“طوفان الأقصى” يدخل الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة كبيرة.. استدعاء الجنود وإلغاء الرحلات وتراجع العملة سيكلف المليارات
مع دخول اليوم الثالث لمعركة "طوفان الأقصى"، سجلت بورصة الاحتلال الإسرائيلي الإثنين 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلى حصيلة خسائر حسب موقع "غلوبس" الاقتصادي منذ 2014، وانخفاضاً حاداً في أسهم كبرى الشركات الإسرائيلية تجاوز 8%.
Table of Contents (Show / Hide)
وتلقت البورصة في تل أبيب، التي تُمثل 40% من الاقتصاد الإسرائيلي، أيضاً خسائر كبيرة، كما أن البنوك تراجعت مؤشراتها، على رأسها بنك لئومي، الذي يُعتبر أكبر البنوك الإسرائيلية.
هذه الأرقام تُشير إلى أن الضربة المفاجئة التي باغتت بها فصائل المقاومة الإسرائيلية ستُؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، هذا ما سنعرضه في هذا التقرير، والذي يرصد أبرز الخسائر المالية المتوقع أن تضرب ميزانية تل أبيب
ماذا يعني انهيار الشيكل الإسرائيلي؟
سجل أداء الشيكل الإسرائيلي أمام الدولار الأمريكي انخفاضا حاداً هو الأكبر منذ عام 2016، بعد أن تجاوز سعر صرف الشيكل أمام الدولار حاجز 3.93، في ثاني أيام عملية "طوفان الأقصى".
وأدى هذا التراجع لتدخل عاجل من البنك المركزي الإسرائيلي لتدارك أي ارتفاع محتمل للأسعار المستوردة، وذلك عبر أدوات السياسة النقدية بضخ 30 مليار دولار من احتياطياته في السوق المحلي.
وأشار محرر شؤون الاقتصاد والهايتك في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية سيمي سبولتر، إلى أن البنك المركزي يدرس إمكانية رفع أسعار الفائدة بنحو ربع نقطة من 4.75% لتصل لـ5% حتى يتجاوز أي تأثير لانهيار العملة.
ويمثل انهيار الشيكل أمام الدولار واحداً من أهم مؤشرات انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية، ما يعني أن الشيكل فقد جزءاً كبيراً من قيمته الشرائية، وقد يترتب على ذلك موجة حادة من ارتفاع الأسعار وبداية دخول الاقتصاد في مرحلة حرجة من التضخم وفقدان السيطرة على الأسعار.
أيضاً سيتسبب انخفاض قيمة عملة الاحتلال الإسرائيلي في دخول الدولة في أزمات مع النقابات والقطاعات التشغيلية بسبب المطالبة بزيادة في مستوى الأجور، نتيجة التضخم المتوقع أن تعيشه البلاد.
وبالنظر لما تعانيه إسرائيل من موجة تضخم حادة قبل بدء معركة "طوفان الأقصى"، وتحديداً في سوق العقارات والسلع المستوردة من الخارج، فإن إسرائيل ستكون مقبلة على موجة أكثر حدة من التضخم.
ونظراً للتكلفة المباشرة للعملية العسكرية الإسرائيلية والتعويضات التي تتحملها الحكومة لصالح من تعتبرهم متضررين من معركة حماس، ما يعني عجزاً إضافياً في ميزانية الدولة للأعوام القادمة.
تراجع العملة وارتفاع معدل التضخم سيؤثر بشكل مباشر على الوضعية الاجتماعية للإسرائيليين، الذين كان عدد كبير منهم يفكر في الهجرة إلى دول أوروبا وأمريكا، وأصبحوا يسعون وراء جوازات سفر أجنبية والسبب فشل الحكومة في إيجاد حل مع الفلسطينيين.
