ما خيارات الانكليز والأمريكان في البحر الأحمر؟
قال وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس في مقابلة مع صحيفة "تايمز" قال: لا يمكن السماح بأن يصبح البحر الأحمر منطقة محظورة، مضيفا إلى أن بلاده ملتزمة بصد الهجمات هناك لحماية التجارة العالمية.
Table of Contents (Show / Hide)
في الآن ذاته؛ وصف وزير خارجية الانكليز ديفيد كاميرون إيران بأنها "ذات تأثير خبيث كليا في المنطقة والعالم"، متعهدا بتعزيز إجراءات الردع ضد طهران؛ وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة صاندي تلغراف اليوم الاحد للوزير.
تحذيرات كاميرون كانت لافتة إذ جاءت بعد ساعات من توارد الانباء عن انسحاب اسبانيا من التحالف البحري الامريكي - الانكليزي في البحر الاحمر؛ وانضمام ايطاليا وعدد من دول الاتحاد الاوروبي الى مدريد، كما تزامنت لغة التصعيد الانكليزية مع اتهام واشنطن الجمعة لإيران بتورطها في الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر انطلاقا من اليمن، بتوفيرها طائرات مسيّرة وصواريخ ومعلومات استخباراتية للحوثيين، وباستهدافها ناقلة نفط من الاراضي الايرانية، وصولا الى أعالي المحيط الهندي على بعد 200 كم من شواطئ الهند.
حرب الممرات البحرية بعد انسحاب دول اوروبا وامتناع اليابان وكوريا الجنوبية والهند والعرب عن الانضمام إليها اصبحت حربا بصبغة (انجلو سكسونية - امريكية انكليزية) بحتة؛ وهي حرب تمتد من شرق المتوسط عبر حشد قطع بحرية، أبرزها حاملة الطائرات الامريكية (جيرالد فورد) قبالة سواحل فلسطين المحتلة، وعبر دوريات بحرية وطلعات جوية بريطانية أمريكية لمراقبة قطاع غزة وسواحله دعما للكيان الاسرائيلي في إحكام حصاره على قطاع غزة، وتمرير أجندته لتجويع الفلسطينيين وتهجيرهم.
حرب التجويع والمعابر التي يخوضها الانكليز في لندن والامريكان في واشنطن والكيان الاسرائيلي في معبر كرم ابو سالم ورفح ضد الشعب الفلسطيني، أربكها الحوثيون بعد ان نجحت حكومة صنعاء في خلط الاوراق بشكل هدد باتساع نطاق المواجهة العسكرية من شرق المتوسط وقطاع غزة الى البحر الاحمر وشمال المحيط الهندي.
ورغم إمعان لندن وواشنطن في دعم سياسة الحصار والتجويع المتبعة؛ خاضت اميركا معارك دبلوماسية في مجلس الامن، كان آخرها تفريغ قرار مجلس الامن رقم 2722 من مضمونه؛ وإعاقة تشكيل آلية أممية تتجاوز رقابة الكيان المحتل وسيطرته على المعابر البرية والاغاثة الانسانية، الا ان هذه الورقة باتت عبئا اخلاقيا وسياسيا وعسكريا لا يحتمل.
فالرهان على سياسة التجويع والحصار التي تعاظمت بعد فشل الحملة العسكرية الجوية والبرية على قطاع غزة، وبعد فشل الجهود السياسية والدبلوماسية الامريكية لنقل اعباء الاحتلال الى دول الجوار العربي عبر تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوريط وتحميل الدول العربية أعباء الاحتلال الاسرائيلي وأجندته؛ أصبحت سياسة مكشوفة ومكلفة على الحلفاء أميركا و"إسرائيل" والانكليز، اكثر من الحرب ذاتها في قطاع غزة.
فحرب غزة تنبئ بمزيد من التورط الامريكي - الانكليزي (الانجلوسكسوني) في حرب ارتفعت كلفها على الحليفين الاكثر عزلة (انكلترا واميركا)، بعد ان تخلى حلفاؤهم في الاتحاد الاوروبي والناتو عنهم في البحر الاحمر.
وبعد ان نأى الشركاء في حوض البحر الاحمر والمحيط الهندي عن استراتيجيتهم المكلفة؛ وجدت كل من لندن واشنطن نفسها في أتون تصعيد خطير في البحر الاحمر والمحيط الهندي، يضغط على اعصاب البلدين ويدفعهما الى خيارات صعبة.
فإما التورط في صراع اقليمي وبحري مكلف لا نصر فيه، وإما الضغط على الحليف الاسرائيلي لوقف سياسة التجويع، التي لم تنجح المناورات الدبلوماسية في الامم المتحدة ومجلس الامن، او العسكرة في البحر الاحمر والمتوسط، في الدفاع عنها وحمايتها؛ فهي سياسة مكلفة لا تقل خطورة عن الحرب البرية والجوية الدائرة في قطاع غزة وشمال فلسطين.
*حازم عياد كاتب صحفي من الأردن