدمت النخب الديمقراطية في ولايات فلوريدا ولويزيانا وساوث كارولينا الترهيب لمنع الناخبين السود، الذين كانوا قد حصلوا على حق الاقتراع حديثاً من الإدلاء بأصواتهم.
ورداً على جهود المؤمنين بتفوق العرق الأبيض في تلك الولايات، والتي كانت كلها لا تزال خاضعة لاحتلال الجيش الأمريكي، استبعد المسؤولون الجمهوريون بالولايات أصواتاً ديمقراطية شرعية. ووسط هذه الاضطرابات، أرسلت 4 ولايات قوائم متنافسة لمندوبي المجمع الانتخابي إلى الكونغرس الأمريكي.
أُصيب الكونغرس بالشلل، فأصدر "قانون مفوضية الانتخابات" لعام 1877، والذي أسس لجنة لتسوية الأمور. وظلَّ الفائز الحقيقي بالانتخابات محل خلاف حتى ما قبل التنصيب بأيام، حين تعهَّد حلفاء هايز بأنَّه في مقابل قبول دخول الجمهوريين إلى البيت الأبيض، سيجري تعويض الديمقراطيين بانسحاب القوات الأمريكية من الجنوب، الأمر الذي أدَّى عملياً إلى ترك المُستعبَدين السابقين تحت رحمة مُستعبِديهم السابقين لفترة 90 سنة أخرى.
وبعد ما يقرب من 125 عاماً من الانتقالات السلسة نسبياً للسلطة، جاءت انتخابات عام 2000، التي ظلَّت مُعلَّقة لأسابيع بسبب تقارب الأصوات في فلوريدا. استمر التعليق حتى شهر قبل أداء الرئيس جورج بوش الابن اليمين الدستورية. وعلى الرغم من أنَّ قرار المحكمة العليا بالتدخُّل لمنع استمرار عمليات إعادة الفرز في فلوريدا كان مثار جدل وتعرَّض لانتقادات واسعة النطاق، قَبِلَ الخاسر، نائب الرئيس آل غور، والذي كان قد فاز في التصويت الشعبي، بالنتيجة، وانفضَّ أنصاره دون وقوع حوادث.
ورفض عدد من الرؤساء الأمريكيين حضور مراسم أداء اليمين الدستورية لخلفائهم. إذ رفض كلٌّ من جون آدامز، وجون كوينسي آدامز، وأندرو جونسون الحضور أساساً لأنَّ أولئك الرؤساء الذين حكموا لفترة رئاسية واحدة كانوا يبغضون الرجال الذين هزموهم بصفة شخصية، لكن لم يحاول أي رئيس في تاريخ الولايات المتحدة منع انتقال السلطة بعد فرز الأصوات، حتى جاء ترامب.
بدا، بالنسبة لكثيرين، أنَّ هذا التاريخ الطويل يُميِّز الولايات المتحدة عن البلدان الأخرى، فكانت الولايات المتحدة أول بلد في العصر الحديث يحظى برئيس منتخب للدولة، بالرغم من أنَّ الرئيس يُختَار من جانب مجموعة من مندوبي المجمع الانتخابي من كل ولاية وليس من الشعب مباشرةً.
وطوال فترة الأربعين عاماً الأولى تقريباً من الرئاسة الأمريكية، كانت معظم المجالس التشريعية في الولايات تختار أعضاءها في المجمع الانتخابي الرئاسي، لكن بعد عام 1877، أصبح من الشائع اختيارهم حصرياً عن طريق الاقتراع الشعبي للرئيس في كل ولاية.
ماذا فعل ترامب لتزوير الانتخابات لصالحه؟
في 1 أغسطس/آب، وجَّهت هيئة محلفين فيدرالية كبرى لترامب لائحة اتهام بأربع تهم، بما في ذلك التآمر للتحايل على الولايات المتحدة والتآمر لعرقلة إجراء رسمي. تُفصِّل لائحة الاتهام التي جاءت في 45 صفحة كيف حاول ترامب والمتآمرون المزعومون معه إلغاء نتائج الانتخابات في الأشهر السابقة على يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، يوم الاعتداء على مبنى الكونغرس الأمريكي.
