4 تحديات تضع نجاح رؤية السعودية 2030 على المحك.. بينها الإمارات
حددت آنا جاكوبس كبيرة محللي شؤون دول الخليج في مجموعة الأزمات الدولية (منظمة دولية غير ربحية وغير حكومية) 4 تحديات رئيسية، تنذر بمخاطر على النجاح النهائي لرؤية السعودية 2030 وسياستها الخارجية التي تم تعديلها وفقا لطموحات ولي عهدها محمد بن سلمان في السنوات الأخيرة لكي تحظي بلاده بمكانة أكثر أهمية.
Table of Contents (Show / Hide)
وذكرت جاكوبس أنه مهما كانت الفوائد التي ستحققها المملكة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتغيير سياستها الخارجية وجهودها الحالية للوساطة، إلا أن تلك المساعي قد تجني الخيبة الفشل في النهاية؛ إذا لم تقم بمعالجة القيود والتحديات الرئيسية التي لا تزال تواجهها.
وأشارت جاكوبس إلى أن هذه التحديات تتمثل في خلافات السعودية مع جيران والتي لم يتم حلها بشكل كامل، والافتقار للقدرة على اتخاذ مجموعة واسعة من المبادرات الدبلوماسية، والمنافسة الإماراتية، وتحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان.
خلافات الجيران
وفق جاكوبس فإن المملكة لم تفعل سوى أقل القليل فيما يتعلق بحل الخلافات الأساسية مع جيرانها، وخاصة إيران حتى بعد إعادة الدولتان فتح سفارتيهما، وتعيين سفراء في كل من الرياض وطهران وتبادل الزيارات لكبار المسؤولين من الجانبين.
وذكرت أن الرياض لم تعالج مصادر التوتر القديمة مع جيرانها، بما في ذلك علاقات إيران مع الميليشيات في جميع أنحاء المنطقة، وتدخل كل جانب في الشؤون الداخلية للآخر، والنزاعات الحدودية البحرية وغيرها.
وأشارت إلى أنه من المرجح أن تكون معالجة هذه القضايا في محادثات ثنائية وإقليمية جادة شرطاً أساسياً لنزع فتيل التوترات بشكل دائم بين هذه القوى الإقليمية ذات الثقل.
مبادرات دبلوماسية
وبحسب جاكوبس فإنه من شبه المؤكد أن السعودية تفتقر إلى القدرة على اتخاذ مجموعة واسعة من المبادرات الدبلوماسية.
وأشارت إلى أن المملكة تواجه بالفعل تحديات في العديد من ملفات الصراع، بما في ذلك في اليمن والسودان، معتبرة أن جهود الوساطة هذه، مثل النزاعات التي تحاول المملكة حلها، معقدة للغاية.
وأوضحت أنه في اليمن على سبيل المثال، هناك تعقيد آخر يتمثل في وضع السعودية كطرف في الصراع.
واعتبرت جاكوبس أنهمن المرجح أن تتطلب قدرة الرياض على التعامل مع العديد من عمليات الوساطة الرئيسية في وقت واحد، طاقمًا أكبر من الخبراء يتمتعون بمعرفة عميقة بالملفات ذات الصلة. ولفتت إلى أن الأمر سوف يستغرق من المملكة بعض الوقت لتطوير قدراتها، وهناك خطر من أن المملكة قد تتحمل التزامات ربما لا تستطيع الوفاء بها في هذه الأثناء، ورغم ذلك لا تظهر المملكة في الوقت الحالي، أي اهتمام بتقليص طموحها.
وقد أعرب المسؤولون السعوديون عن رغبتهم في لعب دور أكبر في التوسط في حرب أوكرانيا بعد الاجتماع الناجح بشكل مدهش في جدة في أغسطس/آب، والذي ضم الصين، حتى أنهم اقترحوا على مجموعة الأزمات الدولية أنهم يستكشفون سبل إعادة إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية الهامدة، كما يواصلون الدعوة إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002.
