لكن سيجلب مشكلات لهما.. انضمام السعودية والإمارات المحتمل لبريكس ينعشها اقتصاديا
رغم أن مساعي مجموعة دول "بريكس" لتوسيع عدد أعضائها سيؤدي إلى زيادة ثقلها الاقتصادي والسياسي كمنتدى غير غربي، لكن الخلافات الداخلية ستظل في نهاية المطاف تحد من قدرة الكتلة على أن تصبح مؤثرة مثل مجموعة السبعة (G7)، وبينما سينعش هذا التوسيع التعاون المشترك في العديد من القضايا الاقتصادية والمالية، فإنه سيقيد بشدة تعاون بريكس كمنتدى سياسي موحد يمكن أن ينافس مجموعة السبع التي يشترك أعضاؤها جميعًا في مجموعة أساسية من القيم والمعتقدات التي ستبقي مجموعة السبعة موحدة أكثر.
Table of Contents (Show / Hide)
ما سبق كان خلاصة تحليل موسع نشره موقع "ستراتفور"، تعليقا على استعداد أعضاء "بريكس" الأساسيين (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، للاجتماع في 2 و3 يونيو/حزيران المقبل لمناقشة توسيع الكتلة والنظر في طلبات الدول الأخرى للعضوية، وأبرزها السعودية والإمارات ومصر والجزائر والأرجنتين وإندونيسيا وكازاخستان.
وفي الإجمال، طلبت 13 دولة رسميًا الانضمام رسميا، بينما طلبت 6 دول أخرى ذلك بشكل غير رسمي.
منافسة السياسات الغربية
وأشار التحليل إلى أن المنافسة الاستراتيجية الصينية والروسية المتزايدة مع الغرب، ورغبة الصين في توسيع "بريكس" تدفع المجموعة لزيادة قوتها الاقتصادية والسياسية عبر توسيع عضويتها.
ويبدو أن الصين وروسيا تنظران إلى "بريكس" على أنها قوة موازنة غير غربية لمجموعة السبع، التي تعد المنتدى السياسي الرئيسي للدول الغربية لتشكيل السياسات الدبلوماسية والاقتصادية، لاسيما بعد أزمة العقوبات الغربية الشرسة على روسيا بعد حرب أوكرانيا، والاستعداد لعقوبات محتملة مماثلة على الصين في حال غزت تايوان.
ومن بين السياسات الغربية الرئيسية الأخرى، التي أزعجت كلا من بكين وموسكو اللتين تسعيان الآن إلى إيجاد منتدى مماثل للدول غير الغربية التي تشاركها بعض وجهات النظر حول قضايا معينة، قضايا تغير المناخ والحاجة إلى تقليل قبضة الغرب على التمويل الدولي.
ووسط التحولات الجيوسياسية العالمية، وتحول النظام العالمي، الذي كان يقوده الغرب في السابق، إلى متعدد الأقطاب، بحث الدول غير الغربية بشكل متزايد عن طرق لتعميق علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع بعضها البعض، كما يتضح من اهتمامها المتزايد بالانضمام إلى "بريكس".
السعودية والإمارات
ويرى التحليل أن انضمام السعودية والإمارات المحتمل إلى "بريكس" سيمكن الكتلة من التوسع بشكل فعال في الشرق الأوسط، لا سيما أن الدولتين الخليجيتين لديهما صناديق ثروة سيادية كبيرة للاستثمار، وهو الأمر الذي من شأنه أيضًا أن يمنح أعضاء "بريكس" المزيد من المستثمرين الخارجيين الرئيسيين.
ومن وجهة نظر بكين، فإن إضافة اثنين من كبار منتجي النفط إلى الكتلة يمكن أن يساعد في تأمين وصول الصين إلى إمدادات الطاقة المستقبلية وزيادة أمن الطاقة العالمي أيضًا.
مصر، أحد أكبر الاقتصادات في أفريقيا ويبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة، هي مرشح جذاب آخر.
يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لإندونيسيا، التي تقع في قلب جنوب شرق آسيا - وهي منطقة أخرى لا يوجد فيها أعضاء في مجموعة "بريكس" حاليًا، وهي منطقة تستعد أيضًا لأن تصبح بشكل متزايد وجهة للاستثمارات الغربية وسلاسل التوريد التصنيعية العالمية.
وأعربت كازاخستان عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس أيضًا، مما سيمكن الكتلة من التوسع في آسيا الوسطى، وهي منطقة تعمل كمفترق طرق حيوي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
ويمكن لمثل هذا التوسع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و/أو جنوب شرق آسيا أن يضيف بسرعة تريليون دولار، على الأقل، من الناتج المحلي الإجمالي إلى الكتلة.
ووفقًا لصندوق النقد الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة السبع حوالي 44 تريليون دولار في عام 2022، بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي لأعضاء مجموعة البريكس حوالي 26 تريليون دولار.