وتضمَّن جزء من المؤامرة المُوثَّقة في لائحة الاتهام حملة ضغط على مسؤولي الانتخابات بالولايات لتغيير النتائج في ولاياتهم. وأصبحت جهود ترامب في ولاية جورجيا الأساس للائحة اتهام جديدة من هيئة محلفين كبرى في مدينة أتلانتا، حيث يواجه ترامب 13 تهمة جنائية. تتهم لائحة الاتهام الشاملة هذه 18 متهماً آخرين، بينهم رودولف جولياني، عمدة نيويورك السابق الذي انضم إلى فريق ترامب القانوني، ومارك ميدوز، عضو الكونغرس السابق عن الحزب الجمهوري والذي عمل رئيساً لموظفي البيت الأبيض في إدارة ترامب.
وتمثل لائحة الاتهام المتعلقة بالانتخابات، والتي قدَّمتها وزارة العدل الأمريكية في مطلع أغسطس/آب، أول مرة تتهم فيها الحكومة الفيدرالية رئيساً سابقاً بأفعال ارتكبها خلال رئاسته، لكنَّ الأهمية الحقيقية للقضية ولائحة الاتهام الجديدة في جورجيا تكمن في طبيعة الجرائم المزعومة.
ترسم لائحة الاتهام المزعومة الصورة الكبيرة لنهج فريق ترامب متعدد الجوانب لإلغاء نتائج الانتخابات، فبعد أيام من الانتخابات أوضح فريق حملة ترامب الانتخابية للرئيس أنَّه سيخسر الانتخابات في حال خسارة ولايات أريزونا أو جورجيا أو ويسكونسن، التي لم يكن قد تم التصديق على أصواتها بعد. وبعد ذلك بأسبوع، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، أقرَّ محامو ترامب في المحكمة بأنَّه قد خسر التصويت الشعبي في أريزونا. وأدرك أعضاء حملة ترامب أنَّ الرئيس لم يُنتَخَب، لكن بدلاً من قبول الحقيقة المرة بخسارته، اختار ترامب البدء في التواطؤ مع جولياني وآخرين من أجل المقاومة وقلب نتيجة الانتخابات لصالحه.
كانت نقطة الهجوم الأولى هي أريزونا، حيث قيل إنَّ ترامب وجولياني اتصلا برئيس مجلس نواب أريزونا الجمهوري، راسل باورز، كي يُصِرَّ على تراجع حكومة أريزونا عن قرارها بأنَّ بايدن قد فاز، اعتماداً على مزاعم بحدوث غش. وحين طالب باورز لاحقاً جولياني بأن يشاركه تلك الحقائق الواضحة، ردَّ جولياني بالقول: "ليست لدينا أدلة، لكن لدينا الكثير من النظريات".
ويقول المدعون إنَّه حين حاولت أريزونا إغلاق الباب أمام المتآمرين، بدأ هؤلاء في التركيز على ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا، وضغط ترامب على بعض المشرعين الجمهوريين الرئيسيين في تلك الولايات.
وفي جورجيا، لم يضغط ترامب فقط على مسؤولي الولاية، بل هدَّد أحدهم على أقل تقدير، وتم ضبطه وهو يفعل ذلك في تسجيل صوتي. ففي 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، اتصل ترامب بكريس كار، المدعي العام في جورجيا، لدفعه للتوقيع على دعوى قضائية تزعم حدوث غش في ولايات عدة بهدف إلغاء الانتخابات من خلال المحكمة الأمريكية العليا.
رفض كار طلب الرئيس، وأوضح أنَّه لا توجد أدلة شرعية على حدوث غش في عملية الفرز في جورجيا. وفي يوم 2 يناير/كانون الثاني، أجرى ترامب مكالمته سيئة السمعة مع براد رافنسبيرغر، سكرتير ولاية جورجيا، وطلب منه تغيير أرقام التصويت الشعبي في جورجيا. وحين رفض رافنسبيرغر، هدده ترامب، قائلاً إنَّه ينتهك القانون بعدم إبلاغه عن الغش المزعوم. وقال ترامب: "لا يمكنك أن تسمح بحدوث ذلك، هذه مخاطرة كبيرة من جانبك أنت ومحاميك، ريان جيرماني". ستصبح هذه المكالمة، التي سُجِّلَت، الأساس لاتهام ولاية جورجيا لكلٍّ من ترامب وميدوز بتقديم التماس غير قانوني لرافنسبيرغر "من أجل الانخراط في سلوك يُمثِّل جريمة جنائية تنتهك القسم الذي أدلى به موظف عام".
