وقد توصل الى هذا الرقم كبير الاقتصاديين في معهد راند دانيال إيغل، الذي علّل في مقال له الأسباب التي دفعته الى هذا التقدير. مبيناً بأن التكاليف الاقتصادية لما وصفه بـ"هذا العنف"، يمكن أن تجعل إسرائيل تخسر حوالي 400 مليار دولار في النشاط الاقتصادي على مدار العقد المقبل. مضيفاً بأن تل أبيب ستكون بحاجة إلى دعم خارجي للتعافي ومنظراً بأنها يجب أن تكون بالتزامن مع حل سياسي طويل الأجل. وبيّن إيغل في مقاله الأمور التالية:
_الخسائر الإسرائيليّة التي تقدّر بمبلغ 400 مليار دولار تعتمد على تحليل راند لعام 2015 لـ "انتفاضة عنيفة" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو أحد السيناريوهات الخمسة التي نظر فيها الكاتب مع باحثين آخرين.
_الرقم الجديد أكبر بكثير من غيره، بما في ذلك تقدير 51 مليار دولار المنسوب إلى وزارة المالية الإسرائيلية، وذلك لأنه بناءً على تجربة الانتفاضة الثانية، يفترض بأن الأزمة الاقتصادية قد تستمر حتى أربع سنوات.
_بالنسبة للكيان، ستأتي 90 في المائة من الصدمة الاقتصادية من الآثار غير المباشرة: انخفاض الاستثمار، وسوق العمل المعطل، وبطء نمو الإنتاجية. مشدّداً على أن تفاصيل الأزمة الحالية، ستختلف عن نموذجهم وما حصل في الماضي. لكن مناخ الاستثمار الضعيف بالفعل، إلى جانب اضطرابات سوق العمل الناجمة عن التعبئة العسكرية الاسرائيلية، يشير إلى أن الانكماش الاقتصادي القادم الذي من المرجح أن يتبع معالم نموذجهم.
_العمود الفقري للتعافي الاقتصادي سيكون من خلال اعتراف من وصفهم بجيران إسرائيل بها. معللاً ذلك بأن الاعتراف الدولي الكامل سيوفر لإسرائيل فرصة اقتصادية لضمان النمو في السنوات القادمة. وهذا ما تبيّن له من خلال تحليل راند لاتفاقات ابراهام 2020، التي أدت الى تطبيع علاقات الكيان الدبلوماسية مع البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة وغيرهم، بشكل أظهر بأن "أرباح السلام" يمكن أن تخلق مليارات الدولارات في النشاط الاقتصادي لإسرائيل.
إسرائيل تتلقى ضربات اقتصادية قاسية
ومؤخراُ، تلقت إسرائيل ضربات اقتصادية قاسية، تجعل من تقديرات معهد راند منطقية جداً. فمنذ أيام خفّضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للكيان الاحتلال درجة واحدة من A1 إلى A2، بسبب تأثير العدوان الأمريكي الإسرائيلي المستمرّ على قطاع غزة، بالإضافة إلى مخاطر تصاعد الصراع مع حزب الله، متوقعةً ارتفاع أعباء الدين في كيان الاحتلال عن توقعات ما قبل الحرب. كما أوضحت موديز في بيانها بأن هذه الأوضاع ستزيد احتمالات التأثير السلبي الكبير على الاقتصاد الإسرائيلي، كما ستزيد المخاطر السياسيّة، بشكل يُضعف أيضاً مؤسّسات الكيان التنفيذيّة والتشريعيّة وقوّته الماليّة في المستقبل المنظور. وعليه سينعكس هذا التراجع في التصنيف الائتماني - الذي من الممكن أن يتراجع أكثر في المستقبل - على قدرة الكيان في الحصول على القروض بشروط أفضل وكلفة أقل لتمويل حربه وتعويض خسائره.
وعليه يتأكد يوماً بعد يوم دقّة ما قاله قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي في الأيام الأولى لما بعد عملية طوفان الأقصى، أن كيان الاحتلال الإسرائيلي تلقى ضربة قاسية لن يتمكن من ترميم تداعياتها، وأن ذلك سيظهر أكثر فأكثر وبشكل جليّ بعد انتهاء المعركة.
المصدر: الجزيرة