تهديد بالسجن والخوف من ضياع الجنسية.. كيف ترهب الحكومات الغربية “عرب أوروبا” لمنعهم من التضامن مع غزة؟
"نعيش في بلد يزعم الديمقراطية لكن في أول امتحان تحول لدولة ديكتاتورية تمنعنا من التعبير عن آرائنا"، هكذا تحدثت مريم متوكل مواطنة مغربية مقيمة في مدينة هامبورغ الألمانية، بعدما مُنعت من التضامن مع المدنيين في غزة المحاصرة.
Table of Contents (Show / Hide)
تقول مريم البالغة من العمر 34 عاماً، لـ"عربي بوست": "أعيش في ألمانيا منذ 14 عاماً، درست هنا وتزوجت وأنجبت، وكنت أعتقد أنني أعيش في بلد ديمقراطي، لكن صُدمت بالقرار الذي أعلنت عنه الحكومة".
وليست مريم القاطنة في ألمانيا وحدها، بل تعرض عدد من المواطنين العرب في دول أوروبية لمضايقات بسبب تضامنهم مع المدنيين في غزة، وتنديدهم بالغزو الإسرائيلي للقطاع.
ألمانيا.. ممنوع دعم حماس
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأت ألمانيا التضييق على المواطنين سواء الألمان أو العرب المقيمين، وهددتهم بالطرد من البلاد في حالة التنديد بالجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين.
وأعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، تأييدها طرد داعمي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من ألمانيا، وأيد زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي هذا الموقف، مطالباً مسلمي البلاد بإدانة الحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
تقول مريم متوكل لـ"عربي بوست": "كنت مشرفة على مجموعة في واتساب، أنا ومجموعة من الإخوة العرب المقيمين بمدينة هامبورغ، للتنسيق بخصوص وقفات احتجاجية، لكن الخوف دفع عدداً كبيراً منهم لمغادرة المجموعة".
وأضافت المتحدثة: "الناس أصبحت تخاف هنا، هناك من عاش العذاب وهو ينتظر الجنسية الألمانية وسيُحرم منها بسبب إشادته بدور المقاومة الإسلامية في غزة، إنهم يقولونها علناً: سيحرمونكم من الجواز الألماني".
وكان رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم لارس كلينجبايل، قد قال: "إننا حالياً بصدد إصلاح قانون الجنسية: التجنيس هو التزام تجاه بلدنا. من لا يشاركنا قيمنا، من يدعم معاداة السامية والإرهاب، سيتم حرمانه من جواز السفر الألماني".
هذه التهديدات لم تكن شفوية فقط، بل إن السلطات الألمانية منعت أكثر من وقفة احتجاجية كان من المنتظر أن تُنظم أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة برلين، حسب ما أكدته متحدثة "عربي بوست".
قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، إن قانوناً قيد الدراسة في البرلمان الألماني سيعني أن من ارتكبوا أفعالاً معادية للسامية لن يتمكنوا أبداً من الحصول على الجنسية الألمانية.
فرنسا.. السجن في الانتظار
في فرنسا أيضاً، هدد وزير العدل الفرنسي إريك دوبوند موريتي، كل من يتعاطف مع ما تتعرض له غزة من عدوان إسرائيلي أو مع المقاومة الفلسطينية أو يعلن مساندتها علناً، بـ"السجن 7 سنوات".
من جهته قرر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، حظر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء البلاد، ورغم ذلك خرجت مسيرات في باريس وعدد من مدن الأخرى.
مقابل ذلك سمحت السلطات الفرنسية بمسيرات كبيرة قرب برج إيفل مساندة للاحتلال الإسرائيلي، وأضاءت البرج بألوان العلم الإسرائيلي، رغم أن تبرير وزير الداخلية بخصوص التضامن مع فلسطين هو: "الحفاظ على الأمن العام".
منير عرابي، مواطن فرنسي من أصول جزائرية، تحدث لـ"عربي بوست" قائلاً: "تصريح وزير العدل كان مخيفاً صراحة، لا أحد يُريد أن يُسجن، لهذه الأسباب لم تر تحركات للعرب والجالية المسلمة بفرنسا في الأيام الأولى للحرب".
وأضاف المتحدث: "في الأول كنا متخوفين من رد فعل السلطات، لكننا كنا ننسق لتنظيم تظاهرات رغم المنع، كانت مسيرات كبيرة وسلمية، لم يحصل فيها أي تهديد للأمن العام لفرنسا، عكس ما ادعاه وزير الداخلية".
في الأيام الأولى من التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني، سُمح بالمظاهرات المؤيدة لإسرائيل في مدينتي باريس وستراسبورغ الفرنسيتين، في حين تم حظر مظاهرات التضامن مع فلسطين بشكل متكرر من قبل السلطات المحلية في باريس وستراسبورغ وليون ومرسيليا بزعم أنها تشكل "خطر الإخلال بالنظام العام".
وردد المحتجون هتافات بينها "إسرائيل قاتلة" و"ماكرون متواطئ"، في إشارة إلى تصريحات الرئيس الفرنسي الداعمة للهجوم الإسرائيلي الواسع النطاق على غزة إثر عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها المقاومة الفلسطينية السبت الماضي.
وواجهت الشرطة في فرنسا بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه مظاهرات حظرتها الحكومة لدعم الشعب الفلسطيني في باريس، فيما حث الرئيس ماكرون مواطنيه على البقاء متَّحدين والامتناع عن جلب الصراع بين حماس وإسرائيل إلى عقر دارهم.
اعتقالات في لندن
ورغم أن ألمانيا وفرنسا كان لهما نصيب الأسد من التضييق على حرية التضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته، فإن لندن عاصمة بريطانيا، عرفت بدورها تشدداً مع من يُندد بالأعمال التي تقوم بها إسرائيل في غزة.
وأعلنت شرطة لندن في بيان لها عقب التظاهرة المؤيدة للفلسطينيين، اعتقال 15 شخصاً، حيث تجمع عشرات الآلاف أمام مقر هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"؛ للاحتجاج على موقف الحكومة البريطانية الصامت تجاه حقوق الفلسطينيين.