ومع فشل جهود الإلحاح على مسؤولي الولايات وتهديدهم، فتحت المؤامرة جبهة جديدة. ففي مطلع ديسمبر/كانون الأول، كشف ترامب وأقرب حلفائه نهجاً جديداً يعكس فهماً ملتبساً للطريقة التي فاز بها هايز في نهاية المطاف بالانتخابات المحتدمة عام 1876.
ووجد ترامب وجولياني حلفاء في الكونغرس، بينهم السيناتور الجمهوري تيد كروز، للمساعدة في اختراع والترويج لجدل زائف حول شرعية مندوبي بايدن في المجمع الانتخابي من 7 ولايات: أريزونا، وجورجيا، وميشيغان، ونيفادا، ونيومكسيكو، وبنسلفانيا، وويسكونسن. وجرت الاستعانة بأفراد للتظاهر بأنَّهم مندوبين في المجمع الانتخابي في تلك الولايات، بالرغم من أنَّ تلك الولايات كانت قد اختارت بالفعل مندوبين شرعيين في المجمع الانتخابي.
وتلقّى مندوبو ترامب الزائفون أوامر للتصويت لصالحه، في 14 ديسمبر/كانون الأول، وهو اليوم الذي كان سيُدلي فيه كل المندوبين الشرعيين بأصواتهم لاختيار الرئيس. كان الهدف النهائي لترامب وفريقه وحلفائه الجمهوريين في الكونغرس هو خلق وضع يعجز فيه الكونغرس عن تحديد أي قوائم المندوبين صحيحة. ومن شأن هذه الأزمة أن تؤدي إلى اضطرار الكونغرس لوقف التصديق على الانتخابات، في 6 يناير/كانون الثاني، مثلما حدث بعد انتخابات 1876. ويمكن للكونغرس حينها إنشاء لجنة انتخابية لإيجاد طريقة للخروج من الفوضى، بما يؤدي على نحوٍ ما إلى بقاء ترامب في منصبه.
ولكي ينجح مخطط المندوبين، كانت المؤامرة لا تزال بحاجة إلى بعض الشرعية للاتهامات التي يطلقها ترامب بشأن حدوث غش. وبما أنَّه لا توجد محكمة أمريكية قد تُصدِّق على أنَّه قد وقع غش، بحث المتآمرون عن مصدر شرعية آخر. فبعد أن أدلي المندوبون الزائفون بأصواتهم الزائفة، في 14 ديسمبر/كانون الأول، حاول ترامب دفع وزارة العدل في إدارته للعثور على دلائل وقوع غش في الانتخابات الرئاسية في هذه الولايات السبع.
لكنَّ قادة كباراً في وزارة العدل لم يوقّعوا على قرار يفيد بوقوع غش انتخابي. فنُقِلَ عن ترامب قوله مراراً لجيفري روزن، القائم بأعمال وزير العدل الأمريكي: "قل فقط إنَّ الانتخابات كانت فاسدة، ودع الباقي لي ولأعضاء الكونغرس الجمهوريين". وعندما لم يتحرك روزن ونائبه، هدد ترامب الرجلين بالإقالة. وكان روزن على الأرجح سيُقال، لولا أنَّ ترامب تلقّى تحذيرات من أنَّ وزارة العدل ستشهد فوضى من الاستقالات في حال أجبر ترامب روزن على ترك منصبه.
وبعدما لاقى ترامب عصياناً في وزارة العدل، ركَّز على نائبه بنس، كانت الفكرة هي أن يُبعِد بنس مندوبي بايدن من الولايات السبع ويقبل بالمندوبين الزائفين، أو على الأقل يعيد المسألة إلى الولايات. شعر ترامب في 1 يناير/كانون الثاني بالإحباط بسبب تردد بنس في المشاركة في مؤامرة المندوبين الزائفين، وانفجر فيه قائلاً: "أنت أمين أكثر من اللازم".
