هل يهدد تمويل مشاريع 2030.. ارتفاع قياسي لتكلفة الاقتراض بالسعودية
ارتفع سعر الفائدة، الذي يقدمه البنك المركزي السعودي على الاقتراض، إلى مستوى قياسي في يوليو/ تموز الماضي؛ ما يجعل من الصعب على الشركات اقتراض أموال، بحسب عبير أبو عمر في تقرير لوكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg) ترجمه "الخليج الجديد".
Table of Contents (Show / Hide)
عبير أضافت أن هذا الارتفاع يهدد هدف المملكة المتمثل في جذب الشركات الأجنبية؛ ما قد يُضر بمشاريع التنويع الاقتصادي ضمن رؤية 2030، والتي أصبحت المحرك الرئيسي للنمو وسط تخفيضات إنتاج النفط الطوعية.
وصعدت تكلفة النقود، وفقا لسعر الفائدة بين البنوك السعودية لمدة ثلاثة أشهر المعروف بـ"سايبور" (Saibor)، إلى أكثر من 6% في الشهر الماضي، متفوقة على مستواها بعد انهيار أسعار النفط في 2020، وخلال الأزمة المالية العالمية في 2008.
وقالت عبير إن السعودية تنفق مئات المليارات من الدولارات على حملة تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، والتي دعا إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأطلق عليها اسم رؤية 2030.
وأوضحت أنه بينما يتم تمويل جزء من تلك المشاريع من عائدات النفط، تحتاج الحكومة أيضا إلى جذب الاستثمار الأجنبي والاقتراض، وبالفعل سبق أن اقترضت العديد من الهيئات الرئيسية المستثمرة في مشاريع رؤية 2030، وبينها صندوق الاستثمارات العامة (مملوكة للدولة) والشركات التابعة له العاملة على تطوير مشروع مدينة نيوم المستقبلية، عشرات المليارات من الدولارات.
وكان معدل الاقتراض في المملكة أقل من 1% فقط منذ 18 شهرا، وجاء الارتفاع في وقت رفع فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، قبل أيام، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، بهدف خفض التضخم.
ولكون الريال السعودي مربوط بالدولار الأمريكي منذ 1986، يتبع البنك المركزي السعودي قرارات نظيره الأمريكي عن كثب، على الرغم من أن التضخم في المملكة كان أقل بكثير من التضخم في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين.
شح السيولة
وبحسب رئيس قسم إدارة الأصول في شركة "نومورا" القابضة في الشرق الأوسط طارق فضل الله، فإن "ارتفاع أسعار النفط يخفف بعض الآلام، لكن من الواضح أننا أمام فترة طويلة من المعدلات المرتفعة السلبية (بشأن تكلفة الاقتراض)".
ومن غير المرجح أن يكون الارتفاع المفاجئ في تكلفة الاقتراض هذا العام نتيجة لقلة السيولة، وهذا على النقيض من 2022، عندما ارتفع مؤشر سعر الفائدة، حين لم يقابل ارتفاع الإقراض المصرفي تدفقات ودائع وافدة، وفقا لعبير.
وقال كبير محللي "بلومبرج إنتليجنس"، إدموند كريستو، إن أسعار الفائدة المرتفعة "تضغط على نسبة عبء الديون للمستهلكين السعوديين؛ مما يحد من قدرتهم على الاقتراض أكثر".
وفي أكثر من مناسبة، قلل مسؤولون سعوديون من شأن مخاوف شح السيولة، قائلين إن البنك المركزي لديه كل الأدوات اللازمة لدعم الإقراض. ولجأ البنك السعودي أحيانا إلى عمليات السوق المفتوحة، وهي معاملات توفر سيولة قصيرة الأجل للمقرضين.
تباطؤ النمو
وقد تؤدي سلسلة من تخفيضات إنتاج النفط وانخفاض أسعاره إلى انكماش اقتصاد المملكة العام الجاري، بعد أن كان أسرع اقتصادات دول مجموعة العشرين نموا في العام الماضي.
وقبل أيام، خفض صندوق النقد الدولي توقعه لنمو اقتصاد المملكة من 8.7% العام الماضي إلى 1.9% في 2023، لكنه قال إن الاستثمارات الخاصة تواصل دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة.
ولفتت عبير إلى أن القطاع غير النفطي في السعودية يستمر في التوسع بسرعة، إذ بلغ النمو في الربع الثاني من العام الجاري 5.5%، لكن انخفاض أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة يبطئان اقتصاد المملكة.
ومع تخفيض طوعي يبلغ مليون برميل يوميا، تضخ السعودية حتى نهاية أغسطس/ آب الجاري حوالي 9 ملايين برميل يوميا، وهو أحد أقل الكميات خلال العقد الماضي.
وبدأت تخفيضات المعروض في تعزيز أسعار الخام، مع ارتفاع خام برنت فوق 85 دولارا للبرميل من حوالي 72 دولارا في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، لكن تستمر مخاوف من أن أسعار الفائدة المرتفعة يمكن أن تخنق النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا.
ولا يزال خام برنت أقل بكثير من مستويات العام الماضي، عندما بلغ متوسطه 100 دولار مع غزو روسيا لأوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، والذي أدى إلى قلب أسواق الطاقة، وفقا لعبير.