- السعودية وبيان الإدانة: موقف تصعيدي أم حفاظ على الصورة؟
في بيان صدر عن وزارة الخارجية السعودية، أدانت المملكة تصريحات نتنياهو حول محور فيلادلفيا، معتبرة إياها محاولات عبثية لتبرير الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقوانين الدولية، كما أعربت عن تضامنها مع مصر وحذرت من تبعات هذه التصريحات على جهود الوساطة التي تقودها القاهرة والولايات المتحدة وقطر.
إلا أن هذا البيان، على الرغم من حدته، لا يمكن فصله عن السياسة السعودية الراسخة في الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ففي الوقت الذي تنتقد فيه المملكة العلانية التصرفات الإسرائيلية، لا تزال تتخذ خطوات أكثر سرية واستراتيجية لتلبية نداءات واشنطن والضغط لتحقيق أهدافها دون زعزعة استقرارها الداخلي أو الإضرار بمصالحها.
- المصالح السعودية بين الإدانة والتطبيع
يتجلى التذبذب السعودي بشكل واضح في موقفها من الحرب على غزة، فمن جهة، تعلن السعودية رفضها للسياسات الإسرائيلية في القطاع، بينما من جهة أخرى، لا تخفي اهتمامها بتطوير علاقاتها مع "إسرائيل"، هذا الموقف البراغماتي ينبع من رغبة السعودية في تجنب الانجرار إلى حرب إقليمية هي بغنى عنها في الوقت الحالي، في ظل تقاربها مع إيران وتعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا، تسعى السعودية للتركيز على الداخل وإعادة بناء سياستها الخارجية بما يتناسب مع رؤية ابن سلمان 2030.
ومع ذلك، فإن تذبذب الموقف السعودي لا يخلو من رغبة واضحة في استكمال صفقة التطبيع مع "إسرائيل"، التي يتوقع أن تجلب فوائد عسكرية ومالية كبيرة للمملكة، هذه الصفقة، التي كانت تحت السطح في فترات سابقة، قد تكتمل في أي وقت، لكن دون أن تتسبب في تصعيد الصراع أو تهديد الاستقرار الداخلي السعودي.
الولايات المتحدة: اللاعب الرئيسي في تحريك المواقف
لا يمكن فهم التذبذب السعودي تجاه حرب غزة دون الإشارة إلى الدور الأمريكي، فمنذ البداية، كانت الولايات المتحدة تضغط على السعودية للعب دور أكبر في وقف إطلاق النار والمشاركة في جهود الوساطة، وبينما تظهر السعودية موقفاً علنياً متحفظاً، فإنها تستجيب للنداءات الأمريكية بشكل خفي، في محاولة للحفاظ على التوازن بين مصالحها الإقليمية والالتزامات الدولية.
ورغم ذلك، تبقى السعودية قادرة حتى الآن على تلبية هذه النداءات دون الكشف عن دورها بشكل مباشر، هذا الحذر يعكس خشية المملكة من أي تأثير سلبي على علاقاتها الخارجية، خاصة مع إيران وروسيا، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التوتر في المنطقة.
يظهر تذبذب موقف السعودية من حرب غزة كأنه انعكاس للبراغماتية السياسية التي تنتهجها المملكة في هذه المرحلة، فبين الرغبة في الحفاظ على استقرارها الداخلي وتعزيز علاقاتها الخارجية، وبين الضغوط الدولية التي تمارسها الولايات المتحدة، يجد محمد بن سلمان نفسه مضطراً للموازنة بين مواقفه العلنية ومصالحه الخفية، مع محاولة الحفاظ على صورته كرائد للسلام والاستقرار في المنطقة.
المصدر: خبير