مؤسسات "بريكس" المالية
ويرى التحليل أن انضمام السعودية والإمارات المحتمل إلى "بريكس" سيمكن الكتلة من إنعاش مؤسساتها المالية، مثل بنك التنمية الجديد (NDB)، والذي يهدف إلى منافسة البنك الدولي، وأيضا صندوق ترتيب الاحتياطي الطارئ (CRA)، وهو من المفترض أن يكون مشابهًا في آلية عمله لصندوق النقد الدولي (IMF).
ونظرًا لأن الصين حاليًا هي العضو الوحيد الذي يمثل مستثمرًا خارجيًا رئيسيًا، فإن قدرة "بريكس" محدودة لتوسيع نطاق هذه الآليات دون أن تكون بكين هي الضامن الفعلي أو الميسر الرئيسي لتوسيع نطاقها، وهو ما يمكن أن يتغير بعد انضمام السعودية والإمارات، حيث سيزيد حجم المؤسسات المالية لـ"بريكس" لجعلها أكثر قدرة على المنافسة مع المؤسسات المدعومة من الغرب.
وضيف التحليل أن توسيع "بريكس" أيضًا يمكن أن يساعد في تعزيز التجارة في العملات غير الغربية، فضلاً عن دعم عملة "بريكس" المحتملة.
لكن هذه الجهود ستظل تمثل تهديدًا محدودًا فقط لوضع الدولار الأمريكي وتخلق طرقًا محدودة لتجاوز العملات الغربية، فلا يزال الدولار واليورو يتمتعان بالموثوقية حول العالم بشكل كبير.
رغبة سعودية صينية
ويشير التحليل إلى فائدة مهمة لكل من السعودية والإمارات للانضمام إلى "بريكس"، وهو الاقتصاد الصيني الضخم الذي يمثل الجاذبية الأكبر للرياض وأبوظبي للانضمام إلى التكتل، حيث يريد البلدان الخليجيان تعميق العلاقات الاقتصادية مع الصين.
النفوذ في مسألة المناخ
ويعد تغير المناخ وتحول الطاقة من المجالات التي قد يزيد فيها تعاون "بريكس" بشكل كبير، فانضمام السعودية والإمارات وإندونيسيا والجزائر - وجميعها من كبار منتجي النفط والغاز و/أو مستهلكين للفحم - يمكن أن يحول "بريكس" إلى لاعب رئيسي في مفاوضات المناخ من خلال جعل أعضائها يتخذون موقفًا مشتركًا.
لن يكون لدى الكتلة أكبر مستهلكين للفحم في العالم فقط (الهند والصين) ولكن أكبر منتجين للنفط من غير الغرب (روسيا والمملكة العربية السعودية)، مجموعة من البلدان الأخرى الأصغر التي تعتمد على الوقود الأحفوري (بما في ذلك الجزائر وجنوب إفريقيا وإندونيسيا والبرازيل) والتي ترى جميعًا أن الضغط الغربي لتسريع انتقال الطاقة غير عادل.
خلافات محتملة تعيق النمو
ولكن مع نمو دول البريكس، ستنمو كذلك الخلافات الداخلية حول السياسات المختلفة، لا سيما فيما يتعلق بالمسائل غير المناخية والاقتصادية ، مما سيحد من تماسك الكتلة.
يشترك أعضاء البريكس الخمسة الحاليون في وجهات نظر متشابهة حول قضايا مثل الحد من الهيمنة المالية للغرب أو تعزيز تمويل المناخ للبلدان النامية.
ومع ذلك، فإن جنوب أفريقيا والبرازيل والهند لا تشارك الصين وروسيا وجهات النظر المناهضة للولايات المتحدة والغرب بنفس الدرجة.
أيضا تمتلك الصين والهند علاقات متوترة سياسيا وعسكريا، وهو ما يحد من قوة "بريكس"، وللبرازيل كذلك علاقات اقتصادية عميقة مع الولايات المتحدة ولا تعتبر واشنطن منافسًا استراتيجيًا مثل بكين.
السعودية والإمارات وإندونيسيا المرشحات للانضمام، لديها علاقات عميقة للغاية مع الأجهزة الأمنية الأمريكية ما قد يعيق التعاون في المسائل الأمنية إذا انضمت هذه الدول الثلاث إلى مجموعة "بريكس".
وتشارك إيران، وهي مرشح محتمل آخر لـ"بريكس"، روسيا والصين في العداء العميق للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، لكن إيران هي أيضًا أكبر منافس إقليمي للسعودية، ما قد يؤدي أيضًا إلى نزاعات داخلية إذا أصبح كلا البلدين عضوين في "بريكس".
ويختم التحليل بالقول إنه في نهاية المطاف، لن يحد دخول هذه البلدان (وغيرها) من التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، والتي تشمل العديد من القضايا الاقتصادية والمالية ذات الصلة بشكل خاص بجنوب الكرة الأرضية.
ومع ذلك، فإنه سيقيد بشدة تعاون "بريكس" كمنتدى سياسي موحد يمكن أن ينافس مجموعة السبع، التي يشترك أعضاؤها جميعًا في مجموعة أساسية من القيم والمعتقدات التي ستبقي الأخيرة موحدة أكثر.