تفاصيل قرار مجلس الأمن بشأن غزة.. وسر امتناع روسيا عن التصويت
حالة من الغموض تسود المفاوضات حول وقف إطلاق النار بغزة، ففي الوقت الذي رحبت فيه حركة حماس بقرار مجلس الأمن الذي تبنى مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين، بينما التزمت إسرائيل الصمت بشأن المبادرة الأمريكية وقرار مجلس الأمن الداعم لها رغم تأكيد واشنطن أن تل أبيب وافقت على مقترح بايدن.
Table of Contents (Show / Hide)
وأمس الإثنين 10 يونيو/حزيران، أيد مجلس الأمن الدولي اقتراحاً طرحه الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية الشهر الماضي، لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة، ودعا حماس إلى قبول الاتفاق الذي يهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر، وأشار القرار الذي قدمته الولايات المتحدة إلى أن إسرائيل قد وافقت على المقترح الأمريكي، كما يحث الجانبين على تنفيذ كل بنوده دون تأخير أو شروط".
قرار مجلس الأمن صدر وسط شكوك بأن إسرائيل قبلت وقف إطلاق النار بغزة
وصدر القرار في ظل الشكوك بين بعض أعضاء مجلس الأمن عما إذا كانت إسرائيل قد قبلت خطة إنهاء القتال في غزة، فيما تشدد "حماس" على أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يضمن نهاية دائمة للحرب، وهو شرط سبق أن رفضته تل أبيب بشدة، حسب تقرير لموقع "الشرق".
ورحبت حماس بموافقة المجلس على مشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة، وقالت في بيان إنها مستعدة "للتعاون مع الإخوة الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة حول تطبيق هذه المبادئ التي تتماشى مع مطالب شعبنا ومقاومتنا"، كما أيدت الجزائر، العضو العربي الوحيد في المجلس، مشروع القرار.
ويتناول القرار تفاصيل المقترح وينص على أنه "إذا استغرقت المفاوضات أكثر من ستة أسابيع في المرحلة الأولى، فإن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات".
ويأتي ذلك بالتزامن مع جولة لوزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في المنطقة لدعم المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية مايو/أيار الماضي، والذي قال بايدن إنه "إسرائيلي" ويتضمن 3 مراحل لوقف إطلاق النار، وينص في نهاية المطاف على وقف دائم للأعمال القتالية وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، مقابل سجناء فلسطينيين، وإعادة إعمار غزة.
حماس ترحب بصدور القرار ولكن لم ترسل موافقة رسمية على المبادرة الأمريكية
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد في كلمة أمام المجلس بعد التصويت "لقد صوّتنا اليوم لصالح السلام".
وامتنعت روسيا عن التصويت في الأمم المتحدة، في حين وافقت بقية الدول الأخرى الأعضاء بالمجلس وعددها 14 على مشروع القرار الذي يدعم خطة من ثلاث مراحل لوقف إطلاق النار طرحها بايدن في 31 مايو/أيار ووصفها بأنها مبادرة إسرائيلية.
وتساءل سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عما وافقت عليه إسرائيل على وجه التحديد وقال إنه لا ينبغي لمجلس الأمن أن يوقع على اتفاقات ذات "معايير غامضة".
وقال نيبينزيا للمجلس: "لم نرغب في عرقلة القرار لأنه ببساطة، على حد علمنا، يحظى بتأييد العالم العربي".
وتظهر عدة مفارقات في الوضع الحالي أولها ترحيب حماس بقرار مجلس الأمن، حيث أعلنت استعدادها للتعاون مع الوسطاء للدخول في "مفاوضات غير مباشرة" مع إسرائيل بشأن تطبيق المبادئ التي نص عليها قرار مجلس الأمن، وأهمها "وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل من القطاع وعودة النازحين ورفض أي تغيير ديمغرافي".
ولكن حماس في الوقت ذاته لم تعلن بعد موافقتها الرسمية عبر القنوات المعروفة على مقترح الرئيس الأمريكي الذي أرسل لها عبر الوسطاء.
وقال جهاد طه، المتحدث باسم حماس، يوم الثلاثاء، إن الجهود مستمرة لدراسة وتوضيح بعض الأمور لضمان تنفيذها من قبل الجانب الإسرائيلي. وقال إن إسرائيل "تماطل وتماطل وتضع العراقيل لمواصلة عدوانها".
وفي هذا السياق، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أن ترحيب حركة بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن إرساء وقف تام وكامل لإطلاق النار في غزة، بمثابة "بارقة أمل" وأوضح أن الولايات المتحدة "في انتظار رد الحركة في غزة".
أمريكا تقول إن إسرائيل وافقت على القرار ولكن تل أبيب نفسها لا تقول ذلك
وفي الوقت ذاته، لم تعلن إسرائيل موقفاً رسمياً من قرار مجلس الأمن ولا من مبادرة الرئيس الأمريكي التي تقول الولايات المتحدة إنها في الأصل مقترح إسرائيلي.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن بلينكن قوله للصحفيين في تل أبيب، إن نتنياهو أكد له الليلة الماضية "التزامه بمقترح وقف النار (بغزة) وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين (في إشارة لإتمام صفقة تبادل مع حماس)".