يُظهر الفحص الذي أجرته الجهات الإسرائيلية مع السفارات الأجنبية وشركات المحاماة العاملة في هذا المجال أنه منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني 2022 عقب إعلان نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، حصلت زيادة كبيرة في عدد الطلبات الإسرائيلية المقدمة للحصول على جنسية دول الاتحاد الأوروبي.
استدعاء احتياطي الجيش سيثقل الميزانية
وأعلن الأدميرال دانيال هاجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أنه تم الانتهاء من استدعاء 300 ألف من قوات الاحتياط في ضوء الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية لتوسيع الحرب الدائرة في غزة، وهؤلاء الجنود لن يكون عملهم تطوعياً.
ويمثل هذا العدد نحو 50% من إجمالي قوات الاحتياط البالغة نحو 600 ألف، أي أن الدولة دخلت في مرحلة من التعبئة العامة، ستكون لها آثارها الاقتصادية والمالية على الدولة في المستقبل القريب.
وحسب أرقام قدمها تقرير للإذاعة العبرية في حرب العصف المأكول التي شنت على غزة في عام 2014، فإن تكلفة استدعاء جندي واحد من الاحتياط تقدر بنحو 129 دولاراً، تشمل تكلفة رواتب ونفقات الغذاء والتشغيل اليومي.
ومن المفروض أن تتحمل دولة الاحتلال حالياً ميزانية جديدة متعلقة بـ300 ألف جندي احتياط تم استدعاؤهم في وضع الطوارئ الذي أعلنت عنه، والذي سيُكلفها نحو 40 مليون دولار يومياً.
ماذا يعني إلغاء الرحلات الجوية؟
أظهرت بيانات لحركة الطيران في مطار "بن غوريون" بتل أبيب، الإثنين 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن إسرائيل وشركات الطيران الدولية اضطرت إلى إلغاء مئات الرحلات الجوية من وإلى مطار بن غوريون في تل أبيب.
وتُظهر البيانات أن سلطات مطار بن غوريون ألغت 228 رحلة جوية كان مقرراً مغادرتها المطار، وفي يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحده، وهو يوم بدء عملية "طوفان الأقصى"، ألغت إسرائيل 18 رحلة جوية إلى مدن عدة حول العالم.
وليست الرحلات التي كانت ستُغادر إسرائيل فقط التي تم إلغاؤها، بل تم إلغاء حتى الرحلات الجوية التي كان من المتوقع أن تصل إلى إسرائيل من دول أخرى، كما تم إلغاء حجوزات الفنادق والمراكز السياحية داخل أراضي الاحتلال.
أظهرت البيانات أن 229 رحلة كان مقرراً وصولها إلى مطار بن غوريون، قد تم إلغاؤها منذ يوم 7 حتى 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتظهر البيانات أنه في يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم إلغاء 9 رحلات إلى مطار بن غوريون.
وظهرت ارتدادات إغلاق مطار بن غوريون سريعاً، فقد أعلنت شركة "إنفيديا"، أكبر شركة في العالم لتصنيع الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والرسومات الحاسوبية، أنها ألغت قمة الذكاء الاصطناعي التي كان من المقرر عقدها في تل أبيب الأسبوع المقبل، إذ كان من المقرر أن يتحدث الرئيس التنفيذي للشركة جنسن هوانغ في هذا المؤتمر.
ويمثل قطاع السياحة واحداً من أهم القطاعات التشغيلية والخدماتية في إسرائيل، وقد سجل القطاع السياحي في الأشهر الأخير تحسناً ملحوظاً في عدد السياح الوافدين من الخارج بعد سنوات من الركود، إذ سجل عام 2022 نحو 2.67 مليون سائح، مقارنة بـ397 ألفاً لعام 2021، و831 ألفاً لعام 2020.
انهيار غير مسبوق في البورصة
على صعيد سوق المال والبورصة، تراجع مؤشر الأسهم القيادية TA-35 بنسبة 6.4%، ومؤشر TA-125 بنسبة 6.6%، ومؤشر 90 TA-بنسبة 7.8%، أما على صعيد مؤشر العقارات فقد سجل تراجعاً بنسبة 9.4%، ومؤشر البنوك تراجع بنسبة 8.7%.
