ما هي انعكاسات التصعيد الإسرائيلي على مستقبل الضفة الغربية؟
يرى خبراء فلسطينيون أن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة في الآونة الأخيرة – وخصوصًا في شمالها – يدفع إلى تفجر الأوضاع في المنطقة.
Table of Contents (Show / Hide)
ويبرر الخبراء مخاوفهم بأن "كل مقومات الانفجار متوفرة، من عمليات تدمير وقتلٍ واعتداءات المستوطنين وتنفيذ برامج استيطانية وحرب إبادة إسرائيلية في قطاعِ غزة وتطهيرٍ عرقي في القدس".
ومنذ فجر الأربعاء أطلق الجيش الإسرائيلي "عملية عسكرية" شمال الضفة تعد الأوسع منذ عام 2002، واقتحمت قوات كبيرة مدينتي جنين وطولكرم ومخيماتهما ومخيم الفارعة قرب طوباس.
وفي جنين ما زالت العمليات مستمرة لليوم السابع، إذ دفع الجيش الإسرائيلي بقوات مدرعة معززة بسلاح الجو إلى المدينة، وداهم أجزاء من مخيم جنين، وفق مراسل الأناضول.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية "بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية 29 شهيدًا و121 إصابة منذ الأربعاء الماضي" حتى الاثنين.
الهدوء لن يعود
الخبير الفلسطيني سَري سمور، يقول إن الأمور في الضفة الغربية لن تعود إلى ما كانت عليه في ظل التصعيد الإسرائيلي وخاصة في شمالها.
ويضيف للأناضول أن "تصعيد إسرائيل يتركز شمال الضفة الغربية وخاصة في مدينة جنين ومخيمها، ويمكن أن يمتد إلى مناطق أخرى بالدرجةِ نفسها إذا ما استمر العدوان".
ويشير سمور وهو يسكن في حي قريب من مخيم جنين، إلى أنه "منذ سنوات طويلة لم تشهد جنين مثل هذه العملية الواسعة، تدميرٍ وتخريبٍ وقتلٍ، هناك استهتار إسرائيلي ولا مبالاة بحياة الفلسطينيين".
كما يقول: "واضح أن الأمور في الضفة ذاهبة إلى تصعيد في شتى المجالات والمحاور، ولكنَّها تختلف من منطقة إلى أخرى".
وفيما يتعلق بشكل المواجهة الحالية، يوضح الخبير أن "كل انتفاضات الشعب الفلسطيني المعاصرة كان لها شكل مغاير لسابقه، ونحن اليوم في حالة مختلفة، ومن الواضح أن أمرًا ما يتبلور، ولا أحد يعلم كيف سيكون شكله".
ويعتبر أن "ما يجري ذاهب إلى انفجار، والمقصود بالانفجار اتساع رقعة المواجهة لتشملَ محافظات أخرى غير شمال الضفة، فهذا وارد وإنما بشكل مختلف عن الحالة في جنين وطولكرم".
ويرجح سمور "أن تشهد الضفة أشكالًا متعددة من المواجهة كما حدث في الخليل من عمليات تفجيرٍ مركباتٍ وإطلاقٍ نار، وهذه العمليات مؤلمة وخطيرة لأنها عبارة عن ضربات تحمل عنصر المفاجأة، ومن أشخاص لا يُحسب أو يتنبأ بتنفيذهم مثل تلك العمليات".
والجمعة، أصيب 3 ضباط بينهم قائد لواء، جراء محاولة تفجير سيارة مفخخة عند مفرق "غوش عتصيون" جنوب الضفة، بالتزامن مع هجوم في مستوطنة كرمي تسور القريبة، وفق إعلان للجيش الإسرائيلي في حينه.
وقالت القسام إنها "تكشف عن أولى عملياتها الاستشهادية بمحافظة الخليل، لتؤكد على ما قالته سابقًا بأن كافة محافظات الضفة بلا استثناء ستبقى تخبّئ بين أحيائها المزيد من المفاجآت المؤلمة والكبرى للمحتل الغادر، وآخرها عملية ترقوميا التي نَفَّذها الشهيد مهند محمود العَسّود".
والأحد، قتل 3 عناصر شرطة إسرائيليين بإطلاق نار استهدف مركبتهم قرب حاجز ترقوميا بمدينة الخليل جنوب الضفة.
غياب أفق الحل
من جانبه، يرى الخبير الفلسطيني جهاد حرب أن الضفة الغربية "جبهة رئيسية، وهي ذاهبة للتصعيد جراء عمليات الجيش الإسرائيلي".
ويوضح حرب أن "كافة العوامل الدافعة لذلك متوفرة، من استيطان وهجمات المستوطنين والاعتقالات والتطهير العرقي في القدس، والقتل الواسع وحرب الإبادة في غزة".
كما يشير إلى "غياب الأمل والأفق لأي حل سياسي، جراء سياسات إسرائيل التصعيدية في الضفة وغزة، وبالتالي كل فعل إسرائيلي يقابله رد فعل فلسطيني".
وبشأن انعكاسات ما يجري شمال الضفة على جنوبها، يقول حرب إن "الأمور باتت تتدحرج جنوب الضفة، حيث شهدنا 3 عمليات عسكرية خلال أقل من 48 ساعة".
ومحذرا من تصاعد التوتر، يقول إن "طبيعة المواجهة تختلف من مكان إلى آخر، ونموذج شمال الضفة الغربية لن يكون الوحيد".
ويوضح أن "جهات عربية ودولية باتت تحذر من تدحرج التصعيد في الضفة الغربية، لأن تبعاته ستؤثر على الإقليم ومن شأنه زعزعة أمن واستقرار المنطقة".
ورغم ذلك، يشير حرب إلى أن إسرائيل "متحررة من أي ضغوط خارجية، وتمضي قدمًا في مخططاتها، الأمر الذي يشير إلى تصعيد قد يؤدي في النهاية إلى تفجير الأوضاع".
عملية استباقية
وفي نظرته إلى مجريات الأوضاع بالضفة، يرى الخبير أشرف بدر أن ما تقوم به إسرائيل من إجراءات عسكرية شمال الضفة "عملية استباقية لتفكيك خلايا المقاومة الفلسطينية التي تخطط لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية".
ويضيف بدر للأناضول أنه "بعد عملية التفجير بمدينة تل أبيب أعطت الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر لتنفيذ عملية عسكرية في الضفة، في محاولة منها لتفكيك خلايا المقاومة التي تتركز شمال الضفة وخاصة مدينتي جنين وطولكرم، ومخيم الفارعة".
ووفق بدر، "ترى إسرائيل أن تلك الخلايا التي بدأت تتشكل على غرار تلك التي كانت في انتفاضة الأقصى، ونفذت في حينها عمليات تفجير قتلت الكثير من الإسرائيليين، أمرٌ خطير يهدد أمن وأمان الإسرائيليين".
في أغسطس/ أغسطس المنصرم تبنت "كتائب القسام" و"سرايا القدس" الجناحان العسكريان لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" التفجير في تل أبيب الذي تسبب بمقتل إسرائيلي، فيما توعدت الكتائب بأن "العمليات الاستشهادية ستعود للواجهة".
فيما دعا رئيس "حماس" في الخارج خالد مشعل، قبل أسبوع، إلى "العودة للعمليات الاستشهادية والصراع المفتوح مع الاحتلال الإسرائيلي".
ورغم أن بدر يرى أن "إسرائيل لا ترغب في فتح جبهة جديدة في الضفة تشغلها عن قطاع غزة"، إلا أنه يشير إلى أن "كل الظروف مواتية للانفجار، وإجراء بسيط أو قمع أو أمر ما قد يكون الصاعق لهذا الانفجار".
وبموازاة حربه على غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته وصّعد المستوطنون اعتداءاتهم بالضفة؛ ما أسفر عن مقتل 681 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 5,600 بجروح واعتقال ما يزيد على 10,400، وفق مؤسسات رسمية فلسطينية.
فيما أسفرت حرب إسرائيل بدعم أمريكي على غزة عن أكثر من 135,000 قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10,000 مفقودينَ، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال.
المصدر: عربي بوست