ولم يسبق أن صرح نتنياهو بهذا الموقف علناً، بحسب الهيئة الإسرائيلية الرسمية.
وخلال جلسة مجلس الأمن، ادعت المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن، ليندا توماس غرينفيلد، أن إسرائيل وافقت على "صفقة شاملة متوافقة تقريباً مع مقترح حماس تمهد لتسوية سياسية وتتيح إدخال مساعدات لغزة ووقف دائم لإطلاق النار وتبادل أسرى".
وقالت غرينفيلد للمجلس: "القتال يمكن أن يتوقف اليوم، إذا فعلت حماس الشيء نفسه.. وأكرر أن هذا القتال قد يتوقف اليوم".
سفير إسرائيل بالأمم المتحدة لم يتكلم، بينما نائبته ما زالت تتوعد بتدمير حماس
وحضر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان التصويت، لكنه لم يلق كلمة. وبدلاً من ذلك قالت الدبلوماسية الإسرائيلية البارزة في الأمم المتحدة ريعوت شابير بن نفتالي أمام المجلس إن إسرائيل ملتزمة بأهدافها في غزة التي كانت دائماً واضحة، وهي "إطلاق سراح جميع الرهائن، وتدمير القدرات العسكرية والإدارية لحماس، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل في المستقبل".
وقالت ريوت شابير بن نفتالي، الإثنين، إن بلادها ستواصل عمليتها في غزة، ولن تشارك في مفاوضات "لا معنى لها" مع حركة "حماس"، وزعمت أن الحركة هي التي تحول دون إنهاء هذه الحرب.. وقالت "حماس وحماس وحدها، ولن تسمح إسرائيل لحماس بإعادة تسليح نفسها أو إعادة تنظيم صفوفها بحيث تشكل غزة تهديداً لإسرائيل، وهذا هدف لا يتزعزع ونسعى إلى تحقيقه".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي تعليقه على قرار مجلس الأمن، قائلاً المخطط الذي تم تقديمه يسمح لإسرائيل بتحقيق أهداف الحرب.
مبادرة حمّالة أوجه
وعندما أعلن بايدن عن مبادرته التي قال إنها إسرائيلية، علق مكتب نتنياهو قائلاً، إن الأخير "يصر على عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة إلا بعد تحقيق جميع أهدافها".
بينما قال زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد، مؤخراً، إنه يؤيد صفقة تبادل المحتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين لدى تل أبيب حتى لو أدى ذلك إلى وقف الحرب على غزة.
وأضاف لابيد لإذاعة 103FM المحلية: "علينا التأكد من أن حماس لن تبقى في السلطة في غزة، ولكن دعونا أولاً نعقد صفقة رهائن".
كما أيد غانتس المقترح الأمريكي، رغم أنه سبق أن قال إنه ملتزم بتأييد المقترح الذي صاغه الجانب الإسرائيلي، وأرسله لواشنطن.
وقال مسؤولون أمريكيون، في معرض حثهم حماس على قبول المقترح، إنه "يشبه المقترح السابق الذي وافقت عليه الحركة ورفضته إسرائيل بعد أن كان قيل في البداية أيضاً إنه إسرائيلي".
ولكن الملمح الرئيسي المختلف في المقترح الجديد أنه يحدد مرحلة أولى تستمر ستة أسابيع كهدنة يجري فيها تبادل لعدد كبير من الأسرى (المدنيين والجرحى)، والتفاوض حول الشكل النهائي لإطلاق النار، على أن تمدد المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار لو لم يتم الوصول لنتيجة حول التفاوض.
وبينما سربت تقارير عن مخاوف مسؤولين إسرائيليين من أن تتعمد حركة حماس إطالة فترة التفاوض في المرحلة الأولى لإطالتها، فإنه في المقابل، سرّبت تقارير أخرى عن أن رئيس وفد التفاوض الإسرائيلي قال لنتنياهو إن المقترح يتيح لتل أبيب استئناف الحرب بعد إطلاق الأسرى، وأفادت تقارير بأن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة ضمانات بإمكانية استئناف الحرب.
هل يدعم القرار وقف دائم لإطلاق النار بشكل صريح؟
وكان واحد من أكبر الخلافات حول الوصول لوقف إطلاق نار، هو إصرار حماس على أن ضرورة أن يكون وقف إطلاق النار بغزة دائماً ومطالباتها بضمانات لذلك.
قرار مجلس الأمن يدعم المبادرة الأمريكية التي تؤكد على أنه في المرحلة الثانية من الاتفاق سيتم الاتفاق على وقف دائم للأعمال العدائية (هو مصطلح أقل حسماً، ولكن مقارب لوقف لإطلاق النار).
ويعتبر مفهوم وقف الأعمال العدائية أكثر رسمية من الهدنة، ولكن على عكس وقف إطلاق النار، فهو غير ملزم، ويعني وقف الأعمال العدائية أن أحد الجانبين أو كليهما قد أعلن عن خطط لوقف القتال. ويمكن أن تشير هذه إلى بداية مفاوضات سلام أوسع نطاقاً، حسبما ورد في تقرير موقع دويتش فيله "DW" الألماني
بينما خلافاً لإعلانات وقف الأعمال العدائية أو الهدنة، فإن وقف إطلاق النار يُقصد به عموماً أن يكون ملزماً. ولكنه مثلهما، هو مؤقت فقط بطبيعته، ولكن من المتوقع عموماً أن يستمر لفترة أطول من الوقت، وفقاً لموقع Better World Campaign.
ولكن يجب ملاحظة أن الفوارق تتعلق بمصطلحي وقف إطلاق النار ووقف العدائيات دون أن يضاف لهما كلمة دائم التي تكتسب أهمية خاصة رغم إمكانية تنصّل إسرائيل منها.
فوقف العدائيات بشكل دائم قد يحمل معنى أوسع من الوقف الدائم لإطلاق نار، حيث يمكن أن يشمل الوقف الدائم للأعمال القتالية أو العدائيات جوانب أخرى من الصراع بما في ذلك الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتبنى قرار مجلس الأمن المبادرة الأمريكية بل استعرضها، بشكل تفصيلي، إذ يشير القرار الذي يحمل رقم 2735 إلى أن تنفيذ هذا الاقتراح سيُمكن من تحقيق النتائج التالية موزعة على 3 مراحل:
المرحلة الأولى:
وقف فوري تام وكامل لإطلاق النار مع إطلاق سراح الرهائن بمن فيها النساء والمسنون والجرحى وإعادة رفات بعض الرهائن الذين قتلوا، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى ديارهم وأحيائهم في جميع مناطق غزة بما في ذلك الشمال. فضلاً عن التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء القطاع على جميع من يحتاجها من المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك وحدات الإسكان المقدمة من المجتمع الدولي.
المرحلة الثانية:
باتفاق من الطرفين، وقف دائم للأعمال العدائية مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الآخرين الذين يظلون في غزة، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.
المرحلة الثالثة:
الشروع في خطة كبرى متعددة السنوات لإعادة إعمار غزة وإعادة ما يبقى في القطاع من رفات أي رهائن متوفين إلى أسرهم.
ويرحب القرار باستعداد قطر ومصر والولايات المتحدة للعمل على ضمان استمرار المفاوضات إلى أن يتم التوصل إلى جميع الاتفاقات ويكون ممكناً بدء المرحلة الثانية.
ولكن رغم أن قرار مجلس الأمن يتحدث عن وقف دائم للأعمال العدائية في المرحلة الثانية للمبادرة الأمريكية، فإن نائب السفير الأمريكي في الأمم المتحدة روبرت وود قال للصحفيين، يوم الإثنين، إن الولايات المتحدة تعتبر الاتفاق "الفرصة الأفضل والأكثر واقعية لوقف هذه الحرب -"مؤقتاً"- على الأقل".
ويكرر القرار "التزام مجلس الأمن الثابت بتحقيق رؤية حل الدولتين عن طريق التفاوض، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها".
كما يؤكد على "أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية"، وهو "أمر لم توافق عليه حكومة نتنياهو اليمينية".
قرار مجلس الأمن أعطى دعماً كبيراً للمبادرة الأمريكية ولهذه الأسباب امتنعت روسيا عن التصويت
ويقول تقرير لوكالة أسوشيتدبرس "AP" الأمريكية إن ما إذا كانت إسرائيل وحماس توافقان على المُضي قدماً في الخطة لا يزال موضع تساؤل، لكن الدعم القوي للقرار في أقوى هيئة تابعة للأمم المتحدة يضع ضغوطاً إضافية على كلا الطرفين للموافقة على الاقتراح.
ويشكك نتنياهو في الاتفاق، قائلاً إن إسرائيل لا تزال ملتزمة بتدمير حماس، وفقاً لما ورد في تقرير وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية.
وأوجز مندوب روسيا في مجلس الأمن الإشكالية الرئيسية في الأمر قائلاً: "إن حماس مدعوة لقبول هذه الصفقة المزعومة، ولكن لا يوجد حتى الآن وضوح فيما يتعلق بالموافقة الرسمية من قبل إسرائيل".
وتساءل: "بالنظر إلى التصريحات العديدة الصادرة عن إسرائيل بشأن تمديد الحرب حتى هزيمة حماس بشكل كامل.. ما الذي وافقت عليه إسرائيل على وجه التحديد؟".
وقال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، الممثل العربي في المجلس، إنه على الرغم من أن النص ليس مثالياً، إلا أنه "يقدم بصيص أمل للفلسطينيين، لأن البديل هو استمرار القتل والمعاناة للشعب الفلسطيني".
وقال بن جامع: "لقد صوتنا لصالح هذا النص لإعطاء الدبلوماسية فرصة للتوصل إلى اتفاق ينهي العدوان على الشعب الفلسطيني الذي طال أمده".
المصدر: وكالات