لماذا قتل العدو أسراه في الشجاعية؟
ما حصل يدل دلالة واضحة على مدى الرعب والارتباك الذي يعيشه جنود العدو في القطاع ولا سيما في الحي الأكثر رعبا: حي الشجاعية.
Table of Contents (Show / Hide)
اعترف جيش العدو أنه قتل ثلاثة من الأسرى الصهاينة يوم الجمعة في حي الشجاعية في قطاع غزة.
في التفاصيل، فقد خرج ثلاثة أشخاص من أحد البنايات في حي الشجاعية، وكانوا عاري الصدور يرفعون أيديهم للأعلى ويلوحون بخرقة بيضاء ويصرخون بالعبرية: النجدة النجدة.
كان المشهد في وضح النهار، لكن جنديا اعتبر أن الثلاثة يشكلون تهديدا، وصاح برفاقه "إرهابيون" وبدأ بإطلاق النار تجاههم. فقتل اثنان على الفور وفر الثالث مصابا إلى داخل المبنى الذي خرج منه ورفاقه مرة أخرى.
توقف إطلاق النار، وبدأ الأسير المصاب بالصراخ من داخل مخبئه "أنقذوني.. أنقذوني" باللغة العبرية.
ما إن سمع صراخ الثالث حتى أعطى القائد العسكري وهو برتبة رائد الأوامر بوقف إطلاق النار، خرج الأسير الجريح مطمئناً من المبنى، فعاجله جندي بإطلاق النار عليه وأرداه قتيلا مخالفا بذلك أوامر القائد الميداني.
بعد قتل الثلاثة كانت الشكوك تراود جنود العدو بشأن هوية القتلى، ليتبين أنهم أسرى لدى المقاومة.
الحادثة نزلت كالصاعقة على الجميع؛ نتنياهو ومجلس حربه وجيشه وعلى عائلات ذوي القتلى وعلى عائلات ذوي الأسرى، ورغم تهويل المسؤولين الصهاينة للحادثة معتبرين أن هذه أخطاء تقع في الحروب، شنت وسائل إعلام هجوما حادا، واعتبرت أن ما جرى جريمة وليس خطأ، فيما قال والد أحد القتلى إن ما جرى هو إعدام وليس خطأ.
لنعد إلى أصل القصة، وهي بالمناسبة رواية العدو، فإن ما حصل يدل دلالة واضحة على مدى الرعب والارتباك الذي يعيشه جنود العدو في القطاع ولا سيما في الحي الأكثر رعبا: حي الشجاعية.
ومع ذلك فإن ما حدث له دلالات أخرى هي أكبر وأعظم؛ فلكم أن تتخيلوا لو أن العدو تصرف بحكمة وقيّم الوضع بشكل صحيح وأنهم أسرى فعلا؟ تخيلوا كيف كان العدو سيسوق هذا الإنجاز!!
نتنياهو ومجلس حربه يصر على استمرار العدوان ومنطقه أن العملية العسكرية هي التي ستجلب الأسرى وليس وقف إطلاق النار. تخيلوا ذلك الإنجاز العظيم الذي كان سيحققه نتنياهو!! كان سيضرب عدة عصافير بحجر واحد!!
لقد جاءت له ولجيشه فرصة من ذهب تمشي على قدميها، لكنها تحولت إلى كرة لهب قد تحرقه وجيشه ومجلس حربه!! لم يكن الأمر يحتاج سوى إلى بعض الحكمة والشجاعة، وكثير من التوفيق الذي يبدو أنه يعاند العدو، للقبض على هؤلاء الثلاثة والتحقيق معهم، قد يحتاج الأمر إلى إطلاق رصاصة على القدم وشلهم جزئيا للسيطرة عليهم، ليخرج العدو بإنجاز عظيم لم يفعل مثله طيلة سبعين يوما من العدوان!!
تخيلوا لو أن ذلك الجندي التزم بالأوامر ولم يطلق النار على الأسير الثالث، لكان تحقق إنجاز أيضا، لكن حتى هذا الحلم لم يتحقق لنتنياهو وعصابته وتحول لكابوس.
لم يحدث هذا ولا ذاك، ولكأني أتخيل أن أبا عبيدة هو الذي كان يعطي الأوامر وليس العدو لتحصل هذه النتيجة المأساوية التي سقطت على رأس العدو.
تخيلوا مدى الإحراج الذي كانت ستقع فيه المقاومة، ومدى الإحباط الذي كان سيجثم على صدور أنصارها ومحبيها، لكن الله أراد غير ذلك، فهو الذي يريد وهو وحده القادر على فعل ما يريد.
*عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني