هل دخلت السعودية من باب شنغهاي إلى دائرة نفوذ الصين وروسيا؟
يمثل إعلان السعودية، في 29 مارس/ آذار الماضي، موافقة مجلس وزرائها على انضمامها كشريك في الحوار إلى منظمة شنغهاي للتنمية "أقوى إشارة على أن أي جهود أمريكية لإبقاء المملكة خارج دائرة النفوذ الصيني الروسي قد تكون الآن عديم الجدوى، وفقا للكاتب سايمون واتكينز.
Table of Contents (Show / Hide)
وأضاف واتكينز، في مقال رأي نشره موقع "أويل برايس" (Oil Price) وترجمه "الخليج الجديد"، أن المملكة وقَّعت على مذكرة تفاهم في 16 سبتمبر/ أيلول 2022 تمنحها وضع شريك حوار في المنظمة.
ولاحقا اتفقت مع إيران، بوساطة صينية في 10 مارس/ آذار الماضي، على استئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يخوضعان صراعا على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء في دول منها اليمن ولبنان والعراق وسوريا.
ومنظمة شنغهاي للتعاون، بقيادة الصين وروسيا، هي أكبر منظمة إقليمية سياسية واقتصادية ودفاعية في العالم من حيث النطاق الجغرافي والسكان، فهي تغطي 60% من القارة الأوروبية الآسيوية (أكبر كتلة برية على وجه الأرض) و40% من سكان العالم، وأكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحسب واتكينز.
وجرى تشكيل المنظمة عام 2001 على أساس "شنغهاي 5" التي تم إنشاؤه في 1996 من جانب كل من الصين وروسيا وثلاث دول من الاتحاد السوفيتي السابق هي كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان.
وتابع واتكينز أنه "بصرف النظر عن نطاقها الواسع، تؤمن منظمة شنغهاي للتعاون بفكرة وممارسة "العالم متعدد الأقطاب"، الذي تتوقع الصين أن تهيمن عليه بحلول 2030".
دعم صيني لبن سلمان
واتكينز اعتبر أنه لا ينبغي أن يكون انضمام السعودية إلى منظمة شنغهاي "بعيدًا عن الولايات المتحدة ونحو المحور الصيني الروسي، مفاجأة لأي شخص كان يراقب التطورات في المملكة منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من حوالي عام 2015".
وأضاف أنه "من أجل إعادة بناء سمعته بهدف اغتصاب منصب محمد بن نايف كولي للعهد، جاء محمد بن سلمان بفكرة أعتقد أنها ستفوز بدعم كبار السعوديين الذين دعموا منافسه، وكانت الفكرة هي طرح حصة من الشركة الرائدة في المملكة أرامكو (عملاق النفط) عبر طرح عام أولي".
وتابع أنه "نظريا كان للفكرة عوامل إيجابية عديدة ستفيد بن سلمان: أولا، ستجمع الكثير من الأموال التي احتاجتها المملكة لتعويض الأثر الاقتصادي الكارثي لحرب أسعار النفط عامي 2014-2016".
وأردف: "وثانيا من المحتمل أن يكون هذا هو أكبر طرح عام أولي على الإطلاق مما يعزز سمعة المملكة، وثالثا يمكن استخدام الأموال من البيع كجزء من خطة التنمية "رؤية 2030" الهادفة إلى تنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن الاعتماد على صادرات النفط والغاز.
وقال واتكينز إن "الصين تدخلت بعرض لإنقاذ وجه بن سلمان، وهو عرض لم ينسه أبدا على ما يبدو، وهو أن تشتري بكين الحصة البالغة 5٪ بالكامل مقابل 100 مليون دولار أمريكي المطلوبة".
واستطرد: تم رفض العرض، لأن الملك سلمان لم يرغب آنذاك في عزل الولايات المتحدة أكثر مما تم القيام به بالفعل عبر إطلاق حرب أسعار النفط لتدمير أو تعطيل قطاع النفط الصخري الأمريكي الناشئ آنذاك.
وعلى الرغم من رفض العرض الصيني، إلا أن العلاقة بين الرياض وبكين ازدهرت انطلاقا من تلك النقطة. وقبل أقل من عام بقليل من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، كانت السعودية متحالفة بالفعل مع الصين، وفقا لواتكينز.
تنسيق سعودي روسي
وبموازاة توطد العلاقة بين الرياض وبكين، بحسب واتكينز، كانت العلاقة بين الرياض وموسكو تتقدم عدة مرات، وتدخلت روسيا لدعم السعودية في تخفيضات إنتاج النفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أواخر 2016، بهدف إعادة أسعار النفط إلى المستويات التي سمحت لأعضاء المنظمة بالبدء في إصلاح أوضاعها المالية المتدهورة.
وأضاف أن "كلا من روسيا والصين تعرف كيفية الاستفادة من هذه العلاقات (مع السعودية)، كما كانت تفعل في الشرق الأوسط منذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) مع إيران في 2018 وسوريا في 2019 وأفغانستان والعراق في 2021".
وعلى الرغم من أن المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي اعتبر أن الصفقة بين إيران والسعودية "لا تتعلق بالصين"، إلا أنها كانت، وفقا لواتكينز، "تتعلق بالصين تماما، بينما لم يكن الأمر يتعلق بالولايات المتحدة".