المنافسة الإماراتية
وقالت كبيرة محللي شؤون دول الخليج في مجموعة الأزمات الدولية إن السعودية تواجه منافسة من جارتها الإمارات -عضو بمجلس التعاون الخليج- التي لا ترغب بالضرورة في رؤية الرياض تبرز كقوة دبلوماسية واقتصادية في المنطقة.
وأضافت جاكوبس أن الإمارات التي تتبع من فترة طويلة سياسات اقتصادية وخارجية طموحة، تعتبر قوة إقليمية ثقيلة في حد ذاتها.
وتجد أبوظبي نفسها في خلاف متزايد مع الرياض حول القضايا السياسية والاقتصادية، بما في ذلك الجهود المبذولة لحل حرب اليمن، وسياسات إنتاج النفط المتباينة، والنفوذ الجيوستراتيجي في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وطرق التعامل مع ملفات الوساطة الرئيسية مثل السودان.
واستشهدت جاكوبس على وجود خلافات بين السعودية والإمارات بما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال في يوليو/تموز بأن بن سلمان قال في لقاء جمعه بصحفيين محليين إن الإمارات، حليف بلاده منذ عقود، "طعنتنا في الظهر.. سيرون ما يمكنني فعله"
وليس من الواضح ما الذي كان محمد بن سلمان يشير إليه، لكن من الممكن أنه كان يتحدث عن واحد أو أكثر من الاختلافات السياسية المذكورة أعلاه.
وخلال اللقاء ذاته قال بن سلمان للصحفيين أنه أرسل قائمة مطالب إلى الإمارات، حذر فيها من أنه إذا لم تتماشَ أبوظبي مع الصف، فإنّ المملكة مستعدة لاتخاذ خطوات عقابية، مثلما فعلت ضد قطر في عام 2017، وقال بن سلمان للصحفيين "سيكون الأمر أسوأ مما فعلته بقطر".
ووفق جاكوبس فسواء كان هذا التصريح جديًا أو على سبيل التظاهر بالشجاعة، فإن التوترات بين الرياض وأبو ظبي حقيقية، وكيفية تعامل محمد بن سلمان معها ستكون علامة مهمة على ما إذا كان السعوديون مستعدون حقًا لطي صفحة السياسات الإقليمية القسرية التي أوقعتهم في المشاكل في الماضي القريب.
حقوق الإنسان
وترى جاكوبس أنه حتى لو لم يمنع بعض الغضب الباهت بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد فرقة قتل من بلاده في تركيا والحرب في اليمن واشنطن من الضغط من أجل علاقات أوثق، فإن سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان سيظل مهمًا في العلاقات الأمريكية السعودية.
لدى العديد من السياسيين الأمريكيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني وجهات نظر سلبية للغاية تجاه محمد بن سلمان، والتي يمكن، في بعض الظروف، أن تخلق تكاليف سياسية لأي إدارة تقترب منه أكثر من اللازم.
وتزداد هذه التكاليف عندما تظهر أخبار مثل تقرير هيومن رايتس ووتش الأخير عن قيام حرس الحدود السعوديين بقتل مئات المهاجرين الإثيوبيين على الحدود السعودية اليمنية، أو الحكم بالإعدام على الناقد على وسائل التواصل الاجتماعي محمد الغامدي.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مستعدة لاستيعاب هذه التكاليف. ولكن كما أظهرت قضية خاشقجي، فإن المزاج السياسي الأمريكي تجاه المملكة يمكن أن يتغير بسرعة.
وفي حين أن استراتيجية التحوط (بالتحالف مع روسيا والصين..) التي تتبعها الرياض تعني أنه سيكون لديها أصدقاء أقوياء بغض النظر عن الطريقة التي تهب بها الرياح في واشنطن، فإن المملكة التي تريد أقصى قدر من المرونة للتمحور بين معسكرات القوى الكبرى ستحتاج إلى تحسين عملها فيما يتعلق بحقوق الإنسان.