ويقول كاتب التحليل عاموس هاريل، إن إسرائيل من الممكن أن تواجه حرب استنزاف، إضافة إلى محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتقويض الديمقراطية، مشيراً إلى أن "المأزق الاستراتيجي ليس فقط مع حركة حماس وحزب الله وإنما أيضاً مع الرأي العام الإسرائيلي".
ويشير الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتمد على إنجاز تراكمي وتدريجي بطيء، عبر تفجير المزيد من الآبار والأنفاق، وقتل مسلحين من حماس وتدمير ذخيرتهم القتالية، بهدف القضاء على قدرات حماس العسكرية، ولكن ضمن هذه المعادلة فإن للرأي العام الإسرائيلي أهمية وثقلا، إذ أن بعضهم يتأثر سلباً بتزايد الخسائر الإسرائيلية ويشعر بأن الإنجازات أقل.
من جهة أخرى، يرى الكاتب أن التهديدات الأمنية التي قمعتها إسرائيل لسنوات في الأراضي الفلسطينية وسمحت لغالبية الإسرائيليين بممارسة حياتهم اليومية بإحساس محدود بالمخاطر، تصاعدت بشكل كبير، مما أدى إلى تغيير جذري في الحياة اليومية الإسرائيلية.
ويضيف هاريل: "في هذه المرحلة، ليس من الواضح بعد ما إذا كان من الممكن الخروج من الفخ وكيف. من الممكن أن ينشأ وضع شبه دائم يتم فيه شن حرب استنزاف طويلة الأمد على طول حدودين على الأقل. ولا يزال الخطر قائماً في أن تلتهب الجبهة اللبنانية، الأكثر تهديداً، ونشهد حرباً قد تتسع بمواجهة إيران والجماعات الموالية لها، وأبرزها حزب الله".
وبرزت مجدداً مشكلتا الصراع الفلسطيني والمواجهة مع" حزب الله" إلى مركز الساحة الإقليمية، وشكلت خطوة حماس مصدر إلهام لمنظمات أخرى في المنطقة تأمل في الاتحاد لهزيمة إسرائيل تدريجياً، وفق ما نشرت الصحيفة.
ويلفت هاريل إلى أن الرؤية التي عبر عنها قائد فيلق القدس الإيراني الراحل الجنرال قاسم سليماني، والتي تحدث فيها عن "حلقة النار" التي ستطوق إسرائيل، بدأت تتحقق عبر الجماعات الموالية لإيران، حتى لو كان الخطر الكامن الذي تشكله لا يزال محدوداً.
ويضيف أنه "على الرغم من أن إيران وحزب الله لم يغرقا في الحرب، كما كان يأمل قادة حماس في قطاع غزة في أعقاب الهجوم المفاجئ على إسرائيل، إلا أنهم يشاركون في الجهود ويقيدون أعداداً كبيرة من الجنود الإسرائيليين في الشمال".
وأنفقت إسرائيل مبالغ كبيرة أخرى على معدات جديدة لتعزيز الخدمات اللوجستية، وعلاج الجرحى، ومساعدة العائلات الثكلى، ومساعدة الجبهة الداخلية. كذلك، فإن تكاليف شراء المعدات مرتفعة للغاية، إذ تبلغ أكثر من 20 مليار شيكل (5.5 مليار دولار) في الداخل، و5 مليارات دولار في الخارج، بحسب هاريل.
ويشير الكاتب إلى الصعوبات التي باتت تواجه إسرائيل في الحصول على التمويل الأميركي، إذ يقول إن إسرائيل "لا تزال تنتظر حزمة المساعدات الأميركية التي تواجه إدارة بايدن صعوبة في تمريرها في الكونغرس، بسبب الخلافات مع الجمهوريين بشأن الاستثمارات على الحدود الأمريكية المكسيكية".
ورغم أنه من المحتمل أن تكون حركة حماس قد فوجئت باستعداد إسرائيل لتنفيذ مناورة برية واسعة النطاق، إلا أن المخابرات الإسرائيلية لم تلحظ الخطر الكبير الذي يشكله زعيم الحركة يحيى السنوار.
ويضيف الكاتب: "لم يقض زعيم حماس يحيى السنوار السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة، منذ إطلاق سراحه من سجن إسرائيلي في صفقة جلعاد شاليط، في إنشاء فرق أوركسترا شبابية في جباليا ومراكز التنس في خان يونس، إذ تم تخصيص كل شيكل متاح للحشد العسكري والاستعداد للحرب ضد إسرائيل. كما أن المليارات التي ضختها قطر إلى غزة استُخدمت في الغالب لهذا الغرض، أو على الأقل أتاحت الموارد لحماس لإنشاء قوتها العسكرية".
وبحسب هاريل، فإنه من الواضح، حتى الآن، أن نيتنياهو لا ينوي التخلي عن السلطة بمحض إرادته، مما يعني أن إسرائيل قد تواجه حرباً طويلة بوجود رئيس وزراء لا يحظى بالشعبية ويتمسك بالسلطة ويواصل جهوده لسن تشريعات مناهضة للديمقراطية.
المصدر: العهد