وفي صباح 6 يناير/كانون الثاني، كان ترامب لا يزال يأمل أن تنهار معارضة بنس لارتكاب الغش تحت وقع الضغوط، لكن حين حاول مندوبو الرئيس تسليم أوراق اقتراعهم الزائفة في المجمع الانتخابي لبنس، رفض فريق نائب الرئيس قبولها. فاتصل ترامب ببنس مباشرةً قبل خروجه لإلقاء خطابه المشؤوم في منتزه "ذا إيلابس" قرب البيت الأبيض، محاولاً إقناعه بتغيير رأيه. وفي وقتٍ لاحق من ذلك الصباح، قال ترامب للحشد المتجمِّع في المنتزه: "إذا فعل مايك بنس الصواب، سنفوز بالانتخابات". وبعد الظهيرة، حين اقتحم مثيرو الشغب مبنى الكونغرس، غرَّد ترامب قائلاً: "لم يملك مايك بنس الشجاعة لفعل ما كان يجب فعله لحماية بلدنا ودستورنا".
ما تأثير ذلك على الانتقال السلمي للسلطة؟
رغم وقوع الاقتحام وسقوط 7 قتلى على الأقل، واصل ترامب وجولياني جهودهما لمنع فرز أصوات المندوبين حتى نهاية ذلك اليوم. ونظراً لأنَّ بنس لم يعد خيراً لهما، حاولا الاتصال بأعضاء جمهوريين أصدقاء لترامب في مجلس الشيوخ، لكن لم يُعاوِد هؤلاء الاتصال بترامب، وانهارت المؤامرة.
ما قام به ترامب والمتآمرون معه لم يكن أقل من كونه شكلاً من أشكال الحرب السياسية، المرتبطة عادةً بالعمليات السرية. وقد اعتمد الرؤساء الأمريكيون منذ الحرب العالمية الثانية على هذه الأساليب للتلاعب ببعض الانتخابات الديمقراطية بالخارج، مثلما فعل هاري ترومان في إيطاليا عام 1948 على سبيل المثال، وكما فعل جون كينيدي وليندون جونسون قبل انتخابات 1964 في غويانا البريطانية وتشيلي.
لكن للمرة الأولى حاول رئيس أمريكي إلغاء انتخابات في الداخل. وفي محاولة للتلاعب بنتيجة انتخابات 2020، ذهب ترامب أبعد حتى من ريتشارد نيكسون، الذي يمكن القول إنَّه أكثر رئيس أمريكي مصاب بجنون العظمة، والذي عمل حلفاؤه على تغيير ما اعتبروه انتخابات مسروقة عام 1960. ولكي يثبت حلفاء نيكسون أنَّ حملة كينيدي الانتخابية شاركت في عمليات تزوير كافية للفوز في الانتخابات المتقاربة، فإنَّهم شككوا في النتائج في 11 ولاية. وكان تركيز "لجنة إعادة الفرز" في شيكاغو منصباً على مقاطعة كوك كاونتي، معقل العمدة ريتشارد دالي، وهو ديمقراطي كان يُعتَقَد أنَّه قدَّم أصوات مندوبي الولاية البالغ عددهم 27 في المجمع الانتخابي لكينيدي.
لم تجد عملية إعادة الفرز في شيكاغو أي تزوير، ولو أنَّها بالفعل أضافت 943 صوتاً إضافياً لنيكسون. لكنَّ هذه الأصوات لم تكن كافية لقلب صدارة كينيدي البالغة 4500 صوت. قدَّم حلفاء نيكسون بعد ذلك عريضة لمجلس الانتخابات الذي يهيمن عليه الجمهوريون في ولاية إلينوي من أجل قبول قائمة بديلة من المندوبين الداعمين لنيكسون. وحين رفض المجلس التصديق على هؤلاء المندوبين، توقفت المحاولات.
لم تفشل مخططات ترامب المتتالية للبقاء في المنصب لأنَّ الرئيس فقد الشجاعة أو غيَّر رأيه. بل فشلت لأنَّ المسؤولين الفيدراليين ومسؤولي الولايات خارج المؤامرة أوقفوا هذه المخططات. لقد استندت لائحتا الاتهام الصادرتان هذا الشهر، إحداهما فيدرالية والأخرى على مستوى الولاية، إلى شجاعة أفراد مثل باورز وكار ورافنسبيرغر وحاكم ولاية جورجيا، بريان كيمب، من أجل دعم ركائز الديمقراطية الأمريكية التي كانت هشَّة على نحوٍ مفاجئ.
المصدر: العربي الجديد