مطالب حقوقية لبريطانيا بمناصرة حقوق الإنسان في السعودية
منظمة القسط لحقوق الإنسان نشرت ورقة موقف تحت عنوان “لمسة ناعمة؟ حقوق الإنسان والعلاقات السعودية البريطانية”، تطالب فيها بريطانيا بمناصرة حقوق الإنسان في علاقتها القريبة بالسعودية.
Table of Contents (Show / Hide)
وتستكشف الورقة، المقرر نشرها في فعالية برلمانية، العلاقات البريطانية-السعودية بمختلف أبعادها التجارية والدبلوماسية والأمنية، واحتمالية توظيف هذه الأبعاد لأجل حقوق الإنسان.
وأكدت الورقة أن ما تدعيه الحكومة البريطانية من توفير هذه العلاقة مساحة لنقاش “صريح” حول حقوق الإنسان، يقابله عزوفٌ عن مقاربة المسائل الحقوقية علنيًّا، ما يحد القدرة على التحقق في مصداقيتها.
وتسهب الورقة في شرح فشل الحكومات البريطانية المتتالية في إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والتزام الشفافية في علاقتها بالقيادة في الرياض.
ومع اشتداد وتيرة القمع في السعودية، دعت منظمة القسط بريطانيا إلى استخدام هذه العلاقات القوية للتقدم بحقوق الإنسان.
وحثت القسط في ورقتها الحكومة البريطانية على الاستجابة الإيجابية للدعوات البرلمانية المطالبة بممارسة ضغط حازم على الأقران السعوديين في المحادثات العلنية والخاصة معهم لدفع السلطات السعودية لاحترام حقوق الإنسان وتكريسها ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكها.
وذلك بإجراءات ثنائية مثل إنزال العقوبات بحقّ ولي العهد محمد بن سلمان بموجب نظام العقوبات العالمي البريطاني المعني بحقوق الإنسان، وخطوات دولية مثل دعم مقترحات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتأسيس آلية رقابية أممية للرصد والاستشارة حول حقوق الإنسان في السعودية.
ولدى بريطانيا تاريخ طويل في توفير المعونة الأمنية والقانونية والعسكرية للسعودية، استفاد منها الجيش والشرطة والحرس الوطني، وشملت برامج بناء الطاقات.
مثل صندوق الخليج الاستراتيجي، الذي لم ترفع السرية عن أغلب تفاصيله، وفي حين تدعي الحكومة البريطانية أن هذه البرامج تمكنها من الدفع باتجاه تحسينات حقوقية، تكشف الأدلة الدارجة في ورقة القسط عكس ذلك.
ولهذا دعت منظمة القسط للشفافية التامة في كافة برامج الدعم المؤسسي البريطاني، بما في ذلك مذكرات التفاهم مع وزارة الداخلية السعودية حول التعاون القضائي، وتدعو لمراجعة كافة اتفاقيات المعونة مع السعودية لضمان امتثالها لحقوق الإنسان.
وقالت إنّ البيانات التي تقدمها الحكومة البريطانية حول حقوق الإنسان متأثرة عادة باعتبارات أخرى، مثل مبيعات الأسلحة، فحوالي 40 بالمئة من صادرات الأسلحة البريطانية تتجه إلى السعودية.
ومنذ بداية حملة القصف الجوي التي قادتها السعودية في اليمن عام 2015 باستخدام مباشر لأسلحة صنعتها بريطانيا ووفرتها لها، ومع وفرة الأدلة على انتهاكات القانون الإنساني الدولي، تزايدت الأسئلة وكثرت حول كمية صادرات الأسلحة وقانونيتها وانعدام شفافيتها.
وأكدت أنه على بريطانيا مراجعة تنفيذها لمعايير رخص التصدير بهدف التوضيب، وإنهاء بيع الأسلحة لكافة أعضاء التحالف بقيادة السعودية.
وفي ضوء الأدلة الوافرة على استخدام السلطات السعودية للتقنيات الرقابية لاستهداف النشطاء السلميين، وأبرزها برمجيات “بيغاسوس” التي وفرتها الشركة الإسرائيلية (NSO group)، على بريطانيا وقف بيع كافة التقنيات من هذا النوع ووضع (NSO group) في لائحة سوداء.
ظلّ الدعم البريطاني للتحالف بقيادة السعودية عنصرًا حيويًّا لاستمرار الحرب في اليمن، التي تعدّ أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ما يستلزم على بريطانيا المسارعة بدعم آليات الأمم المتحدة لأجل تحقيق العدالة.
والمبادرة باستخدام دورها القيادي في اليمن في مجلس الأمن للبناء على نتائج الهدنة الأخيرة، والضغط لأجل وقف دائم لإطلاق النار، وإعادة تفعيل معونتها السابقة إلى اليمن التي قلصت بمقدار 60% في مارس 2021.
وقد تغيرت أولويات بريطانيا منذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، وخروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث سعت إلى إقامة اتفاقيات تجارية ثنائية في أنحاء العالم وتأمين إمدادات الطاقة.
وفي هذا الصدد عليها النصّ على التزامات واضحة بحكم القانون وحقوق الإنسان في أهداف كافة الاتفاقيات التي تتفاوض حولها مع السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي.
ويواصل صندوق الاستثمارات العامة السعودي شراء حصص كبيرة من الأسهم في شركات ومشاريع بريطانية، بل ومؤسسات إعلامية ومؤسسات رياضية مثل نادي نيوكاسل يونايتد.
وهو ما يخدم حملة السلطات الدعائية الهادفة للتعتيم على سجلها الحقوقي الفظيع، ولهذا لا بد من أن تستخدم الحكومة البريطانية قانون الأمن القومي والاستثمار (2021) الجديد للتدقيق في الصفقات المقلقة وحجبها إن استلزم الأمر.
ومما تبينه الورقة هو تأثر السلطات السعودية بالضغط الدولي حينما يطبق بحزم، ما قد يؤدي إلى تنازلات حقوقية ملموسة، وبالمقابل حين يخف الضغط الخارجي تعود السلطات إلى نهجها القمعي السابق لإفلاتها من العقوبة كما شهدنا في الشهور الأخيرة.
فقد كانت زيارة بوريس جونسون للسعودية في شهر مارس حينما كان رئيسًا للوزراء خطوة مهمة في إعادة التأهيل الدبلوماسي لولي العهد محمد بن سلمان بعد شهور عديدة من التجميد إثر قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بتخطيط من الدولة في أكتوبر 2018، فتلتها زيارة في يوليو 2022 قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ومنذئذ تجددت وتيرة القمع وانتعشت مستهدفةً حرية التعبير في البلاد بسلسلة من أحكام السجن المطولة أصدرت بحق نشطاء سلميين على شبكات التواصل الاجتماعي، بعضها بلغ 50 سنةً، ومنها الحكم بالسجن لمدة 34 على طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز سلمى الشهاب.
علقت رئيسة قسم الدعم في القسط جوليا ليغنر: “بصفة بريطانيا حليفًا قريبًا للسعودية، لديها نفوذ دبلوماسي معتبر يمكنها توظيفه للضغط على السلطات السعودية فيما يتعلق بالشواغل الحقوقية، وما يمكن لبريطانيا وعليها فعله، علانيةً، وحدها ومع أطراف أخرى، ليس بالأمر القليل: من الدعم العلني للمدافعين السعوديين عن حقوق الإنسان وحتى إيقاف بيع الأسلحة وبرمجيات التجسس للسعودية، وذلك سيتقدم بالقيم البريطانية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وكذلك بمصالح بريطانيا على المدى الطويل”.