فيما تجاوزت خسائر البورصة لليوم الثاني لمعركة "طوفان الأقصى" 16 مليار دولار، وعن القطاعات الأكثر تضرراً من هذه الخسائر، فقد تكبد قطاع التكنولوجيا خسائر بنحو 2.2 مليار دولار، وقطاع العقارات بنحو 4.1 مليار دولار، وقطاع التمويل بنحو 5.1 مليار دولار، بينما سجل بنك لئومي أكبر البنوك الإسرائيلية خسائر بنحو 9%.
بينما شهدت بورصة تل أبيب تأخراً عن موعد الافتتاح صباح الاثنين لمدة 10 دقائق، بسبب الانخفاض الكبير قبل التداول، وبحسب قواعد البورصة في التداول المستمر، إذا انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 8%، يكون هناك توقف لمدة نصف ساعة، يتم بعدها استئناف التداول، وإذا استمر المؤشر في الانخفاض بنسبة 12% بعد الاستئناف، يتم إيقاف التداول حتى نهاية اليوم بقرار من الرئيس التنفيذي للبورصة.
يمثل أداء البورصة الإسرائيلية واحداً من أهم مؤشرات الأداء الاقتصادي في إسرائيل، إذ تمثل بورصة تل أبيب نحو 40% من حجم الاقتصاد الإسرائيلي، وتتجاوز القيمة السوقية للشركات المدرجة بالبورصة نحو 221 مليار دولار، منها 133 مليار دولار لأكبر 35 شركة تتركز بشكل أساسي في قطاع الهايتك والتكنولوجيا فائقة الدقة.
ثابت أبو الروس، الأكاديمي المختص في الشؤون الاقتصادية، قال لـ"عربي بوست" إن الحرب المفاجئة التي شنتها حماس أظهرت عجز الاحتلال عن إدارة حالة الطوارئ الاقتصادية، لذلك بتنا نشاهد تخبطاً وتناقضاً في الكثير من القرارات ذات الشأن الاقتصادي.
وأضاف أن ما ظهر في مؤشر البورصة يشير إلى إمكانية أن تشهد دولة الاحتلال عزوفاً في الكثير من الاستثمارات الأجنبية، وهروباً لرؤوس الأموال للخارج، ما سيضاعف من الضغط الواقع على الحكومة وقد يعرضها لضغط شعبي بسبب ارتفاع معدلات التضخم.
تعطل الاقتصاد الإسرائيلي في الجنوب
لليوم الثالث على التوالي فرضت معركة كتائب القسام إغلاقاً شاملاً للقطاعات الاقتصادية والتشغيلية جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى أن يفرض حالة الطوارئ تمتد حتى 80 كيلومتراً من حدود غزة وحتى مناطق المركز.
هذا القرار يعني أن مناطق الثقل الاقتصادي والصناعي والزراعي في إسرائيل قد تعطلت بصورة كاملة، إذ تسهم مناطق كعسقلان، وبئر السبع، وغلاف غزة، بنحو ثلث الاقتصاد الإسرائيلي.
وتعتبر هذه المناطق هي المسؤولة عن 50% من حجم القوى العاملة والتوظيفية في إسرائيل، إضافة لكونها مناطق ذات وزن اقتصادي وتجاري مهم بسبب وجود موانئ وخطوط نقل تجاري تربط دولة الاحتلال بالممرات البحرية مع باقي دول العالم.
كما تعطلت حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون بسبب فرض المقاومة لطوق أمني وصل لحدود 100 كيلومتر، ما تسبب بوقف 350 رحلة جوية يومية من وإلى إسرائيل كانت تمر مطار بن غوريون.
المصدر: عربي بوست